أَحِنُّ إلى عهد الشَّباب
د.عدنان علي رضا النحوي
[email protected]
أَحِـنُّ إلـى عَهْدِ الشًّباب ولم يَزَلْ
أَحـنُّ ! ومـا أحـلى الحنينَ فإنَّه
ومـا يُرْجِعُ التحنان عَهْداً مضى بنا
* * *
أَحِـنُّ إلـى عَهْدٍ عَرَفْتُ بِه الهُدى
ونُـوراً ! فَـيَنْزاحُ الظَلامُ وتُجْتَلى
يـعـودُ إلـى مـاضٍ تولّى وعِزَّةٍ
أَحِـنُّ إلـى عـهدٍ مَضى وكأنّني
أحِـنُّ إلـى مـاضٍ تـولّى كأنني
وتـخـتـلـط الأَحداثُ بَيْنَ مَسَرَّةٍ
فـمـا بـين دارٍ قد نأتْ وتَناثرتْ
وبـيـن أمـانٍ فـي النفوس كأنّها
وَيـبْـقـى مع الأيّام حُسْنُ رَجائِنا
رجـاءٌ وآمـالٌ تُـعـيدُ لنا المنى
ونـغـمـض عَمَّا نحن فيه عُيونَنا
ونـجـتَـرُّ مـن أهوائنا كلَّ فِتْنَةٍ
ونَـسْـقُـطُ في دنيا السُّباتِ كأَنّما
لـقـد كـان بـين الناس ودٌّ وأُلفَةٌ
* * *
وكـان رجـالٌ صـالحون تعاهدوا
وكـان مـن النُّّصح الأمين رسالةٌ
فـغـاب مـع الأيام ذلك واختفت
أَحـنُّ إلـى عـهد الشّبابِ , وكلُّه
ويُـرجـعني من غفوةِ الوهْمِ هزَّةٌ
أمـامـيَ ويـلاتٌ تَـزاحَـمُ بَينها
وأنـظُـرُ لـلسَّاحات حَوْلي فكلُّها
وأنْـظـر لـلأفـق الـبعيد كأنَّه
وتـسـأَلُ : مَـنْ أَودى بِعزّة أمّةٍ
وقـد فُـتِـحَتْ كلٌُّ القلاع وهُدِّمِتْ
تـسـلَّـلَ مـنـهـا حاقِدٌ ومنافِقٌ
لـيـنـشُـر لـلإفسادِ شَرَّ منَاهجٍ
ويـنـشـر في كلّ النواحي حِباله
* * *
أحـنّ إلـى عَـهْـدِ الشَّباب لَعَلّني
لـعـلِّيَ أَنْجو مِنْ هَوانٍ أضرَّ بي
ولـولا يـقـينٌ في فُؤَادِيْ ورحمةٌ
تـرانـا عـلـى سـوءٍ يغَيِّبُنا بِهِ
وفُـرْقَـةُ أشـتـاتٍ ونزَعَةُ غُربةٍ
وتـنـتـشـر الآثـام يسقط بينها
نـفـاقٌ تُـغَـطِّـيه زَخَارفُ فِتنةٍ
كـأنّ حـشـودَ الـجاهليّةِ أقْبَلَتْ
وأضـحى على تلك العيونِ غشاوةٌ
عَلَتْ عُصْبَةُ التضليل واشْتدَّ شَأْنُها
كـأنَّ دعـاةَ الـحقِّ غَابُوا وغُيِّبوا
عـلـى وَهَنٍ بينَ النفوسِ وشَهْوةٍ
ومـا كـسـبتْ أيدٍ وضمَّتْهُ أضْلُعُ
أرادوا بـهـا الدنيا فخابَ رجاؤهم
ولا ذكروا الأُخرى ولا ظَلَّ عندهم
وتُـقْـتَـلُ أَسـبَابُ النَّصيحة كُلُّها
وتُـقَْـطَّـعُ أَحْـبـالُ الأُخوّةِ بيننا
* * *
ومـهـما يطلْ عهد الضلال فإنّما
وطـائـفة يَبقى على الحقِّ سَعْيُها
لِـيـبْـقـى مع الأيام للدين جُندُه
يـقـودُهُـمُ حَـقٌ مـن الله ظاهِرٌ
وَسُـنَّـةُ نـهـجٍ مـن نـبيٍّ مُعلِّمٍ
لِـتُـبْـنـى إلـى الدنيا حَقيقَةُ أُمْةٍ
بـريئون من دعوى النفاق وحشده
أشـدّاءُ لا يـثـنـيْهمُ سَطْوُ مُجرِمٍ
