ألم يَأن ِ لِلذين هاجروا

طاهر حمدو

فيصل بن محمد الحجي

[email protected]

قرأتُ للأخ طاهر حمدو(أبي عابد) ثلاثة أبيات من الشعر يشتكي فيها من الخلافات بين بعض إخوانه وصعوبة الاتفاق فيما بينهم وكثرة الجدل العقيم يقول فيها :

تـقضي الأخوَّة ُأن نمُدَّ iiخدودَنا
إنْ كـانَ أمْـراً هيِّناً لم نتفِقْ
قـد فاض كَيْلُ جدالِنا يا iiإخوتي


لِـجميع ِ إخواني ألا iiفليَصْفعوا
فيهِ فما ذا في الجليل ِ سَنصنعُ؟
فـيـمـا يُـقالُ وجُلهُ لا iiيَنفعُ

وقد دفعتني هذه الأبيات إلى التساؤل المُرّ : أوَصَلَ الأمرُ بنا إلى أن يمُدَّ أحدُنا خدودَهُ لإخوانِهِ كي يصفعوه - كأسلوبٍ مِنْ أساليبِ الرجاءِ - حتى يكفوا عن تناحرهم الذي يسمُّونه الحوار وهو (شجار) في حقيقتهِ وعنفِ عباراتهِ وشدةِ أحكامهِ ... ومتى كان هذا الأسلوب والجدل العقيم يؤدي إلى فائدة للإسلام والمسلمين ؟

ولقد ألهمتني أبيات أبي عابد – في بساطتها وتدفقها العفوي – الأبيات التالية

تـلـكَ الـحقيقة بالهدايَةِ iiتسْطعُ
هـيَّـا بـنا نسْعى على iiأنوارها
هذا الطريقُ إلى الحقيقة iiواضحٌ
وإذا اختلفنا – والقلوبُ نقِيَّة ٌ ii-
نعطي الحقيقة َ حقها من غير ما
نتجنبُ الجَدَلَ العقيمَ .. وما iiالجَدا
لِـيَ في المآسي ذكرياتٌ iiمُرُّها
لـمّـا تفرّعَتِ الدروبُ ولم iiنكنْ
لـمّا رَمى الشيطانُ في iiأبصارنا
والـعُجْبُ قد أعمى الرَّشِيدَ تكبُّراً
ويَـظـنُّ مـا يَنثالُ مِن iiأفكارهِ
فـي فِـتـنةٍ عَمْياءَ في iiظلمائِها
فـذنـوبُـنا أعْداؤنا ظفِرَتْ iiبنا
فـتـوالـتِ الخيباتُ في iiأفعالِنا
لـمّـا صَحَوْنا لم نجدْ من iiمالِنا
أيّـامَ كُـنا الأغنِياءَ .. فلم iiنزَلْ
أيّـامَ كـنا الأقوياءَ .. فلم iiنزلْ
فـمِـنَ النزاع ِ تمَزَّقتْ iiأستارُنا
بـانـتْ مَـثالِبُنا وقبِّحَ iiعُذرُناَ
كـلُّ المصائِبِ لمْ تحطمْ iiعَزمَنا
تـلكَ الدروسُ متى نعي iiمَدْلولها
وَعـزاؤنـا فـي نخبَةٍ iiمَيْمُونةٍ
هـل يَـصنعُ الأفراحَ إلا iiطاهرٌ
هذا التواضعُ مِنْ رَصيدِ عصابةٍ
قـدْ هَزَّني مَرأى أخي iiمُسْتسْلِماً
فـعَرفتُ أنَّ الحالَ غيْرُ iiسَليمةٍ
فمَتى يَثوبُ أخو الغلوِّّ iiلِرُشْدِهِ؟
قرِّبْ خدودَكَ مِن شِفاهي يا iiأخي
لـو رامَ خـدّكَ صافِعٌ iiلصَفعْتهُ
مـا ضرّني غضبٌ إذا ما نالني
هـذا طريقُ iiالصالحينَ..أعِندَكمْ
يـا ربُّ سدِّدْ خطوَنا يا ربُّ iiوحِّ
أنـتَ الذي ما خابَ طارقُ iiبابكم
































فـتـآلـفوا يا إخوتي iiوتجَمّعوا
ودَعـوا خِـلافـاً مُجْدِباً لا iiينفعُ
لا يَـنـثـني أبداً ولا ii يَتنوَّعُ
فـخـلافـنا شُورى بها iiنتدرّعُ
سَـرَفٍ .. وعن عَثراتِهِ iiنتورّعُ
مـن لـغو ِ ألسِنةٍ أذاها iiيُسرعُ
مـازال في ثغري..وعيني iiتدْمَعُ
يـومـاً نـظنُّ سَبيلنا يتفرّع ii!
داءَ الـغرور ِ .. فسُمََّهُ ii نتجَرّعُ
فـيـرى الهُدى لكنهُ لا iiيَخضعُ
وَحْـيـاً بـهِ حبْلَ الأخوَّةِ iiيَقطعُ
يَـتـحَيَّرُ المُرتابُ ماذا يَصْنعُ ii؟
كـيفَ السَّلامَة ُ مِنْ عَدُوٍّ يَرْتعُ ؟
دَهراً ..وقد حَصَدَ الفتى ما يَزرعُ
وسـلاحِـنـا إلا غـثاءً iiيَفجعُ
نـغـوي.. فعَمَّ القومَ فقرٌ iiمُدْقِعُ
نـعْصي ..فيغمُرُنا هُزالٌ iiمُسْرعُ
لـمْ يَـنـفع ِ الترقِيعُ لمَّا iiرَقعوا
فـتجاوُزي بَشِعٌ..وعُذري iiأبِشعُ
مِثلَ الشِّقاق ِ..بل ِالشقاقُ الأفظعُ
ونـثـوبُ للحُسْنى ؟ فذلك أنفعُ
وشـعـارُهـا وسطيّة ٌ iiتتورَّعُ
لزمَ الهُدى وعن ِ الهَوى iiيترفعُ؟
نشأتْ على الأخلاق ِ لا iiتتصنعُ
وخدودُهُ مَعْروضة ٌ كي iiتصْفعوا
والأمْرُ مَقلوبٌ .. فماذا نصنعُ ii؟
ومَتى يَكفُّ عن النقِيق ِالضِّفدُعُ؟
حـتـى أقـبِّلها.. ورأسي iiأرْفعُ
وتـركـتـهُ فـي ذلـهِ iiيَتوَجَّعُ
عَـفـوُ الـكريم ِ لهُ نبيٌّ iiيشفعُ
دربٌ أدَلُّ على الصلاح ِ وأنفعُ ؟
دْ جَـمْـعَـنا فإليْكَ منا iiالمَرجعُ
لزمَ الدُّعاءَ وفي خشوع ٍ iiيَضرَعُ

            

(1) العنوان مُستوحى من قوله تعالى: " ألم يأن ِ للذين آمنوا أن تخشعَ قلوبُهم لذكر الله وما نزلَ من الحقِّ (16سورة الحديد)"