نادى عليّ الشاعرُ الفنّانُ =وبه الأسى الموّارُ و الأحزانُ
صوتٌ خفيضٌ كم عليه مهابة ٌ=يُكسَى بها ، وبنورها يزدانُ
وأسرّ لي بالقول ، إنّ مسامعي=لكلامهِ دون الورى آذانُ
إني أتيتُكَ يا أخيّ مودّعا ً = قدَر ٌ أرادَ ليَ النوى و زمانُ
هي هكذا الدنيا التي نحيا بها=وهو الغريبُ بأهلها الإنسانُ
وطني أبى إلا انكسارَ عزيمتي=إنْ جاد يوما ً جودُهُ حرمانُ
سائلتهُ وأسايَ بين جوانحي =أمُهاجرٌ يا أيّها الفنّانُ !
أمُطارَدٌ تبكي العيونُ رحيله =وأسى القلوبِ لبُعدِه َ هتّانُ !
فأجابني الحُرّ الأبيّ بحسرةٍ=أنا مِن قضاء المُجرمينَ مُدانُ
أنا في انتظار مؤبّد ٍ حكموا به=وأنا البريءُ وفي البلاد أهانُ
حكموا عليّ و ما أظنّ قضائهم=إلا هوىً يُملي به الشيطانُ
لا ذنبَ لي إلا محبّة موطني =أهواهُ إني في الهوى إنسانُ
أوَ هكذا الأوطانُ تأكلُ أهلها=بئستْ - وربّي - هذهِ الأوطانُ
بين السجون أرى أكابرَ أمّة ٍ= يسمو بهمْ طول المدى إيمانُ
علماءُ هم تا جُ الحياة ونورُها=وأئمّة ٌ بين الورى أعيانُ
وإذا أبوا حُكم َ الطغاة فإنهم=أهلُ البلاء ِ عن الإباء أبانوا
ما بين سجن ٍفي البلاد ِ وهجرةٍ =لا لمْ ينل ْمن عزمهم سجّانُ
إن ارتحالَ الحُرّ آية ُ عزة ٍ =أبدا ً فليس بوُسْعهِ الإذعانُ
إلا لصوتِ الحقّ في أعماقهِ =أو أن يبينَ كمَنْ مضوا أو بانوا
وهو المُوقّعُ بالدّماء إذا أبى=توقيعُهُ بدم ِ الإباء بيانُ
يغزو به صلفَ الغشوم ِ وكيدَهُ=غزوا ً به يتصدّعُ الطغيانُ
تالله إنّ الحقّ يبزغ فجرُهُ =يوما ويشرق ُ للأماجد ِ شانُ
لتعودَ يا فنّانُ للوطن الذي=حتما ً يعودُ لدفئهِ الإنسانُ