شجن ٌ عراقيّ

شجن ٌ عراقيّ

يحيى السَّماوي

[email protected]

( إلى كل عراقي عاش الغربة الطويلة وبكى شوقا للوطن والأهل والأحبة )

دَعـيـنـي  من أماسيك ِ العذاب iiِ
قـلـبـتُ  موائدي ورمَيتُ iiكأسي
خـبَـرْتُ لـذائـذ َ الـدنيا فكانت
وجَـدتُ  حـلاوة َ الإيـمان iiِأحلى
أنـا  جـرحٌ يـسيرُ على دروب iiٍ
سُـلـبْـتُ  مـسرَّتي iiواسْتفردتني
وحـاصَـرَتِ الـكهولة َ بعد iiوهْن
ومــا  أبْـقـتْ لـيَ الأيـامُ iiإلآ
تـرَشـفتُ اللظى حين iiاصطباحي
تـحَـرِّضني  على جرحي iiطيوفٌ
وربَّ لــذاذة ٍ أوْدَتْ بـنـفـس iiٍ
أظـلُّ الـعـاشـقَ البدويَّ ii..أهفو
أنـا  الـبَـدويُّ .. لا يُغري iiنِياقي
أنـا  الـبـدويُّ لا يُغوي iiصُداحي
ودَلـة ِ قـهـوة ٍ ووجـاق ِ جَمْر iiٍ
وبـيْ  شـوق ٌ إلـى خُبز ٍ وتمْر iiٍ
ولِـلـبَـن ِ الخضيضِ وماءِ كوز iiٍ
فـطِـرنـا قـانـعينَ بفقر ِ حال iiٍ
أبٌّ صـلـى وصـامَ وحَجَّ خمسا iiً
وأطـفـالٌ ثـمـانـيـة ٌ iiأنـابوا
ألا  يـا أمـسِـ  أيـن اليوم َ iiمني
وفـانـوسٌ  خجولُ الضوء ِ iiتخبو
وأيـن  شـقـاوتـي طفلا ًعنيدا iiً
أُشـاكِـسُ  رفـقتي زهوا ً بريئا iiً
ألـوذ  بـحضن ِ أمي خوفَ ذئب iiٍ
كـبـرتُ  وما يزالُ الخوفُ طفلا ً
تـطـاردُ مُـقـلـتي منهم iiطيوفٌ
وعَـزَّ  عـلـى يديك ِتمسُّ iiوجهي
وعـاقَـبَني  الزمانُ ..وهل كنأي iiٍ
تـقـاسَمَت  المنافي بعضَ iiصحبي
ولـولا  خـشـيتي من سوء ٍ فهم ٍ
لـقـلـتُ  : أحِـنُّ يـابغدادُ حتى
لـوحـلٍ في العراقِ وضنكِ iiعيشٍ
وقــربَ  أُخــيَّـة ٍ وأخ ٍ وأم iiٍ
ولـكـن شـاءت ِ الأقـدارُ مـني
إذا كـان الـعـراقُ رغـيف قلبي




































فـمـا أبـقـى التغرُّبُ من iiشبابي
وشـيَّـعـتُ  الهوى وَرَتجْتُ بابي
أمَـرَّ  عـليَّ من سمٍّ وصابِ ii (1)
وأبـقى  من لماك ِ ومن إهابي (2)
يـتوهُ  بها المُصيبُ عن الصَواب iiِ
بـدار ِ الغربتين مِدى ارتيابي ii(3)
يَـدُ  الـنـكبات ِ جائعة َ الحِراب ِ
حُـثـالـتـهـا  بإبريق ٍ خراب iiِ
وأكـمـلـتُ اغـتِباقي بالضباب iiِ
فـأنـبـشـهُ  بـأظـفاري iiونابي
وحِـرمـان  ٍ يـقودُ إلى الطِلاب iiِ
إلى  شمسٍ وللأرض ِ الرَّغابِ ii(4)
رخـامُ  رُبـىً وناطحة ُ السحاب iiِ
سوى صوتِ السواني والرّبابِ ii(5)
تـحَـلقَ  حولهُ ليلا ً صَحابي ii(6)
كـمـا  شوق ُالضريرِ إلى شِهاب iiِ
وظِـلِّ  حَـصـيرة ٍ في حَرِّ آب iiِ
قـناعة  َ ثغرِ زق ٍّ بالحَبابِ :ِ ii(7)
وأمُّ  لا تـقـومُ عـن الـكِـتاب iiِ
عـن الـدنـيـا فِراشاتِ iiالروابي
صـبـاحـاتٌ  مُشعشعَة ُ القِبابِ ؟ِ
ذبـالـتـهُ  فـيُـسْرجُها عتابي ii؟
أبـى إلآ انـتِـهالا ً من سراب ِ ii؟
ومن (خيشٍ وجنفاصٍ) ثيابي ؟ (8)
عـوى لـيلا ً ورعبا ً من عُقاب iiِ؟
وقـد صار  الرفاقُ إلى ذئاب ِ ii(9)
فـعَـزَّ  عـلـيَّ يـا أمـي iiإيابي
لـتـمـسـحَ  عنه ذلَّ الإغتراب iiِ
بـعـيد  ٍ عن بلادي من عِقاب ِ ii؟
وبـعـضٌ آثـرَتـهُ يـدُ الغياب iiِ
ومـا سـيُـقالُ عن فقدي iiصَوابي
ولـو لـصـدى طنين ٍ من ذباب iiِ
جـوارَ أبـي الـمُـدثر ِ بالتراب iiِ
وأحـبـاب ٍ يُـعذبهم عذابي ii(10)
وشـاءَ جـنـونُ طيشي من iiلبابي
فـإنَّ  وجـوه َ أحـبـابي iiشرابي

              

(1) الصاب : نبت زهري شديد المرارة

(2) الإهاب : الجلد لم يدبغ بعد

(3) دار الغربتين : المقصود بهما غربة الوطن واللسان

(4) الرغاب : الأرض التي تشرب كثيرا ماء المطر فلا تسيل ( كناية عن البادية )

(5) السواني : آلات يدوية لسحب المياه من الآبار في الصحراء بمساعدة حيوان ، تصدر عند عملها رنيما كالأنين

(6) الوجاق : موقد طيني أو من الصفيح لإيقاد الحطب ( في العراق يسمى شعبيا المنقلة )

(7) الحباب : الفقاقيع التي تعلو الماء أو القطرات التي تلتصق بالكأس

(8) الخيش والجنفاص : نسيج خشن من الكتان شاع ارتداؤه في العراق قبل عقود

 وكانت تسميته الشعبية " السواحل "

(9) الرفاق : إشارة إلى كتبة التقارير وجلادي النظام الديكتاتوري السابق

(10) لم تكن أمي  طيب الله ثراها  قد توفاها الله  حين كتبت القصيدة