غَزَّة المعجزة
حيدر الغدير
صب جيش الصهاينة في فلسطين المحتلة بقيادة رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو على غزة، نيران حقدهم وجنونهم بطشاً وقتلاً وحرقاً وتدميراً، في حملة إبادة وحشية دامت واحداً وخمسين يوماً، أصابت حتى النساء والأطفال والمعاقين والشيوخ، وهدمت حتى المساجد والمدارس والمشافي والملاجئ، فكانت مجزرة هائلة تجاوزت جميع الحدود، وجعلت صانعيها من أكبر السفاحين.
ولكن أبطال غزة العظام لقنوا العدو الصهيوني دروساً مذهلة لا تنسى، في المفاجأة والثبات، والصبر والشجاعة، والإبداع والتخطيط، مرغت سمعته بالتراب، وأحبطت خططه، وأذاقته عار الهزيمة، وجعلته ينسحب مقهوراً محسوراً يوم الثلاثاء 30/10/1435ه، الموافق 26/8/2014م، بعد أن رضي بهدنة توهم أنها تحفظ له ماء وجهه.. وهيهات!.
من جهة أخرى بهر أبطال غزة عدداً من أحرار العالم فانحازوا إليهم ورفضوا ظلم الصهاينة وطغيانهم، وكشفوا للرأي العام العالمي وحشية الصهاينة فأصبح أكثر إدراكاً لحقيقتهم الإجرامية، وزادوا من شعور اليهود في فلسطين المحتلة بهزال كيانهم وتفاهته، وزادوا من ثقة الفلسطينيين خاصة والعرب والمسلمين عامة بأن الكيان الصهيوني هش، وأنه نمر من ورق، وأن آيات فنائه تتزايد وتتسارع، وأن نصر المسلمين في فلسطين قادم لا محالة. إن ما صنعه أبطال غزة معجزة حقيقية شهد بها الجميع، وملحمة من ملاحم البطولة والفداء والإيمان نادرة المثال.
غَزَّة المعجزة
الثأر موعدكم غضبان قد أيدٍ تصول بها غضبى مجلجلة فيه سنجعلكم أشلاء معركة ويحكم القدر الأعلى وقدرته يجري به أمد من بعده أمد يقول والناس آذان وألسنة عن غزة رجعت صهيون صاغرة والمسلمون لهم في غزة ظفر * * * ضل اليهود وأوهام بها سكروا واستمرؤوا الغدر والتقتيل في سفه صبّوا على غزة مثل الجحيم لظى ودمروا كل ما نالت قذائفهم فها هنا هامة في الترب مفردة وها هنا طاعن رجلاه قُطِّعتا وها هنا رئة قد مُزِّقت ودم كذا الجبان إذا استعلى جرائمه تظل تغريه بالآثام يصنعها يمد من خوفه نحو الحياة يداً وإن بكى صاح دمع العين يزجره هلا تذكرت كم أهلكت من بشر أيّاً تخيرت مُتْ كاللص مختبئاً * * * يا معتدون سقاكم سُمَّه سفهاً جنى عليكم فأنتم في الورى فتن يقول أنتم خيار الناس قاطبة إني أبحت لكم ما تفعلون بهم سقاكم الكبرَ والطغيانَ منهجُه حتى غدوتم وكل الأرض تلعنكم يا بئس ما صنعت فيكم غوايته التيه في عقلكم والعجل في دمكم فليس تأتون إلا الشر محتدماً لم تعبدوا الله بل أنتم عبيد هوى عبدتم العجل في سيناء من سفه فكلكم سامري ربه ذهب والعجل أنّى مضيتم في ضمائركم غوى وأغوى وأنتم وفق سنته أجدادكم قبلكم ظنوا عبادتهم أنتم أضفتم له عجلين عجلَ هوىً صاح الزمان بكم من حزنه غضباً بئس العقول التي صار الضلال لها تظن في الشر خيراً والهوى رشداً فيهم تمور حماقات ستقتلهم بها ينالون خزياً في الدنا وغداً أما الحروب التي أوروا كعادتهم صارت بما اكتسبوا غولاً يعيث بهم والله يطفئها من بعد مصرعهم * * * تذكروا أيها الباغون مصرعكم ومَنْ شُهودي؟ شهودي خيبرٌ فعلت والخندق الفاغر الأشداق يقدمكم خان العهود ومن خان العهود له حياه "أحمد" في بشر وقال له وغزة خندق دامٍ ومقبرة * * * من يوقد النار ظلماً يصل جمرتها وزارع الشر يجني الشر عن أَمَم وللشرور أذى فيمن يجيء بها إذا توهم حيناً أنها هدأت وإنه أول الصالين بطشتها يا بؤسه إذ مشى للناس مضطهِداً * * * يا أجبن الناس يا أدنى معادنهم قد أوقد الثأرُ فينا نارَ غضبتنا إنا القضاء الذي يأتي ليمحوكم لن يخلف الثأرُ حلمي في مصارعكم يجتث أولكم جهراً وآخركم وعادة الثار أن يطوي الذين بغوا * * * يا غزة العزِّ صبراً إن أمتنا فيها الميامين من فادٍ وفادية من كل أروع تأبى الأين همته وكل شهم مدى الأفلاك همته يرون في العسر يسراً والعناء رضا لأنهم فتية عزوا بما اعتقدوا * * * يا غزة المجد صبراً إن بارقة قالت تبشر إن النصر موعدنا "فإن تعودوا نعد" قد قالها وله إني أراها وللأقدار دورتها فيه يتبر إسرائيلَ جيشُ هدى يقول أبطاله والحق قولتهم فداء غزة فتيان غطارفة وإننا أول الفادين حرمتها * * * النصر آتٍ أراه رؤيتي ليدي والسعد في الناس منه شدو قافيةٍ والقدس من فرح لله قد سجدت والنيل يسخر من صهيون أن كذبت أما الفرات فقد أبدى شماتته * * * أبطالَ غزة أنتم بيننا مثل وقدوة للبطولات التي اتقدت زان الحياة بما أداه محتسباً مستقتلاً في سبيل الله في شغفٍ في قلبه خالد والنصر عادته وفيه بدر وعزت بدر ملحمة حتى غدا وغدوتم زهو أمتنا نال المنى البيض إذ أدى مغارمها وقال مسعاي للرحمن أجمعه لأن أمنيتي رضوانه وبه * * * أبطال غزة ظلوا حيث يأمركم عن الجهاد وسيروا سير من صبروا قلوبكم بالرضا والصبر عامرة إذن تعيدوا لنا سعداً وخندقه * * * يا أشجع الناس يا أزكى معادنهم أنتم صحابة هذا العصر شعلته الله أحيا بكم ما رثَّ من همم وإنكم وعيون الله تصنعكم | حشدايا من بغيتهم سيوفاً حدُّهُن دماء غزة جرح لن يضيع سدى حمراء تنثركم فوق الثرى بددا تسطو بكل أثيمٍ جار أو جحدا فلا يغادر لا قوماً ولا بلدا وأعين شهدت والكون قد شهدا وكل حلم لها في تربها وئدا بين الضحايا وفي ساحاتها ولدا * * * قد أدمنوها وكانت ضلةً وَدَدا وفي ضراوة مسعور وقد حقدا فأهلكوا الشيب والشبان والولدا فما ترى حجراً إلا ترى جسدا وها هنا فخذ بين الرمال بدا لما دعته الوغى سرعان ما نهدا قد عاش دهراً يغذي القلب والكبدا هي اللظى ما ونى يوماً وما همدا حتى إذا ما صحا كان المصير ردى إذا جهنم مدت تبتغيه يدا دعني ودع عنك زيف اللغو واللددا فاهلك على عجل أو فاقض متئدا والنذل مكتئباً، والفَسل مرتعدا * * * حاخامكم وهو في البهتان من مردا مشؤومة أبداً مذمومة أبدا وهم عبيد لكم من حاز أو فقدا مهما قسوتم فهم نهب لكم وعدى والغدرَ والمكرَ والتضليلَ والحسدا لَعْنَ الملائكِ إبليسَ الذي شردا صرتم بها البغي والتخريب والإددا أما الغرور فأحقاد بدون مَدَى والإثم مستكبراً والبغي محتشدا وذاك طبع الفتى إن ضل أو جحدا ولم تراعوا لموسى عهد ما عهدا به يهيم إذا يصحو وإن هجدا أشربتموه فكان الغيَّ والنكدا يُغوي الكبيرُ الفتى والوالدُ الولدا للعجل وَهْيَ زرايات عتت سددا وعجلَ كبر على السوأى قد