سنبلةٌ لشتاءٍ غَريب

ما عادَ يُمكِنُ أن أسافِرَ في سؤالٍ لا جوابَ يطيقُهُ

لأكونَ لونًا للتّجانُسِ بينَ ما اصطَنَعوا، وما

آلَيتُ ألا يَنطَلي يومًا عَلّيَّ مِنَ التّخاريفِ التي

وُلِدَت بلا أبوينِ تحديدًا.. وتخطيطًا لما

لا يستَقيمُ مَعَ الزّمانِ، ولا المكانِ،

ولا شُذوذُ الأحجِيَة.

أنا مَن رأى زَحفَ الخَريفِ على مصارِعِ أمَّةٍ

ما هَزَّها سعيُ العدُوِّ إلى العَدُوِّ لِيُعلِنا موتي! ولا

ما متُّ، يأخُذُني الفَضا مِن يَقظَةٍ

أزِفَت، لأصبِحَ طائِرًا أغزو الرّحابَ مَحَبَّةً

حتى يؤوبَ إلى الصّدى

مَن باتَ يفتَعِلُ الرّموزَ وقد نَفَتهُ الأودِيَة.

كافَحتُ حتى لا أُرى مَن يوقَظٌ التّاريخَ مِن آفاتِهِ

حتى تصيرَ لَهُ لُغَة.

يمشي على حَرفِ الحِكايَةِ مائِلًا

للشّرقِ، بل للغَربِ، بل للّاجِهَة.

مُتَزَوِّجًا في كلِّ يومٍ فِريَةً

وَلَدَيهِ ما يَكفي مِنَ النّزَواتِ كَي

يُؤتى ومن كلِّ اتجاهٍ؛ مثلُ بيتِ الزّانيَة.

ناضَلتُ حتى لا أُرى؛

تَتَجاذَبُ الأطرافُ أمنِيَتي،

وتكتُبُ ما عَلَيَّ، وما لِيَ

وتَظَلُّ تُسلِمُني لريحٍ لا تَقِرُّ، ولا تَسُرُّ،

ولا تعودُ إلى اللّوافِحِ...لا إخالُ بأنّها

يومًا ستُثقِلُ، أو تكونُ مِنَ اللّواقِحِ إنّما

تَبقى تُخالِفُني وتَجري عكسَ ما أرجو...

وأعيت أن تجيئَ مُواتِيَة.

ما قلتُ لُغزّا، إنّما..

حاوَلتُ أن أصغي لفَلسَفَةِ التّرابِ يثورُ مِن

وَجَعي ليَجمَعَ ما تَسامى مِن وَفا روحي،

يُؤَرِّخُ لانتِفاضِ الجُرحِ، يَعضُدُني، أنا

مَن كلّما واجَهتُ جرحَ الأرضِ يَغلي بي دَمي.

وهناكَ أطفالي يُناديهم جُنونُ الرّيحِ،

يقتَسِمونَ سنبُلَةَ البَقاء،

ويمنحونَ الطّيرَ مَكرُمَةً حبوبَ شِتائِهِم...

كُلْ يا أخي..

كُلْ يا غريبَ الدّارِ كَي تَقوى على عَودٍ غَدًا؛

كلُّ المَهاجِرِ قاسِيَة.

الأرضُ ترفُضُ أن يُعمَّر فَوقَها القَزَمُ الدّخيلُ، وتنتَشي

لصَهيلِ خطوَةِ عائِدٍ حَنَّت جَوانِحُهُ للَثمِ تُرابِها

وأتى ليجعَلَ نَزفَهُ حِنّاءَ فرحَتِها، ويورِدَ كُلَّ مَن

مَسّوا كَرامَتها شَفيرَ الهاوِيَة.

ما عادَ يُمكِنُ أن أكونَ سوى أنا

وأنا ابن قُدسِ الأرضِ، تَفهَمُ نَبضَتي،

وَتَضُمُّني رَحِمًا وَصَدرًا،

تَستَقي نَزفي ليورِقَ في المدى

صوتُ التّراتيلِ الشّجِيَّةِ، والمثاني السّاطِعَة.

وسوم: العدد 665