قصة حرة
كلنا نذكر «قصة حمدة» أشهر قصائد الشاعر عمر الفرا. كنت أستمع للقصيدة وأتخيل مدينة حماة، فلا فرق بين الاسمين سوى حرف الألف أبدل دالا. فحمدة صمدت أربعة أيام قبل أن تستشهد، وكذلك كانت حماة التي بقيت تقول حتى بعد الموت: «ما أريدك ما أريدك»!
قصة استشهاد حمدة وهي تصرخ: «ما أريدك ما أريدك» تكررت في سورية، فهي مجزرة حماة عام 1982 ومجزرة سجن تدمر قبلها بعامين ومجزرة سجن صيدنايا 2007 ومجزرة الجامع العمري بدرعا 2011 ثم توالت المجازر في سورية وكلها تردد صرخة حماة (حمدة): «ما أريدك ما أريدك حتى لو تذبحني بيدك».
قـالتْ يـومـاً قـولـةَ «حـمـدهْ»
ثـورةُ شــعْـبٍ لابْـنِ الـقــــــردهْ
صـرخَ الأهْـطَـلُ في دهْـشَـتِـهِ
تـأبـانـي وأنــــا ابْـنُ الـعُـمْــدهْ!
سَــــلَّ الـسَّـوطَ وأطـلـقَ يَـــــدهُ
هَــزتْ جَـسَــدَ الـحُـرةِ رِعْـــدهْ
أتـبـعَـهـــا أخــــــرى فـامْـتـدّتْ
يـدُهــا تـلـقَـفُـهُ فـي حِـــــــدّهْ
جَـــرّتْ عَـذْبَـتَـهُ فـانـقـطـعـتْ
ســـــلَّ الخـنـجــرَ أبـرز حــــدّهْ
صـالـتْ كــالـلّـبــوةِ تَـمْـنَـعُـــــهُ
فاسـتَـذأب يسْـتـصرخ جُـنـدَهْ
أطـلـقَ يــــدَه جَــرحــاً طـعـنـاً
فـي كُـــلِّ مَـكــــانٍ مُـمْــتـــــــدّهْ
إلا فـي مَــوْضِـــــعِ عِـفَّـتِــهــــــا
عـنـهُ بِـعِــزٍّ تُـحْــكِــمُ صَـــــدَّهْ
ردَّتْ خِـنْـجَــــرَهُ فـي فَـــمِــــــهِ
شَــقَّـتـهُ فـصــاحَ أيــا نِـكـــــدَهْ
أرســـــلَ قَــوّاديـــهِ تِـبــــاعـــــاً
لِبَني المُـتْـعـةِ يطْـلُبُ نَجــدهْ
فـأتَـــوا وأتى قــــــومٌ وُلِِـــــدوا
بِــإبــاحــــــةِ أمٍّ أو جَــــــــــدَّهْ
وجَـرى دمُـهـا يَـنْـفَـحُ طُـهْـــراً
مـا بيـنَ الـطـعـنـةِ والجَـلْــدهْ
واسْـتَعْـصَتْ فـدعـا مُـرضـعةً
ومــربِّـيــةً رَعـتــا عَــهــــــــدَهْ
أعــداءٌ فـي الـظّـــاهــرِ لـكــنْ
أصـحـــابٌ فـي وقْـتِ الـشِّـــدّهْ
دَعـتــا فُـجّــــــــاراً فـأقَــــــــرّوا
فـي مـجـلِـسِ عُـهـــرٍ مُـسْـــودّهْ
أنَّ الأمــــرَ خـطــيـــرٌ جــــــداً
والشَّـرعِـيَّـةَ لابْـنِ الــوَغْـــدهْ
ومَـصـالِـحُــهُــمْ في أنْ يَـبْـقـى
فَاتّـهـمــوا الـحُـــرّةَ بِـالــــــرِّدَّهْ
ولــهـــا أن تَـخـتــــارَ؛ فـــإمّـــــا
أن تُـقْـتَـلَ أو تَـقْـبـلَ قَـيـــدَهْ
صـرَختْ كــلّا! مَوتي أهْــــوَنْ
من عَـيشــي في رِقٍّ عَـبْــــدَهْ
كـسَــرتْ صـرخـتُـها أغــــلالاً
فغدَت تحتَ الأرجـلِ خُردهْ
وعـلا في الفُسـطـاطِ زئـيـرٌ
زَلْــــزلَ أفـئــــــدةً مُـنْـســـدّهْ:
أهــلُ الأرضِ إذا خَــذلـُـونــــا
فـلَـنــــــا ربٌّ نـرقـبُ وعْـــــدَهْ
وسوم: العدد 667