الهروب
ابن الفرات العراقي
وهربت من نفسي رجعت أِزائي
وسكنت في قلمي فجف عطائي
ومشيت قدامي لعلي مبصر
شيئا ، ولكني رجعت ورائي
وهربت من قدري إلى قدري فلا
أحد يقاتل أجبن الجبناء
شيعت أشيائي وسرت وراءها
وحملت تابوتي بثوب فدائي
أبـَّنـْتُ نفسي لا أريد سماعه
وعظ الإمام وصيحة الخطباء
هم يحسنون بلاغة وتصنعا
بخطابهم هم يسرقون فضائي
ويدبجون بها البديع وسحره
ولها الطباق مع الجناس يرائي
كل الذي قالوا هراء مشاعر
وأنا المغني لقد سئمت هرائي
ورثيت نفسي في حشود قصائد
لا أستطيع تفلسف الشعراء
شكرا لكم يا سادتي لحظوركم
شكرا على الإصغاء للإلقاء
ضيعتم وقتا ثمينا ضائعا
كي تسمعون سفاسف الإنشاء
شكرا على كل الأغاني سادتي
شكرا على التأبين في بلوائي
كي تسمعوا وكما سمعت مصائبا
نالت بنا بل أفجع الأنباء
قد تحزنون وقد يسر لموتنا
بعض وتعلن سحقنا أمرائي
عرض يهان
. كرامة داس العدى
علنا أباح لضعفنا أشلائي
هنا على قدم الدخيل فداسنا
وكذاك يرفض أن يدوم بقائي
فالكفر جـمّـع أمره وتلملموا
والمسلمون تنام في الأقباء
في غفلة لا يدركون مصيرهم
وحشودهم منهوبة الأعضاء
حقد دفين قد تأصل فيهم
أعماهم
. غشي العيون قذائي
يا سادتي شكرا وشكرا سادتي
والله لا أقوى على الإفشاء
شكرا لهذا الجمع حل قضية
وقضيتي ملك إلى السفلاء
أنا ميت نعم وانتم من معي
ومعي تعيش قضيتي بردائي
أبنتم موتي وبينكم أنا
ما زلت حيا من بني الأحياء
وعلي اطري الشاعرون بشعرهم
شكرا على الإطراء في الإفتاء
وعواطف ذوبتموها لوعة
ورصفتم الأقوال للعقلاء
أنا لم أزل حيا أصارع موتنا
أأبى على موتي يشيل فنائي
شكرا على كل الدموع وقد جرت
عطشى لماء في سراب الماء
شكرا لكل القاتلين قضيتي
فيها تعيش معاشر الزعماء
يا أيها الموتى بجلدي تعتلي
بصهيلها محمومة حربائي
يا أيها الموتى تظل قصيدتي
خرسا إذا ما سجلت بدمائي
لاترو ماحمل الفؤاد من الأسى
فأنا وصوتي لوحة الأرزاء
لاترو ماساتي القصائد كلها
أبدا ولا يكفي الرثاء رثائي