رقصة المذبوح
رقصة المذبوح
ثائر معتوق
إيهٍ أيا وطناً تجرع كل أصناف المرارة والعذاب
لما طعنتَ بغلظة في الخاصرة ..
طعنتك أسراب الذئاب
ما همهم يوماً عتاب
في غيبة الأحرار عاثوا ..
في الظهر قد غرسوا الحراب
فغدوت يا وطني الذبيح ..
فغدوتَ كالشلو المدمّى بلا حراك ..
عدّوك من سقط المتاع ..
رهنوا ذمارك للعدى
باعوا ثراك ..
في سراديب الخيانة
خلف أسوار التآمر والخديعة
باعوه بالبخس الزهيد من الثمن
ليجثموا فوق الصدور
ليأخذوا صك التسلط ..
من سيد ملك الرقاب
وتظاهروا ـ يا ويحهم ـ
بالحزن زوراً وافتراء
زعموا بأنهمُ حمَوك ..
من الأيادي الآثمة
من النفوس الطامعة
تلك التي رامت حماك
وأقسموا بأنهم دحروا العدى
لكنهم ـ سحقاً لهم ـ
طعنوك غدراً في الصميم
بكل ما اسطاعوا من الغدر الأثيم
وبكل ما أوتوا من الحقد الدفين
زعموا بأنهمُ حمَوك
لكنهم في الحق قد حفظوا " النظام " ..
رهنوا الوطن ..
وتشدقت من خلفهم أذنابهم
عاش " النظام " ..
عاش العرين ..
عاشت مبادئ حزبنا
عاشت مبادئ ثورة خلقت لتبقى ..
ما قيمة الأوطان إن سقط " النظام " ؟!
ما قيمة الشعب إذا هزم " النظام " ؟!
من وقتها حصل الطلاق
حصل الفصام ..
حل الخصام ..
من وقتها ..
وعليك يا وطني السلام
وعليَّ قد كتب الشقاء ..
صب العذاب
فاعذرني يا وطني الحبيب
لأنني في يومها ..
غُيّبتُ عنك
فاعذرني يا وطني الرهين ..
إني على العهد المكين ..
لن أستكين ..
لكنني ..
ما كنتُ إلا مكبلاً وقت الجريمة
قدماي ترسف في الحديد ..
وفمي مكمم ..
والقلب أضناه العذاب
من يوم أن عاثت بساحتك الذئاب
فلقد رُميتُ بكل قسوة ..
خلف أسوار السجون
في الزنازين الرهيبة ..
تلك التي عجت بأصناف المنون
لكل من فتح الشفاه ..
لكل من فاه بحرف
لكل من ذكر المحرم
من وقتها عمّ السكون ..
والظلم خيّم
أصداء أناتي غدت كالحشرجة
مشحونة بلظى الأنين
فاعذرني يا وطناً أهين
وارحم فؤاداً في هواك له حنين
في غفلة الرقباء أهدرتِ القيم
واستنسرت عصب البغاث بساحنا
واستأسد القرد القزم ..
وأبيح عِرْضُ الأرض ..
في عقر الوطن
والحر أضناه الوهن ..
وأخو النذالة يومها قبض الثمن
وتسلطت زمر الذئاب على الرقاب ..
وأطلقت من حولها كل الكلاب
تعدو لتنهش كل أرباب الضمير
وعصائب الغربان أغراها النجيع
فمضت لتثأر للكرامة ..
كرامة الشرف الذبيح
من كل من رفض السكوت عن الجريمة
والشعب كان هو الضحية ..
من يومها عُبد الوثن
والشعب قد لبس اللحود ..
بيديه قد خاط الكفن
والقلب أضنته المآسي والمحن ..
والحر أرغم أنفه حتى النخاع
في يومها رفعت شعارات الولاء ..
لحاكم باع الحياء ..
كل الدماء بلا ثمن ..
والويل كل الويل ..
لمن تحدث عن أمانة
لمن تحدث عن وطن
من يومها ..
وكتبة الشرفاء ترقص في الهواء
أبصارها نحو السماء
ترجو الخلاص ..
قد هدها مس البلاء
هي رقصة المذبوح في ساح النجيع
فالشعب في وطني هباء
والحر في وطني صريع
من يوم أن رهن الوطن
من يوم أن ذبح الوطن