عاشق الشمس
16أيار2009
يوسف عُبَيْد
يوسف عُبَيْد (أبو ضياء)
تقول الأسطورة([1]) إنِّ الْخُلْدَ عَشِقَ الشَّمسَ وطلب وِصَالَها فقالت: إنها أضاعتْ عِقدها في تراب الأرض، فإذا وجده فهي له، ومن حينها والخلد يحفر الأنفاق في الأرض باحثاً عن العِقد، وقد فَقَدَ بصره وهو ينظر إلى حبيبته موعداً إِيَّاها بإِيجاد العقد ليحظى بوصالها.
عـشـق الشَّمس ضحىً لمَّا شَـفَّـهُ الـوجـد وَأَضْنَاهُ الهوى طـلـعـةٌ تاهتْ على الكون بِما نـهـضـت مـن نومها ناعسةً والـجـبـيـن الـسَّمح قد زيَّنه فهي (بلقيس) على العرش استوت والـحـبيب الْوَامِقُ الصَّبُّ على وَدَّ أن يَـرْقـى إلـيـها لو غدا يَـرْجِـعُ الـطَّرفَ حسيراً كلما كـم تـغَّـنـى بـهـواها وَالِهاً فـإذا مـا غـاب عـن نـاظره يـسـهـر اللَّيل إلى الفجر عسى قـال يـوماً يا ملاك الحسن هل أنـا مَـنْ رَدَّدَ ألـحـان الهوى عِـشْتُ في الأرض وأبناء الثَّرى أَمْـقَـتُ الـحب تراباً ليس في مـسـرحُ الشَّوق وَمَجْلىَ ناظري أعـشـق الـنَّـور وفـي آفاقها يـا ذُكَـاءَ الـفـلك الأعلى وَمَنْ إنـنـي أشـقى ومن ذات البهى قـالـت الـحـسـناء قولاً ظَنَّهُ ضـاع عقدي فَهَوَى في أرضكم رُدَّ لـي عِـقْـدِي وقـلبي تَلْقَنِي فـمـضـى الْـخُـلْدُ وفي خافقه يـحـفـر الأرض كـسهمٍ نافذٍ غـاص فـي الـتُّربِ فما رَوَّعَهُ وسـعـى فـوق ثـراها ضارباً نـفـقٌ مـن نـفـقٍ يَـبْـدَؤُهُ رَبَّـةُ الـحـسـن عزيزٌ مهرها يـفـتـديـهـا بـصـفا أيَّامه وَيُـمَـنَّـي الـنَّفس بالحلم الذي وصَـدَى هـمـسـتـها في أذنه فَـعَـشَتْ عيناه من طول السُّرَى وهـو مـاضٍ مُـخْلِصٌ في حبِّه ويـردُّ الـعِـقـدَ لـلصَّدر الذي ويـرى الـنَّـور فـيهفو صاعداً | رآهاتـهـتـدي الدُّنيا وتحيا وَسَـبَـاهُ الحسن من نور سناها أنـعـم الله عـلـيـهـا وَحَبَاهَا غَـضَّـةَ الألـحاظِ كالورد رداها مـن لُجَيْنِ النُّور تاجٌ في ضحاها وقـديـمـاً ظَـنَّـها النَّاس إِلَهَا أرضـه يَـرْنُو إلى عرش عُلاَها ذرةً تُـصْـهَـرُ فـي حرِّ لظَاها رجـع الـطرفَ إليها في سماها وَشـكـا ما كان يلقى من هواها ضـوءُ عـينيها وأغفتْ مقلتاها يـشرق النُّور وتصحو من كراها لَـفْـتَـةٌ توقظ في النَّفس مُنَاها؟ بـالـتـي لا يُسْعِدُ القلب سواها لِـخَـسيسِ الحب يحنون الجباها جـسـمـه روحٌ مـن الله بَرَاهَا فـي سـمـاءٍ أعجزَ الظَّنَّ مداها نـبـعـهُ مُـذْ خالقُ الكون بناها لـجـميع الخلق قد فَاضَ عطاها بـسـمة تمحو عن النَّفس شقاها هـمـسَ وحـيٍ أرسلته شفتاها وهَـوى الـقـلبُ مع العِقْدِ وتاها خـير مَنْ مَدَّتْ إلى الحب يداها أمـلٌ يَـشْحَذُ في النَّفس مَضَاها فـي حناياها ويمضي في حشاها ظـلـمـةٌ يَـذْهَبُ باللب دُجَاها مـسـتـهـاماً باحثاً تحت ثراها مـبـتـدى غـايتِه من منتهاها يرخص العمر على درب خطاها وَيَـوَّدُ الـدَّهـرَ لـو ظلَّ فِداها يـدفـع النَّفس إلى مهوى رداها فهو لا يهوى سوى همس صداها فـي السَّراديب فأضحى لا يراها عَـلَّـهُ يـهدي لها أغلى حُلاَها لا يـدانـى في سموٍ أو يضاهى نـحـو ذات الحسن شوقاً للقاها | بِضِياها
([1]) ملحوظة: يروى أنها أسطورة يونانية حيث كان لكل كوكب من الكواكب عبادة مختلفة وللشمس تقديس خاص وكان لها رهبة عندهم فالنور والنار مصدرهما من عندها.