ولا عَـصـبـياتُ الجَهالة أنشبتْ
ولاعَـبَـثُ الأَحزابِ مَزَّق صَفَّهمْ
ولاؤُهُـمُ لـلـه صـافٍ مـبَـيّنٌ
وعـهـدُهُـم بالله يُـوفُـون حقه
وحُـبُّـهـم لـلـهِ أَو لـرسـولِهِ
لـقـد تركوا الدنيا وراء ظهورهم
ومـا خـلطوا فيها شعَاراً مُزخرفاً
شِـعـارُهُـمُ الإسْلامُ نهجاً وشِرعةً
فلا فِتنَةُ " التكتيك " أو ثورة الهوى
ولا شَـرُّ " عَـلْمانيَّةٍ " تُفسِدُ المُنى
صـفـاءٌ مع الإيمانِ والعِلْم والهُدى
هَـواهُـمْ صـراطٌ مستقيمٌ وَعزمَةٌ
* * *
هُـم أُمَّـةٌ تـمضى مع الدّهْر كله
نـواةٌ عـلـيها يلْتَقي صَفْوَة التُّقى
هَُـم أُمَّـةٌ مـمـتـدَّةٌ فـي وَلائها
أعـزّاء ! يَـرتَـدُّ الـنِّفاقُ وحَشدُ
* * *
فـلا فـتَـنٌ تَـدنْـو إلـيْهم وإنَّما
ولاءٌ إلـى الـرّحـمن لاشِرْكَ بَيْنَهُ
ولاءٌ هـو الأعـلى وعَهْدٌ يصونه
وحـبُّ رسـول الله حـقٌّ وإنَّـه
فـهـذا هـو الإيمانُ ! هذا سبيلُه
وهـذا هـو الميدانُ والدربُ دونَه
تُـفَـتّـحُ أبـوابٌ من العزِّ بالتُّقى
* * *
فـهـذا سبيل الحقّ ياقومُ فانهضوا
عـلـى خـير نَهج يَستَقيمُ وخُطْةٍ
وكَـمْ مـن حياةٍ تحمل الموت كُلّه
أحـنُّ إلـى عَهْد الشَّبابِ ولم يَزلْ
أحِـنُّ إلـى عَـهْدِ الشّباب فَتُجتَلى
وَنَـلْـجَـأُ لـلرّحمن عَلَّ رَجَاءَناحَـنِـيـنِيَ يَنمُو بالمشيب ويُزْهِرُ
أمـانٍ وأشـواقٌ تـهـيـجُ وتُؤثَرُ
ولـكـنَـه يُْـحْـيِي وفاءً وَينشُرُ
* * *
يُـضـيءُ لنا الدربَ القويمَ فنُبْصِرُ
مَـطَـالـعُ أَغْنى ما تكونُ وأَنضَرُ
تـغـيـبُ ومَجْدٍ في الفؤاد يُصَوَّرُ
أجـولُ على السَّاحات فيه وأخطُرُ
أفِـرُّ مـن الـويلات حَولي وأَنْفرُ
وبـيـن مـآسٍ في الضّلوع تُسَعَّرُ
فـأَطْـبَـقَ بـاغٍ يَـسْتَبيحُ وَيقهَرُ
حـيـاةٌ تـمـدُّ العمر عزماً وتعْمُرُ
وَعَـزْمَـةُ آمـالٍ تُـطلُّ و تُسْفرُ
وتـبـعـث تـاريخاً مضى فيُذكِّرُ
ونَـطـوي على الأَحْنَاء ما يتفجَّرُ
تُـثـارُ ومِـن أَوْهـامِنا ما يُخَدِّرُ
هـو الـموتُ أو شيءٌ أشَدُّ وأخطرُ
وبـعـض وفـاءٍ بـين ذلك يُذكرُ
* * *
عـلـى كلّ خيرٍ في الميادين يُؤثَر
تُـؤَدَّى وفـضـلُ المحسنين يُقدَّرُ
مـعـانٍ وحـلَّ الظنّ يؤذي ويغدِرُ
أمـانٍ وأَحْـلامٌ تَـطـول وَتقصُرُ
لـتَـقْـرَع قَلباً ! هل يُفيقُ وينظر
دمـاءٌ وأشـلاءٌ وهَـوْلٌ مُـقَـدَّرُ
بـقـيّـة أنـقـاضٍ تضِجُّ وتَجْهرُ
مـطـالـعُ سـودٌ من حواليَّ ُتُنذِرُ
ضَلالاً ؟! ومن يوُرِي الأسى ويَفجِّرُ
حصونٌ وغاب الحارسون وأدبَروا
عـدوٌّ لـه مـكْـرٌ أشـدُّ وأخطرُ
