خارطة الرّحيل

رمَضانُ هذا العامُ ليسَ ككُلِّ عام

فلقد أطلّ من الزّحامِ بلا زحام

ما أكثرَ الجوعى لَديه ،

وما أقلَّهُمُ الصّيام!

***

رمضانُ هذا العام موّالُّ الحكاية

خرَجت تَضاريسُ الوِصايَةِ من دَهاليزِ الوِصاية

كلُّ الجِهاتِ تَداخَلَت..

كلُّ الصّوَر..

والأزمِنَة..

والباقياتُ المُفتِنَة!

رمضانُ هذا العامُ -والأعمال بالنّيات-

لن تَنوي الصيامَ جراحُنا

لن يقرَبَ الصّومَ التّرابُ بشامنا

وبِمِصرِنا....

فتَنٌ...

شعوبُ الأرضِ تعشقُ نَزفَنا؟

أم نحنُ ما عُدنا لنا؟

وصدورُنا...

فيها تموتُ سيوفُنا

وديارُنا..

مُذْ أصبحَت فيها المَجوسُ شُيوخَنا

والرّومُ أهلُ رباطِنا

والغانياتُ تَقودُنا...

وقيودُنا..

ليست بأيدينا! ولكِنّا ..

يَشُلُّ عقولَنا القيدُ!

***

الموتُ هذا العامُ يمتَدُّ

مَدًى...

صِرنا بهِ القَيدُ

والليلُ يشتَدُّ

ما للسدّى حَدُّ

ليسودَ زنديقٌ..

ويقودَ مُرتَدُّ!

***

رمضانُ كيفَ أتيتْ!

وقلوبنا تموتْ!

وقبورُنا بيوتْ..

والصوتُ يرتَدُّ،

لا يَرضى بهِ لَحدُ

في ضوءِ ما يبدو

ملّاحنا الجريحْ

يمضي بعكس الرّيحْ

والرّيحُ مَجنونة...

الريحُ مَفتونة..

تقتاتُ مِن جرحي..

وجرحي يَستريح

والصمتُ يحكي للجريح عن الجريح

هل تشتري وهمَ النّجاة بزَحفَةٍ

نحو الحياةِ

وكل ما فيها قبيح

كل يحاول أن ينال جنونَهُ

وجنونهُ أن يستريحَ.. ولا يُريح

***

رمضانُ هذا العامُ ليسَ ككلِّ عام

رمضانُ يكسرُ بالسلامِ سدى الزّحام

هذا الغروبُ يعودُ من وَهَجِ الرّؤى

والرومُ تستجدي انتقاما بانتقام

وعن الكلام يبوحُ مكنونُ الكلام

***

رمضان هذا العامُ أُحجيةُ العقول

وهمُ القتيلِ بأن يُسانِدَهُ القتيل..

والنّيلُ يجري... لا بديل..

هانَ القبيلُ على القبيلِ بلا قَبيل..

والنّيلُ يجري... لا بديل..

النّيلُ مَوّالُ الرّحيلِ..

ولا رَحيل

النّيلُ أغنيةُ المَواسِم للحُقول.

النّيلُ صبرٌ للغَليلِ على الغَليل..

النّيلُ أشواقُ النّخيلِ إلى النّخيل..

النّيل صوتُ الأمنياتِ يضجُّ في أفقِ الصّهيل..

النّيل يَستلُّ الدّليلَ اليومَ من صمتِ الدّليل..

الرّوم والغربانُ عادوا ... والفلول

والنّيل يبرأ من أساطيرِ الحُواةِ

يفيضُ من أجل الحياةِ

يظلُّ يجري ..

لا بديل

النّيلُ إنسانُ الدّليل

وسوم: العدد 672