عاشق الشمس

يوسف عُبَيْد (أبو ضياء)

تقول الأسطورة([1]) إنِّ الْخُلْدَ عَشِقَ الشَّمسَ وطلب وِصَالَها فقالت: إنها أضاعتْ عِقدها في تراب الأرض، فإذا وجده فهي له، ومن حينها والخلد يحفر الأنفاق في الأرض باحثاً عن العِقد، وقد فَقَدَ بصره وهو ينظر إلى حبيبته موعداً إِيَّاها بإِيجاد العقد ليحظى بوصالها.

عـشـق الشَّمس ضحىً لمَّا iiرآها
شَـفَّـهُ الـوجـد وَأَضْنَاهُ iiالهوى
طـلـعـةٌ تاهتْ على الكون iiبِما
نـهـضـت  مـن نومها iiناعسةً
والـجـبـيـن الـسَّمح قد iiزيَّنه
فهي (بلقيس) على العرش استوت
والـحـبيب  الْوَامِقُ الصَّبُّ iiعلى
وَدَّ  أن يَـرْقـى إلـيـها لو iiغدا
يَـرْجِـعُ  الـطَّرفَ حسيراً iiكلما
كـم تـغَّـنـى بـهـواها iiوَالِهاً
فـإذا مـا غـاب عـن iiنـاظره
يـسـهـر اللَّيل إلى الفجر عسى
قـال  يـوماً يا ملاك الحسن iiهل
أنـا  مَـنْ رَدَّدَ ألـحـان iiالهوى
عِـشْتُ في الأرض وأبناء iiالثَّرى
أَمْـقَـتُ  الـحب تراباً ليس iiفي
مـسـرحُ الشَّوق وَمَجْلىَ iiناظري
أعـشـق الـنَّـور وفـي iiآفاقها
يـا ذُكَـاءَ الـفـلك الأعلى iiوَمَنْ
إنـنـي أشـقى ومن ذات iiالبهى
قـالـت الـحـسـناء قولاً iiظَنَّهُ
ضـاع  عقدي فَهَوَى في iiأرضكم
رُدَّ لـي عِـقْـدِي وقـلبي iiتَلْقَنِي
فـمـضـى الْـخُـلْدُ وفي خافقه
يـحـفـر  الأرض كـسهمٍ iiنافذٍ
غـاص فـي الـتُّربِ فما iiرَوَّعَهُ
وسـعـى فـوق ثـراها iiضارباً
نـفـقٌ  مـن نـفـقٍ iiيَـبْـدَؤُهُ
رَبَّـةُ  الـحـسـن عزيزٌ مهرها
يـفـتـديـهـا  بـصـفا iiأيَّامه
وَيُـمَـنَّـي الـنَّفس بالحلم iiالذي
وصَـدَى هـمـسـتـها في أذنه
فَـعَـشَتْ عيناه من طول iiالسُّرَى
وهـو مـاضٍ مُـخْلِصٌ في iiحبِّه
ويـردُّ الـعِـقـدَ لـلصَّدر iiالذي
ويـرى الـنَّـور فـيهفو صاعداً



































تـهـتـدي  الدُّنيا وتحيا iiبِضِياها
وَسَـبَـاهُ  الحسن من نور iiسناها
أنـعـم الله عـلـيـهـا iiوَحَبَاهَا
غَـضَّـةَ الألـحاظِ كالورد رداها
مـن لُجَيْنِ النُّور تاجٌ في iiضحاها
وقـديـمـاً  ظَـنَّـها النَّاس iiإِلَهَا
أرضـه يَـرْنُو إلى عرش iiعُلاَها
ذرةً تُـصْـهَـرُ فـي حرِّ iiلظَاها
رجـع  الـطرفَ إليها في iiسماها
وَشـكـا  ما كان يلقى من iiهواها
ضـوءُ  عـينيها وأغفتْ iiمقلتاها
يـشرق النُّور وتصحو من iiكراها
لَـفْـتَـةٌ توقظ في النَّفس iiمُنَاها؟
بـالـتـي  لا يُسْعِدُ القلب iiسواها
لِـخَـسيسِ الحب يحنون iiالجباها
جـسـمـه روحٌ مـن الله iiبَرَاهَا
فـي سـمـاءٍ أعجزَ الظَّنَّ iiمداها
نـبـعـهُ مُـذْ خالقُ الكون iiبناها
لـجـميع الخلق قد فَاضَ iiعطاها
بـسـمة  تمحو عن النَّفس iiشقاها
هـمـسَ  وحـيٍ أرسلته iiشفتاها
وهَـوى الـقـلبُ مع العِقْدِ وتاها
خـير  مَنْ مَدَّتْ إلى الحب iiيداها
أمـلٌ  يَـشْحَذُ في النَّفس iiمَضَاها
فـي  حناياها ويمضي في iiحشاها
ظـلـمـةٌ  يَـذْهَبُ باللب iiدُجَاها
مـسـتـهـاماً باحثاً تحت iiثراها
مـبـتـدى  غـايتِه من iiمنتهاها
يرخص  العمر على درب iiخطاها
وَيَـوَّدُ  الـدَّهـرَ لـو ظلَّ iiفِداها
يـدفـع  النَّفس إلى مهوى iiرداها
فهو  لا يهوى سوى همس iiصداها
فـي السَّراديب فأضحى لا iiيراها
عَـلَّـهُ  يـهدي لها أغلى iiحُلاَها
لا  يـدانـى في سموٍ أو iiيضاهى
نـحـو  ذات الحسن شوقاً iiللقاها

              

([1]  ملحوظة: يروى أنها أسطورة يونانية حيث كان لكل كوكب من الكواكب عبادة مختلفة وللشمس تقديس خاص وكان لها رهبة عندهم فالنور والنار مصدرهما من عندها.