مناجاة الحبيب في محراب الاغتراب

مناجاة الحبيب في محراب الاغتراب

علاء الجوادي

مجموعة من خمس قصائد من ديوان قيثارة اللحن الحزين للسيد علاء الجوادي:

وانت الجميل وانت الجمال....رحلة العاشق إلى جرف المحبوب....

اموت بلوعتي لو غاب عني....قيثارتي صدري واوتارها....من سكون العدم لجارف الألم

القصيدة الاولى

وانت الجميل وانت الجمال

 SHAPE  * MERGEFORMAT

مباشرة بعد افاقته من التخدير (باللهجة العراقية البنج) بعد عملية جراحية اجريت لعينه وهو يعاني اشد انواع الالم في عينه اليمنى ويكاد يختنق منه وهو مشدود العين بعصابة محكمة الاغلاق. فاتجه لربه مسبحا وكأنه وهو غائب عن الوعي كان يفكر في خالقه العظيم ويناجيه. وكانت تجلس زوجته الحبيبة ام اولاده وبناته الى جواره فاخذت القلم والورقة وسجلت تسبيحاته التي تقول:

وانت الجميل وانت الجمال

وانت الوجود وانت الكمال

وانت العلو وانت الجلال

ونجواك في الليل اسمى المنال

اليك اليك علي الخصال

توجه قلبي وللناس قال:

سحقت وجودي لكي ما انال

بحب حبيبي كمال المآل

ومنه اتينا نقاوي المحال

ومنه رجعنا لعين الزلال

له المجد والوجد والابتهال

ومنه البداية والانتقال

وتطوي المسير القرون الطوال

لبيت البداية بعد الفصال

الا فأسمعوا يا عبيد الضلال

عليه اتيه بارقى دلال

وقد قال لي: آن وقت الوصال

تعالى الينا تعال تعال

وكتبت زوجتي العلوية انعام الحكيم في نهاية هذه القصيدة: يوم السبت 21/8/2010 وزوجي سيد علاء يعاني الآما رهيبة لكنه كان ذائبا في مناجات ربه والشعر ينساب من لسانه وانا اكتب بسرعة ما ينظم وصادف ذلك يوم العاشر من رمضان سنة 1431 ه. وعندما اكمل نظمه غرق في نوم عميق رغم الالام.

القصيدة الثانية

رحلة العاشق إلى جرف المحبوب

العاشق الغائب في كهفه

وقلبه الهائم في رفه

الوسن الغارق في عينه

يصارع النقر على دفه

العطر والريحان في ثغره

والأس والنسرين في كفه

والنغم الخالد في أذنه

والوتر القدسي في عزفه

والمسك والعنبر في نحره

والنفس المكبوت في انفه

مختنق الصدر بآه الهوى

في ناره ضاع وفي عصفه

يسمو إلى عالم أماله

فيجذب المجد إلى صفه

النور في غرته مشرقاً

طلعته تشع من لطفه

يشدو التياعاً صاغ إحساسه

كالكبد المحروق في جوفه

يشدو كنسم الصبح في رقه

لتنجلي الرحمة في حرفه

آنية المعبد في كفه

بخورها يوقد من عطفه

القائم الروح بمحرابه

والقاطع الأثقال من خلفه

الطائر الذات بمعراجه

يرمق للسدرة من طرفه

بين العمودين رأى نجمةً

قطبية تلف في لفه

تشع من خمسة أطرافها

براقه كانت إلى كشفه

فعانق العاشق أنوارها

من طفها ثار إلى طفه

فالتهمت أفواه أسيافهم

أشلائه تشرب من نزفه

عودة الضائع الى اهله

فطار منه الرأس مقطوعة

فارتعب الجلاد من عنفه

فصاح: قد فزت ورب الورى

فمنتهى السير إلى جرفه

فمسه النور بإبداعه

فالتمع الصحو على كتفه

وانطلقت الريم بأفراحه قد

رفع الحاجز عن خشفه

العمودين: هما حدي البداية والنهاية للمسيرة الإنسانية

النجمة: هي الرسول صلوات الله عليه وخمسة أطرافها: الر سول وأهل بيته الأطهار

طفها: هو طف الحسين عليه السلام

الريم: آل الرسول

الخشف: هو ابن الغزال وهي إشارة لرجوع العاشق إلى آبائه الأطهار

بغداد عيد الفطر سنة 1427 ه الموافق 26/10/2006

القصيدة الرابعة

اموت بلوعتي لو غاب عني

من روح دنت فتدلت لتخاطب المستوي على عرش الوجود

قام في ليله فتوضأ بدموعه ليصلي صلاة العاشقين…

واشتدت عليه الالام وظنها الام القلب الحزين…

حان وقت الاذان…فصلى صلاته بيقين…

ولكن الم الشوق تملكه فاخذ يدندن مع نفسه ورد الانين…

اهكذا تعزف قيثارة لحنه الحزين؟؟

قبل طلوع اول خيوط الفجر الصادق…

بحث في الظلام عن حبر ناطق...

ليكتب به الآم شوقه الدافق…

لم يجد غير بقايا قلم لا يكاد يبين...

وورقة قديمة اهملتها ايدي الكاتبين…

فأقتبسه ريشة وقرطاسا من الكروبيين...

