فجري نشيد يدي
الليلُ ملهاةُ من عاشوا بلا جِهَةٍ تحتاجُ نهضتَهُم،
أو تَستَفيقُ على أضواءِ خُطوَتَهِم.. واللّيلُ يرتَحِلُ..
ما في الصّدى خَلَلُ...
هذا نشيدُ يَدي...
الفَجرُ لم يَلِدِ..
آنَستُ نارًا، ولكن لم أجد قَبَسا
يا ليلُ ما للهوى ما رّقَّ إلا قَسى؟
كالرّوحِ ضاقَت وقد خَلّت مَعارِجَها..
حَنّت، ولكن أبى قاعٌ بِهِ هَبطَت..
لانت وَقَد أدرَكَت أنّ اتّباعَ الهوى بوّابَةُ الفِتَنِ...
مالَت لتَترُكَني..
عالَجتُ قَهري أنا أمثولَةُ الجَلَدِ
قَد باتَ صبري صَدى، ضَيَّعتُ مُلتَحَدي
هل في النّشيدِ نَشيدٌ لم يَكن وَطَنًا للأمنِياتِ،
يَدًا للحادِثاتِ، صدًى للروحِ، عمرًا لترحالٍ بلا أفُقٍ،
ريحًا بلا جِهَةٍ، ليلًا بلا شَجَنِ...
آوي، ويَحضُنُني...
لو عُدتُ يومًا إلى صوتي؛ سَيُنكِرُني
أو رُمتُ صَمتًا؛ نِدا جُرحي سَيَخذُلُني
لا عُمرَ للفَجرِ إلا ما وَقَفتُ على أعتابِهِ،
وسرى في مُهجَتي قَبَسٌ من روحِ نَسمَتِهِ،
سَمَوتُ أطلُبُهُ نورًا ومُنطَلَقًا، وحيًا لغاياتي...
بيدي بلا رئَةٍ...
ضاقت حكاياتي...
بحرٌ أمامي المَدى... موجٌ بلا شاطي
كيفَ امتَطيتُ دَمي... ولم أزل خاطي؟
هذا المَدى قُبلَةٌ جَفَّت لتَحبِسَني في ثَغرِ شارِدَةٍ
خَلفَ الصّدى سَكَنَت، وَهَبتُها ذاتي..
العشقُ مأساتي...
الصّبرُ مَلهاتي...
ضاقت بيَ المُدُنُ، استيأستُ من مُثُلي
الدّربُ أطوَلُ من صَبري، ومن أملي
يا روحُ فاتّحدي، صوغي خُطوطَ يَدي...
كوني صدى لُغَةِ الماضي إلى أبَدِ...
قَد أرعَشَتهُ رُؤًى تقوى على المَدَدِ..
راحَت تواصِلُني...
والنّورُ مُلتَحَدي..
راوَدتُ حُرحِيَ عن صوتي وعَن جَلَدي
صَرَّت رياحُ نَوى في قبضَةِ الرَشَدِ
آنَستُ نورًا، ولكن أنكَرَتهُ يَدي!
فالفَجرُ لم يَلِدِ...
وغصّت الرّوحُ حُزنًا حينَما لُغَتي
أوَت خَريفًا، فلم تُلقِح، ولم تَسُدِ..
يا روحُ فاتّقِدي..
فجري نَشيدُ يَدي.
وسوم: العدد 668