البكاء على غرناطة

م. محمد عبد القادر الفقى ـ القاهرة

حينما انهزمت جيوش أبى عبد الله آخر ملوك غرناطة ، عاد إلى أمه باكياً، يشكو إليها ضياع ملكه وانتصار النصارى فقالت له كلمتها المشهورة التى ما زالت تدوى فى آذان الدهر : ( ابك مثل النساء مُلكاً مُضاعاً .. لم تحافظ عليه مثل الرجال ) وها نحن أولاء اليوم نبكى "غرناطات" أخرى.

أبـكِ  مـثـل الـنـسـاءِ مُلكاً iiأُضيعا
وَطَـنٌ  لـم يَـزُدْ رجـالُـك iiعـنـهُ
كـلّ  مـا قـد بـنـاهُ كـلُّ iiجـدودى
سـنـواتٌ مـن الـبـطـولاتِ iiتُمحى
لـسـتَ مـنـى ولـسـتَ قطُّ iiوليدى
قـد  زرعـتَ الأسـى بـقـلبى iiجبالاً
وأبـكِ مـثـل الـنـساء والطُمْ iiخدوداً
فـى  فـؤادى مـن الـلـظى iiزفراتٌ
وبـعـيـنـىّ مـن سـوادِ iiانـسحاقى
أيـن  بـتـى ؟ مـرابعى؟ ذكرياتى ii؟
لا أرى فـى الـسـمـاء إلا iiظـلامـاً
فـيـلـقُ  الـشـر قـد رمـانا iiبسهمٍ
فـالـثـغـورُ الـتـى تـحـدُّ iiبلادى
والـحـصـونُ الـتـى سقاها iiجدودى
والـجـهـادُ  الـذى بـه عـزَّ iiقومى
وإذا الأرضُ لـم تـصُـنْـهـا iiأُسُـودٌ
فـابـكِ مـا شـئـت أنـهراً من دماءٍ
سـوف  أحـيـا أسـيـرةً يـا لبؤسى
لـيـتـنـى مـتّ قـبـل هـذا iiفإنى
*                 *                 ii*
عـشـتَ أعـمـى مُسربلاً فى الخطايا
غـارقـاً  فـى غـيـاهبِ الذات حتى
لـم  تـعِ الـنـصحَ أو دروسَ iiالليالى
والـعـقِ  الـذلَّ فـى الـحـياة iiوَمْيتاً
لـم تـكـن حـاكـمـاً تـقـياً iiوعدلاً
لـسـتَ مـنِّـى ولـست إنسانَ iiعينى
عَـمَـلٌ  غـيـرُ صـالح فامضِ عنِّى
وابـكِ مـثـلَ الـنـساءِ واطلبْ iiأماناً
إنَّ  أرضـاً شـرارُهـا iiأفـسـدوهـا
وبـلاداً أخـيـارُهـا لـم iiيـسـوسُوا
قـف  بـغـرنـاطـةٍ وراقـبْ iiأساها
الـمـنـاراتُ  قـد عـلاها iiالنصارى
روَّعـونـا  وطـاردونـا iiوجـاسُـوا
كــلُّ  أحـلامِـنـا سـرابٌ iiووهـمٌ
وصـراخُ الـنـسـاءِ iiمـغـتـصباتٍ
يـا  لأغـراضـنـا تـصـير iiمَشاعاً
فـصـغـارُ الـمـهـا أُريـقتْ iiدماها
والـمـحـاريـبُ أصـبحتْ iiصامتاتٍ
فـابـكِ مـثـل الـنـساء مُلكاً iiأُضيعا
وَلِـىَ  الله .. حـكْـمُـهُ فـىِّ مـاضٍ







































أنـت أهـمـلـتـه فـأضحى iiصريعاً
بـل  قـواريـرُ قـد عـشقنَ iiالخنوعا
دُكّ واحـسـرتـاه ، دكّـاً iiمـريـعـاً
كيف تثمحى؟ أأنت صرتَ خريعا (1) ؟
كيف  أرضى .. أنا .. وليداً جزوعا ii؟!
فـاحـصـد  الـيـوم مُـرَّهُ والّـريعا
وانـتـظـر طـعـنـةً تمجُّ النَّجيعا ii!
لَـفْـحُـحـهـا  حارقٌ يُذيبُ الضلوعا
مـا سـيـذكـى الـبياضَ فيها iiسريعاً
أيـن مـلـكٌ بـناه "صقرٌ" بديعا (2) ؟
لا  أرى فـى الـديـار إلا iiصُـدوعـاً
غـارَ فـى الـعظم واستطاب iiالهجوعا
خـيـلُـهـا  أدبـرتْ وفَّـرت iiجميعاً
مـن دم الـمـسـكِ قد أُذيقتْ iiخضوعاً
صـوتـهُ تـاهَ لـم يُـصـادِفْ iiسميعا
أنـبـتـتْ  ذلـةً وعـاراً iiفـظـيـعاً
لـن يُـحـيـل الـبُـكا خريفى iiربيعا
وسـألـقـى الـغـداة ذلاً iiوجـيـعـاً
لـن أُطـيـقَ الـصليبَ يوماً iiضجيعا!
*                 *                 ii*
لاهـيـاً فـاسـقـاً خـنـوعاً iiوضيعا
داهـم  الـمـوتُ فى الصِّباح iiالجموعا
فـاجـنِ  مـا قـد زرعتَ نصلاً وقيعا
وتـلـق الـهـجـاء سُـمـاً نـقـيعا
لـم  تـكـن فى الوغى صبوراً iiشجيعا
فـانـتـظـر مِـفْـصَلاً وموتاً iiفجوعا
واشـهـد الـكـفـرَ إذ يـقيم iiالنّطُوعا
لـن تـراهُ ولـن يـحـلَّ iiالـربـوعا
كـيـف يـجنى الرِّعاعُ منها زروعا ii؟
كـيـف  تضحى  الغداة حصناً منيعاً ii؟
كـيـف سـيـق السِّراةُ فيها قطيعا ii؟!
وأزالـوا جـذوعَـهـا iiوالـفـروعـا
فـى  حـمـانـا ولـم يراعُوا iiرضيعاً
فـقـيـام  الـجـنـودِ أضحى iiركوعاً
لـم  يَـعُـدْ وقـعُـه يـلاقـى iiشـفيا
لـذئـاب الـعـدا دعـاةِ iiيـسـوعـا
وكـهـولُ  الـظِّـبـاء تـبكى iiالتبيعا
والـروابـى  تـئـنُّ تـهـمى iiدموعاً
وبـلاداً عـبـيـرُهـا لـن iiيـضوعا
وعـلـى الـعـبـدِ أن يـكون iiمطيعاً

               

1)    إشارة إلى عبد الرحمن الداخل (صقر قريش)

2)    الخرع والخريع : الضعيف