وعلى بصيص من نور شمعة الصحو في طور سينين...

كتب كلماته لعالم المحو تحية للمسافرين...

الى الانعتاق في شجرة قاب قوسين...

سفر العنقاء الى اعماق السماء

لتتنفس صافي الضياء مع الاحباء

بعد طويل العناء في معاشرة الغرباء

اموت بلوعتي لو غاب عني

ويسحقني الحنين مع التمني

اذا ما صوته الغرّيد مني

تباعد ما تريد السمعَ اذني

به ذاتي عرفتُ بليل حزني

ومن ابداعه رشحات فني

هو الطرب الاصيل بلا بديلٍ

هو الشعر الجميل هو المغني

هو الحب المشعشع في وجودي

ومن لحظاته عِفْتُ التدني

واني دون لفتته فناءٌ

ومن لمساته حققتُ اني

فصرت اهيم في زمني بنور

وصار معلمي رقصي ولحني

لقد سأم الفؤاد فراق حبٍ

فهل بلقاك قد صدقت ظني؟؟

وما سحر الغواني مس حسي

لاني فيه آمالي........ لاني

وما يرنو الفؤاد لفاتنات

معارٌ عندهن غطاء حُسْنِ

لقد فُتن الغريب بما رآهُ

فطار مودعا وبلا تأني

كأني للحبيب تزف روحي

كأني راحلٌ منها... كأني

لقد طال الفراق فلا تذرني

كفاني جالسا في قعر سجني

اغثني من فراقك يا حبيبي

لاخرج تاركا بيت التجنّي

وانزل قاب قوسيني مثابا

ومن زيتونةٍ للرأس دهني

فتمسحني انامله عروجا

واكشف قصتي دون التَكَنِّي

لندن بتاريخ 19/5/2010

القصيدة الرابعة

قيثارتي صدري واوتارها

تخطيط علاء الجوادي

قيثارتي صدري واوتارها

نياط قلبي وشرايني

فأرفقي لو رُمتِ عزفا بها

وانتِ في طيفيَّ تأتيني

يا زهرة للروح انبتها

فزينت ابهى بساتيني

ومن دموعي كان إرواؤها

وبالرضاب العذب ترويني

في الليل لو نامت عيون الورى

يا اسري خذني تناديني

وضُمَّني في مأمنٍ ما به

الآك بالوصل تناغيني

في حبك الطاغي اعيش الهنا

بحلو اشعارك داويني

فداك نفسي فارسا حالما

وانت في العليا تناجيني

كم ارسلت اعينُهم اسهماً

وتدعي الحب لترضيني

فلم ابالي بدعاوى الهوى

هوانهم طاش ليؤذيني

حتى اذا ما قبسٌ جائني

منك الى قلبي ليهديني

فذبت في امواج ابحاره

امسح من فكري عناويني

فلم اعد الآك يا قبلتي

ومن بقاياي فصفيني

ويا بنات الحي في عرسنا

غننْ بالحان تهنيني

لندن في 6/6/2010

القصيدة الخامسة

من سكون العدم لجارف الألم

هو الأول بلا أول كان قبله والأخر بلا تالٍ له من بعده.

هو رب الأرباب وخالق الأشباه الأضداد

هو هو الذي تاهت العقول في فهم كنه ذاته فعرفته بعطاءاته.

أمر الله العدم فتم خلق الوجود منه وانقسم إلى عوالم متضادة لو التقت لانتهت وخلق الروح من سره وأكرم الكائن الآدمي فنفخ فيه من روحه وجعله خليفته في الكون.

ولان الإنسان خلق من العدم فهو يحن إلى الفناء والعدم ليعود لسكونه الأول الذي كان يلف كل الوجود وهكذا أصبح الهرب من الوجود إلى رب الوجود هو نهاية السعادات عندما يتخلص من الحياة ليروح حفر الظلمات التي ينعتق منها للقاء سيده الذي اجتباه فانا لله وإنا إليه راجعون.

لا علم لنا إلا ما علمتنا يا من وهب الحياة من الموات وجعلت الموت بوابة الحياة. الهي لقد أنكرت انيتي لعلك تلفني برحمتك يا من أخرجتني من السكون هللا منحتني السكون.

بانفصالي عن العدم     صرت في جارف الألم

كن فكنا بأمره عندما مُزق العدم

بانفجار لنقطة   فلت اللهب والحمم

وبدا الكون موجة       وترا يعزف النغم

ومكان زمانه           محدث ما له قدم

وبدا الكون حولنا       لا حدود له تُلم

قبله كان ساكنا ناظرا مطلق الكرم

عالم ضد عالم          هكذا خط بالقلم

بافتراق دوامه          بلقاء سيُصطلم

باضطراب جسومنا     بين لاءٍٍٍ مع النعم

جاءت ابكي لعالمي     وسأمضي بلا قدم

ينشد العَودَ طبعُنا       لقبور من الظلم

ومضينا لحتفنا          أمم بعدها أمم

كل شيء بدونه قل حتى عن الرمم

خلق الروح منعما      وهي سرٌ بها رحم

وبني ادم اجتبى لمقام علا القمم

وابتلينا بذنبنا           فسقطنا من الهرم