اتحدا يا بؤس من عبدوا يا بؤس من عبدا إرثاً وشؤماً فظنت في الجهام جدا وتحسب السم وَهْوَ الهُلْكةُ الشَّهَدا فيهلكون ولا ثأراً ولا قودا تكون في الحشر في أجيادهم مسدا فهي الأتون الذي يصلونه أبدا فانظره مفترساً وانظره مزدردا ليصبحوا خبراً في الذمّ مطّردا * * * وقد غدوتم بأسياف لنا قددا ما تعرفون عذاباً ضارياً صَعَدا فيه "حُييٌّ"(1) يجر الخزي والكمدا قضاء "سعد بن معاذ"(2) وهو من رشدا لقد حكمت بحكم الله وهو هدى تطوي جثامينكم في قعرها قِصَدا * * * ولا ملاذ له منها وملتحدا وبئس ما زرع الجاني وما حصدا وإنها أسيف تسطو به ومُدى دبَّت إليه فكانت فوقه لبدا إن كان في قومه أو كان منفردا لكنه عاد مدحوراً ومضطهَدا * * * وأسوأ الناس أخلاقاً ومعتقدا والثأر أفتكه ما جاء متقدا أين الفرار وإن الله من رصدا إني أراه عليكم مارداً حردا وما دنا من صياصيكم وما ابتعدا طيّ الظلام الربا والأمت والأودا * * * تقفو خطاك سيولاً تقذف الزبدا باقون للحق مهما كابدوا سندا وكل حر لغير الله ما سجدا لو ماجد الشمس في عليائها مجدا والنقع مسكاً وريحاناً وقطر ندى وأرخصوا الروح يوم الروع والجسدا * * * من الوعود لبسن السعد والرغدا والله في سورة الإسراء من وعدا مآل ما راح من أمر الورى وغدا ومن يرد قضاء الله إن أفِدا(3) ما غاب يوماً عن الجُلّى وما رقدا وهج العزيمة فينا قط ما نفدا والخانعون لأقدام الشجاع فدا وكلنا أسد يقفو بها أسدا * * * ورؤيتي والضحى في صيفه الرأدا في كل أرض لها حيث الأذان صدى وكل محتسب في غزة سجدا في زعمها أنه حد لها ومدى(4) بها وتلاه هازئاً بردى * * * يقفوه من عشق العلياء أو نشدا لمّا به انبهرت إذا لاح متقدا وكان درتها والفارس النجدا بالعزم والحزم مرفوداً ومرتفدا وفيه عمرو وسعد أسيف وهدى والقادسية فيه صولة وحُدا طوبى لها وله من ظافر جهدا وراودته الدنا لكنه زهدا ولست أطلب لا جزلاً ولا ثمدا أنال مقعد صدق في الجنان غدا * * * إسلامكم لا تبالوا خاذلاً قعدا واستصحبوا السيف والأرماح والزردا وباليقين الذي يغدو لكم مددا وخيبراً وتكونوا خير من وعدا * * * وأحسن الناس أخلاقاً ومعتقدا تهدي الحيارى ومن يقصِدْ لها سعدا في المسلمين وما استخذى وما خمدا أصبحتم النصر آخى العدل والرشدا | ردى
الهوامش:
1- حييّ بن أخطب: من قادة اليهود الكبار، عادى الرسول - صلى الله عليه وسلم- عداءً شديداً مع معرفته بصدق نبوته، وعمل على تأليب المشركين في معركة الأحزاب للقضاء على دولة المسلمين في المدينة المنورة قضاءً تامّاً، وعوقب بالقتل مع سواه من اليهود ناقضي العهود من بني قريظة بعد نهاية المعركة.
2- سعد بن معاذ: هو الصحابي الجليل الأنصاري الأوسي، الذي ارتضاه اليهود حكماً بينهم وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم- بعد أن هزم الله الأحزاب، فحكم على مقاتليهم بالقتل، فسُرَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم- وقال له: لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع سماوات.
3- أفد: أزف ودنا.
ظل اليهود دهراً يزعمون أن الفرات والنيل حدود دولتهم.