فتحت عينيّ قبيل الفجر فكان أول ما وقع بصري عليه عبر النافذة بدر بهيّ... سرعان ما عكر صفو النظر إليه هول المصاب فخاطبته
يا بدرُ ما تستحي تطلُّ الفجرَ مبتسما= ترى الشآمَ حزيناً يحتسي الألما؟
أما مررتَ بدرعا.. إدلبٍ.. حلبٍ= حمصٍ ..حماةَ و كلٌ يشتكي السقما؟
أما يَروعُك هولُ الخطب في بلدي= غدتْ خراباً.. طرائقُها تفيضُ دما؟
أما تمرُّ بك الأرواحُ صاعدةًالى السماءِ= أما رأيتَ حِمامَ الموتِ مزدحما؟
يا بدرُ بعد نعيمٍ كان يغمرنا= غدت حرائرُ قومي تسكنُ الخِيما
و تسكبُ الدمعَ و الآهاتُ موجعة= فتُفزع الصخر لكن ليس معتصما
و كنت تبصر بالأطفال بهجتهم=و ما ترى الآن فيهم قَطُّ مبتسما
تكسو وجوهَهمُ آثارُ مخمصةٍ= و تحسبُ الموتَ في أطيافهم رُسما
حتّام تغفلُ عن أنّاتِ تعذيبي؟= يا ليتَ كُنتَ بحسنِ الودِّ ملتزما
أما ترق ُّلجرحٍ حزّ في كبدي= و لستُ ألفاه بعد اليوم ملتئما؟
يا بدرُ خاب رجائي فيك وا أسفي= إني أراك بذلِّ القوم مُتَّسِما
إني تبرأت من شمسٍ و من قمرٍ= و من جميع الورى عُربا ً كذا عجما
ثمّ التجأت الى الباري و لذتُ به=حاشاهُ يخذلُ مكلوماً به اعتصما