برقية عاجلة إلى اتحاد المحامين العرب
برقية عاجلة إلى اتحاد المحامين العرب..
محمد عبد الله الهدائي
إلى اتحاد المحامين العرب..
بمناسبة انعقاد "مؤامرتكم" على الشعب السوري في دمشق، وإعلان تأييدكم للظلم والطغيان، أهديكم الكلمات التالية التي كتبت بعيد ارتكاب النظام السوري الجائر لمجزرة حماة المروعة، والتي نستقبل ذكراها الأليمة بعد عشرة أيام فقط من مؤامرتكم وانضمامكم إلى صف مرتكبيها. هذا مع الإشارة إلى أن هذه الكلمات ليست قصيدة لشاعر محترف، أو حتى هاوٍ متابع، بل هي كلمات بسيطة سطرتها جارحةٌ هزتها مشاعر الألم من المشهد المروع للدمار والخراب الذي أصاب مدينة حماة على يد الغدر والطغيان. فكاتب هذه الكلمات لم يكن قد تجاوز السادسة عشر من عمره حينما خرج من سجون الطغيان ليرى بأم عينيه ما أصاب تلك المدينة من سحق وتخريب وتدمير، فأبى إلا أن يسجل شهادته أمام الله وأمام التاريخ بهذا الأسلوب البسيط.
ألا هل بلغت..اللهم فاشهد...
اللهم إني أشهدك، وأشهد العالم بأسره، على هؤلاء "الحقوقيين" العرب.. المدافعين عن الطغيان تحت راية العروبة وباسم العرب..
برقية تهنئة![1]
مازال بركان الدماء يثور في أرض العرب
مازال تكسير الأيادي.. والغضب
مازال صوت هاتف باسم العروبة.. والعرب
لكنه قتل العرب!
قتل الإباء بصوته الدّاوي ينادي بالفداء
ويقول عن شيم الفداء..
كذبا وبهتانا وزورا.. حين لُطّخ بالدماء
سأقول عن شعب الفداء كيف ضجّ به الإباء
وكيف كانت ثورة السفاح.. تبطش بالنساء
فالآن قد ولت مراسيم العزاء!
وسأكتب التقرير من عطرٍ.. تغذِّيه الدماء
فهي الوثائق والدلائل عن صغار أبرياء
قد حُرِّقوا وتصاعدت من لحمهم ريح الشِّواء
وتقطّعوا إرباً بأيدي الغدر.. من جند عرب!
قد سجل التاريخ من تلك المخازي ما كتب
لكنه فاق العجب.. لكنه فاق العجب..
* * *
في روضة التكية الخضراء من سنين [2]
في المعهد الشرعي.. أو في الحاضر الحزين
قد حقق الحقد الدفين أول انتصار
بل أول الغدر الذي قد لفَّه بالعار..
بقتل شيخنا الذي تجاوز التسعين![3]
وبعدها...
توالت الأمجاد باستمرار
وسار ركب الظلم والتنكيل لا يحيد
يذبح الأطفال.. والشيوخ.. والنساء
ويهدم المنبر والمآذن البيضاء
مثبتا أركانه بالنار والحديد..
فقدم الشعب الأبي دونما رياء؟!
تحية مليئة بالحب والوفاء
لقائد التصحيح.. والتحرير.. والبلاء!
وسارع "الأحرار" في وطننا العظيم..
إليه مرسلين..
برقية للتهنئة
بقتل شيخنا الذي تجاوز التسعين!
الهوامش:
[1] كتبت في أوائل الثمانينيات بعد ارتكاب مجزرة حماة في شباط من عام 1982.
[2] معهد الروضة الهدائية (يعرف بالتكية الشرعية) هو معهد لتخريج الأئمة والخطباء في حي الحاضر الذي دمرته يد الغدر التي تلوثت بدماء الأبرياء الطاهرة أثناء ارتكاب مجزرة حماة.
[3] هو الشيخ العلامة محمود الشقفة مؤسس معهد الروضة الهدائية وقد استشهد في عام 1980بطعنة غدر في المسجد على يد أحد المأجورين من قبل الأجهزة القمعية للنظام الحاكم.