بِـكَـيْـدٍ بَـعـيـدٍ في مَداه يُدَمِّرُ
لِـيُـبـدِيَ مـنها ما يشاءُ وَيستُرُ
* * *
أرى فـيه ما يُحيي النفوسَ ويَعمرُ
ومـن ذِلّـةٍ تـطغى علينا وتَعْصرُ
مـن الله لا أقـوى عـليه وأَصْبرُ
ضـجـيـجُ شعاراتٍ تُدَوِّي وتُنكَرُ
وضـيـعـةُ آمـالٍ وشـرٌ مكَدِّرُ
عـبـادٌ عـلـى أوحـالها تتغيّرُ
وكِـبْـرٌ عـلى ذلٍّ يُضلِّ ويُسْكِرُ
تـمـدُّ ضـلالاً في الحياةِ وتنشُرُ
فلا هي تدري الدربَ,لا هي تُبصِرُ
وصـار لـهـا صوتٌ قويٌّ ومِنبَرُ
وفـرَّقَـهُـم شـيءٌ أشـدُّ وأكْبرُ
تَـثُـورُ ودُنـيـا بـعد ذلك تُؤْثَر
ونـادتْ شـعاراتٌ تُضِلُّ وتسْحَرُ
فلا كَسبُوا الدنيا ولا الحقَّ أَبْصَروا
مـن اللهِ خـوفٌ أو رجـاءٌ مُبَشِّرُ
ويَـغْـلـبُ كِبرٌ في النّفُوسِ وَيقْهَرُ
وقـد وُثِّـقَـتْ عَهْداً مع الله يُنصَر
* * *
هـنـالـك صـوتٌ لا يَزالُ يُذكِّرُ
عـلـى قَـدَرٍ لـلـه تُعطي وتنذرُ
صـفـاءً على صدقٍ يَجُودُ ويُكْثرُ
كـتـابٌ عـزيـزٌ فيه ذكرٌ مُطَهرُ
يُـفَـصـلُ من آيٍ وَيَبني ويُظهِرُ
ويُـبنى إلى الإنسَان عزمٌ وجوهَرٌ
ومـنْ شـهوةِ الدنيا وما هوَ مُنكَرُ
عـن الحقِّ ! فالإيمان أعلى وأكبَرُ
مَـخـالِـبَـها فيهمْ ولا هُمْ تَغيَّروا
ولا فِـتـنَـةُ الأهْواءِ تَعْلو وتجْهَرُ
ولـيـس لأوثـانٍ تُـضِلّ وتخسَرُ
عـلـى صِـدقِ إيمان وعِلْمٍ يُبَشِّرُ
أجـلُّ وأعـلـى مـا يكون وأَكبر
وهبّوا إلى الأُخْرى وجَدُّوا وأَعْذَروا
يَـهُـزُّ ودُنْـيـا خَـلْفَ ذلك تَهْدُرُ
وصِـدْقُ الـتـزام بـعد ذلك أَوفرُ
" بِـديـمُـقْرطيَّاتِ " تُضِلُّ وتَغْدُرُ
وعَـولَـمـةٍ تُـملْي الخِداعَ وتُكثِرُ
فـلا تُـنْـقَضُ الآمالُ ! لا تتغيَّرُ
مـع الـحـقِّ بَـذْلٌ أو جهادٌ مُقدَّرُ
* * *
عـلـى الـحقِّ لا يؤذيهم من يُغيّر
فَـيَـعْـلُـون بُنْياناً يُرَصُّ ويُعْمَرُ
إلـى الله صـفَّـاً لا يَـهُونُ فَيُقْهَرُ
بَـعـيـداً ويـنـأى عَنْهم ويُقَصرُ
* * *
يـصـونُـهـم مـنها يقينٌ مطهَّرُ
وَعَـهـدٌ مـع الله الـعـليِّ يُذكِّرُ
وحـبٌّ إلـى الَّرحْمن أَعْلَى وأكبَرُ
كَـحُـبِّـكَ لـلرحمن يُجْلى ويُؤثَر
وهـذي جـنودُ الحقِّ تَعْلو وتُنصَرُ
جَـلـيٌّ لِـمَنْ يَرْجو الجنان ويُؤْثِرُ
وتُـغْـلَـقُ أبوابٌ من الشرِّ تُنْكَرُ
* * *
إلـيـه جـهاداً صادقَ العزم يَبْهَرُ
تـفـتّـح أَبـوابُ الجنان وتُسفِرُ
وكـم مـن مـمـاتٍ بالحياة يُبَشِّرُ
حَـنِـيـنيَ ينمو بالمشيب ويُزهر
مَـطـالِـعُ أَبْهى ما تكونُ وأَنضَرُ
يـجيء ببشرى في الميادين تسْفِر