البكاء على غرناطة
30تشرين12010
م. محمد الفقى
م. محمد عبد القادر الفقى ـ القاهرة
حينما انهزمت جيوش أبى عبد الله آخر ملوك غرناطة ، عاد إلى أمه باكياً، يشكو إليها ضياع ملكه وانتصار النصارى فقالت له كلمتها المشهورة التى ما زالت تدوى فى آذان الدهر : ( ابك مثل النساء مُلكاً مُضاعاً .. لم تحافظ عليه مثل الرجال ) وها نحن أولاء اليوم نبكى "غرناطات" أخرى.
أبـكِ مـثـل الـنـسـاءِ مُلكاً وَطَـنٌ لـم يَـزُدْ رجـالُـك عـنـهُ كـلّ مـا قـد بـنـاهُ كـلُّ جـدودى سـنـواتٌ مـن الـبـطـولاتِ تُمحى لـسـتَ مـنـى ولـسـتَ قطُّ وليدى قـد زرعـتَ الأسـى بـقـلبى جبالاً وأبـكِ مـثـل الـنـساء والطُمْ خدوداً فـى فـؤادى مـن الـلـظى زفراتٌ وبـعـيـنـىّ مـن سـوادِ انـسحاقى أيـن بـتـى ؟ مـرابعى؟ ذكرياتى ؟ لا أرى فـى الـسـمـاء إلا ظـلامـاً فـيـلـقُ الـشـر قـد رمـانا بسهمٍ فـالـثـغـورُ الـتـى تـحـدُّ بلادى والـحـصـونُ الـتـى سقاها جدودى والـجـهـادُ الـذى بـه عـزَّ قومى وإذا الأرضُ لـم تـصُـنْـهـا أُسُـودٌ فـابـكِ مـا شـئـت أنـهراً من دماءٍ سـوف أحـيـا أسـيـرةً يـا لبؤسى لـيـتـنـى مـتّ قـبـل هـذا فإنى * * * عـشـتَ أعـمـى مُسربلاً فى الخطايا غـارقـاً فـى غـيـاهبِ الذات حتى لـم تـعِ الـنـصحَ أو دروسَ الليالى والـعـقِ الـذلَّ فـى الـحـياة وَمْيتاً لـم تـكـن حـاكـمـاً تـقـياً وعدلاً لـسـتَ مـنِّـى ولـست إنسانَ عينى عَـمَـلٌ غـيـرُ صـالح فامضِ عنِّى وابـكِ مـثـلَ الـنـساءِ واطلبْ أماناً إنَّ أرضـاً شـرارُهـا أفـسـدوهـا وبـلاداً أخـيـارُهـا لـم يـسـوسُوا قـف بـغـرنـاطـةٍ وراقـبْ أساها الـمـنـاراتُ قـد عـلاها النصارى روَّعـونـا وطـاردونـا وجـاسُـوا كــلُّ أحـلامِـنـا سـرابٌ ووهـمٌ وصـراخُ الـنـسـاءِ مـغـتـصباتٍ يـا لأغـراضـنـا تـصـير مَشاعاً فـصـغـارُ الـمـهـا أُريـقتْ دماها والـمـحـاريـبُ أصـبحتْ صامتاتٍ فـابـكِ مـثـل الـنـساء مُلكاً أُضيعا وَلِـىَ الله .. حـكْـمُـهُ فـىِّ مـاضٍ | أُضيعاأنـت أهـمـلـتـه فـأضحى بـل قـواريـرُ قـد عـشقنَ الخنوعا دُكّ واحـسـرتـاه ، دكّـاً مـريـعـاً كيف تثمحى؟ أأنت صرتَ خريعا (1) ؟ كيف أرضى .. أنا .. وليداً جزوعا ؟! فـاحـصـد الـيـوم مُـرَّهُ والّـريعا وانـتـظـر طـعـنـةً تمجُّ النَّجيعا ! لَـفْـحُـحـهـا حارقٌ يُذيبُ الضلوعا مـا سـيـذكـى الـبياضَ فيها سريعاً أيـن مـلـكٌ بـناه "صقرٌ" بديعا (2) ؟ لا أرى فـى الـديـار إلا صُـدوعـاً غـارَ فـى الـعظم واستطاب الهجوعا خـيـلُـهـا أدبـرتْ وفَّـرت جميعاً مـن دم الـمـسـكِ قد أُذيقتْ خضوعاً صـوتـهُ تـاهَ لـم يُـصـادِفْ سميعا أنـبـتـتْ ذلـةً وعـاراً فـظـيـعاً لـن يُـحـيـل الـبُـكا خريفى ربيعا وسـألـقـى الـغـداة ذلاً وجـيـعـاً لـن أُطـيـقَ الـصليبَ يوماً ضجيعا! * * * لاهـيـاً فـاسـقـاً خـنـوعاً وضيعا داهـم الـمـوتُ فى الصِّباح الجموعا فـاجـنِ مـا قـد زرعتَ نصلاً وقيعا وتـلـق الـهـجـاء سُـمـاً نـقـيعا لـم تـكـن فى الوغى صبوراً شجيعا فـانـتـظـر مِـفْـصَلاً وموتاً فجوعا واشـهـد الـكـفـرَ إذ يـقيم النّطُوعا لـن تـراهُ ولـن يـحـلَّ الـربـوعا كـيـف يـجنى الرِّعاعُ منها زروعا ؟ كـيـف تضحى الغداة حصناً منيعاً ؟ كـيـف سـيـق السِّراةُ فيها قطيعا ؟! وأزالـوا جـذوعَـهـا والـفـروعـا فـى حـمـانـا ولـم يراعُوا رضيعاً فـقـيـام الـجـنـودِ أضحى ركوعاً لـم يَـعُـدْ وقـعُـه يـلاقـى شـفيا لـذئـاب الـعـدا دعـاةِ يـسـوعـا وكـهـولُ الـظِّـبـاء تـبكى التبيعا والـروابـى تـئـنُّ تـهـمى دموعاً وبـلاداً عـبـيـرُهـا لـن يـضوعا وعـلـى الـعـبـدِ أن يـكون مطيعاً | صريعاً
1) إشارة إلى عبد الرحمن الداخل (صقر قريش)
2) الخرع والخريع : الضعيف