من وحيِ أميرِ المؤمنينَ عمر
23أيار2009
يوسف عُبَيْد
يوسف عُبَيْد
سميته (عُمر) عسى أن يكون له من مُسمَّاه نصيب وعسى أن تشرق على الدنيا شمسُ الخلافةِ الغاربةِ وأن يعودَ لِساحات الجهادِ لِوَاؤُها الخَفَّاق
ملحوظة: سمّاهُ (عمر) أي حفيده من ولده الأكبر (ضياء)
أطـلَّ كـالصُّبح من ذكراكَ يا وَجـهٌ تـهـشُّ لـه الـدُّنيا وتعرفهُ وتـسـتـفـيق المعالي من مراقدها تَـفْـنَى الممالك في الدُّنيا ومن ملكوا وتـخـلُـدُ الـسِّـيرةُ الغرَّاءُ ناصعةً يـا أيُّـها الملهمُ (الفاروق) أنت على دعـا الـرَّسـول بـنصر الله يَمنحه واخـتـاركَ الله لـلإسـلام مرتِسماً وكـان صـوتُـكَ زلـزلاً وصاعقةً كـان (الأذان) خـفيَّ الجَرْسِ يشهده وبـعـد مـا أسـلم (الفاروق) رَجَّعَهُ وعـاد يـصـدَحُ بـالـتَّكبير منطلقاً وأيـدَّ الله ديـن الـحـقِّ وانـطلقتْ وهـيَّـأ الله مـن أَرسـى قـواعـده غـرسٌ نـمـاه (حِراءٌ) طاب منبته هـذي كـتـائـبُـه تَـزهـو مهللِّة مـن قـوة الله فـي الـمـيدان قوتهم وحـصـصَ الـحقُّ وانهلت بشائره وشـعشعت في روابيْ (طيبةٍ) وزهتْ فـالأفـقُ نـورٌ بـوحـي الله مؤتلقٌ ويُقْبَضُ (المصطفى) من بعد ما شَرُفتْ وعـمَّ سُـلـطـانـه الأعلى فدولتُهُ وجـاء عـهـدُ (أبـي بـكر) تُظلِّله وبـيـعـةٌ مـن رسـول الله صافيةٌ مـعـقـودةٌ تحت ظلِّ النَّصر رايتها وأمَّـة الـفـتـح بـالإيـمان تحملها يُـشـيِّـدون لـهـا الـبنيان مرتفعاً حـتَّـى تـألَّـقَ نـورُ الحقِّ مبتسماً وكـنـتَ فـارسَـهـا عشراً منوَّرةً الـعـدلُ والـحـزمُ والإيمانُ يملؤها وكـيـف لا والنُّهىَ تزهو بمن نزلتْ عـشـرٌ وأنـتَ بـهـا الرُبَّانُ أُمَّتُنا يـا غـارسَ الـعدل جناتٍ يفيءُ لها وبـاسـطَ الـمال للجَوْعى وأنتَ به أتـعـبتَ من كتبوا التَّاريخ واجتهدوا قـد كـنـت لـلـمجد عُنواناً لعزَّته وأنـتَ كـنـزٌ غـلـت فيه جواهرهُ وجـاءكَ الـفـيءُ بـعد الفتح يَحملهُ هُـمُ الـمـلـوك غِـنىً والله غايتهم عـادوا وقـد حـطَّم الطغيان جحفلهم وأنـتَ تـزهـو بتاج النَّصر مقتدراً تـدعـو (سـراقـةَ) بـالكفين تُلبسه لـم يـعـرفِ الدَّهر يوماً ساء مطلعه كـيـومِ مَـنْـعَـاكَ والأمجادُ واجمةٌ تـخـشـى الإلـهَ ولم تعرف مقارفةً عِـبءٌ تـحـمـلتَ أثقال الرعية في وحـولكَ الصَّحب والأحزان تغمرهم كـم ردَّدوا أوصِـنَـا مَنْ ذا يكون لها فـقـلـتَ قـولـةَ حَـقٍّ لا يزال لها مـا كـنـتُ أحملُ بعد الموت عِبْأكُمُ كـفـى حـياتيَ ما حُمِّلْتُ مِنْ نَصبٍ يـا لـيـتني لم أعشْ ماذا أقول غداً؟ هَـوِّنْ عليكَ (أبا حفصٍ) مضيتَ إلى جـزاكَ ربـكَ بـالإحسان ما عَبَقَتْ ونـوَّر الله قـبـراً أنـتَ سـاكـنهُ مـاذا أقـول (أبـا حفصٍ) وما كَلمِي أأبـسـطُ الـقولَ من لومٍ ومن عذلٍ قـد كـنـتَ يوماً أمير المؤمنين لها وجُـنَّـةٌ يـتـقـي شرًّ الخلاف بها ولـلـخـلافـة أنـصـارٌ وكـلُّـهمُ مـنـهُـمُ (أبو حَسَنٍ) كم كُنتَ تذكرهُ وعـصـبـةٌ أَنْـشَـأَتْهمْ خيرُ مدرسةٍ هُـمُ الـسَّـلاحُ إذا ما استُنْفروا نَفروا وهـم عـيـونٌ لِـثَغر الحقِّ حارسةٌ وأمـةُ الـنُّـور ظمأى لا تزال على فـجـرٌ بـشـيـرٌ بأنوار الخلافةِ لا سَـمَّـيْـتُـهُ (عُمَراًَ) عَلَّ الخلافةَ أنْ لِـقِـمَّـةِ الـمـجدِ (للفاروق) أحملهُ والـشِّـعـر مهما تسامى دون قمَّتِكم | (عُمرُ)وجـهٌ مـضـيءُ الأماني باسمٌ والـمـجـد يـشمخ والتَّاريخ يفتخرُ ويـبـسـم الـبِـشْرُ والآمال تَزدهرُ وكـلُّ ذكـرٍ لـهـم يـطوى ويَندثرُ يُـضَـمِّـخُ الدَّهرُ طيباً نَشْرها العطرُ فَـمِ الـزَّمـان نـشـيدُ المجدِ يُبتكرُ عِـزاً لمن جاهدوا في الله وانتصروا عـلـى جـبـينك نصر الله والظفرُ فـي وجه من عبدوا الطَّاغوت تَنفجرُ وقـت الـصـلاة خفيضاً وهو مُسْتترُ في سمع (مكَّة) حتَّى الصَّخر والشَّجرُ مُـجـلـجـلاً يتحدَّى بأس مَنْ كفروا جـنـودُه تَـهـزم الـطُّغيان تَنتصرُ تـحت اللوَّاء بِمَنْ آوَوْا ومَنْ نَصروا وآن فـي (طَـيْـبَهٍ) أن يُقطف الثَّمرُ في أرض (بدرٍ) وجيش الشِّرك يَندحرُ والله ذو الـعـرش جـبَّـارٌ ومُقتدرُ كـأنَّـهـا الـهَـاطِلُ المِِدْرَارُ يَنهمرُ كـأنَّـهـا فـي سماها الأَنْجُمُ الزُّهُرُ والأرض ظِـلٌّ نَـدِيٌّ مُعْشِبٌ خَضِرُ بـخـاتـم الـمرسلين البدو والحَضرُ عَـبْرَ القرون غدتْ تَزهو بها العُصُرُ خـلافـةٌ أقـبـلـتْ أيَّـامها الغُرَرُ نـقـيـةُ الـنَّـبـع ما إن مسَّها كَدرُ مـا نـالَ مـن زحفها وَهْنٌ ولا خَوَرُ صـفـاً وركب الهدى ماضٍ ومُنتصرُ عـزَّاً فـلـلَّـه ما شادوا وما عَمروا فـي كـلِّ أُفـقٍ كنور الشَّمس يَنْتَشِرُ مـيـمـونةَ العهد يُستسقى بها المطرُ وعـاطـرُ الـذِّكـر والأمثالُ والعِبَرُ وأيَّـدتْ قـولـهُ الآيـاتُ والـسُّورُ بـها من الأرض للفردوس قد عَبَروا كـلُّ الَّـذيـن بسوط الظُّلم قد قُهروا صِـفْـرُ اليدين ضجيعُ الجوع مُفتقرُ صِـفـاتُـكَ الغُّرُ لا تُحصى فَتنحصرُ بـحـرفـه صـفحاتُ المجد تُختصرُ مـن الـمـفـاخـر لـلأجيال مُدَّخَرُ ذوو الأمـانـة مـا غَلُّوا وما غَدروا وعـنـدهم كلُّ ما في الأرض مُحتقرُ وَحُـطِّـمَ الـعرش والتِّيجان والسُرُرُ بـعـزَّة الله لا عُـجـبٌ ولا بَـطَرُ سِـوارَ (كـسـرى) لوعدٍ كان يُنْتَظَرُ كـأنَّ فـيـه ضـيـاءُ الفجر يُنتَحَرُ وأنـتَ فـي سكرات الموت تُحتضرُ مـن الـذُّنـوب ودمـعُ العين يُبتدرُ أدائـه جَـفَّ روضُ الـعيش والعُمرُ قـد أذهـل الأنَّـفس الملتاعة الخبرُ مِـنْ بـعـد فقدِكَ بعد اليوم يا (عُمرُ) فـي مـسـمـع النَّاس والأيَّام مُدَّكَرُ إنِّـي لـذاك مُـعَـنَّـىً مشفقٌ حَذرُ والـيـوم جَـدَّ إلـى غـاياته السَّفرُ إذا وقــفـتُ أمـام الله أُخْـتَـبَـرُ مـولاك والـذَّنـب عـند الله يُغتَفرُ خـمـائـل الرَّوض والأنسام والزَّهرُ جـاراً (لأحـمـد) حتَّى يُبعثَ البَشرُ وكـيـف مـن أمَّـة الإسلام أعَتذرُ قـاسـي الملامةِ أم أغضي فأختصرُ عـينَ الحراسة إنْ ناموا وإنْ سَهروا قـوم تـواصوْا فما ضلُّوا ولا عَثروا فـي جـيدها العسجدُ الوهَّاج والدُّررُ نِـعْـمَ الـوزيرُ ونعمَ العونُ وَالوَزِرُ بـوحدة الصَّف قد عزَّوا وقد نُصروا والـبأسُ إن حملوا والعزم إن صبَروا والصِّدق إن نصحوا والسَّمع إنْ أُمِروُا عـهـدِ الـوفـاءِ لفجر النُّور تَنتظرُ يـبـقـى على ظلمة تَغْشَى ولا يَذَرُ تـعـودَ بـسَّـامـةً أيـامُـها الغُرَرُ مـن طـيف ذكراكَ نِعمَ الرَّسمُ والأَثرُ (فـاغـفِـرْ عليكَ سلامُ الله يا عُمرُ) | نضرُ
التاريخ: 3 / 12 / 1995
ملحوظة: الشطر الثاني من البيت الثاني مأخوذ من قول الحطيئة لعمر بن الخطاب ويعرف هذا العمل عند أهل الصناعة (بالتضمين).