يا ساقيَ الناس من كأسٍ بها النكدُ=منها اشربنَّ وذُقْ ما الناس قد وجدوا
أرسلتَ حبلاً على الأعناقِ تخنقُها=وإذ ببيتِكَ حبلُ الموت ينعقدُ
أوقَدتَ بركانَ حقدٍ زافِراً مِحناً=حتى أتاك انتقام الله يَتَّقِدُ
لما سَمعتَ بكا ثكلاك باسلَها=تُرى عرفتَ أخيراً ما هو الولَدُ!
كم قد فَجَعتَ أباً بابنٍ ووالدةً=وكنتَ في طربٍ لما بكى البَلَدُ
على الألوف من الأزهار إخوتِنا=والأرض شَاهدةٌ والحبلُ والزرد
ما كان موتُ الفتى يأتي مصادفةً=والدرسُ متَّضِحٌ فافهَمهُ يا رمِدُ
إن يَعْجِزِ الناسُ فالأقدارُ نافذةٌ=إن حانَ موعِدُها ما ردَّها أحَد
لله في خَلقِهِ جُندٌ مجنَّدةٌ=تَنبَثُّ خَافِيةً ما حدَّها عددُ
في العين مهمَلةٌ في الوزن راجحةٌ= في الحُكمِ مَاضِيةٌ, لله تحتشدُ
سيفُ المنيِّةِ إذ يهوي القضَاء به=يَنقَضُّ صاعقةً في الحزم منفَرِدُ
يا قاتلاً نجلَه بالظلم لا ظفِرتْ=يُمناك خيراً.. ولا اليسرى لها الرشدُ
أغْوَتْكَ سُحْبٌ من الطغيان آثمةٌ=وعَرشُ بَغيٍ إلى الإجرام يسْتند
وغرَّكَ الهُرْجُ بالتطبيل قد برعوا=ونَصَّبوكَ إلهاً ... بِئسَ ما عبدوا
ربُّ المجازرِ, والإرهابُ حكمتُهُ=والقتْلُ منطِقُهُ, والصدقُ مُفتَقَد
تلك القوافلُ في الصحراء ما نُسِيَتْ=في عُنْق من دمُها.. يا وغدُ تعتقدُ؟
يا رُبَّ أمٍّ على الأحزان عاكفةٍ=ترمي الدعاءَ وإذ بالعرشِ يَرتَعِدُ
ظلت تُهيلُ عليك اللعنَ ألسنةٌ=حتى قضى ابنُك فانظر ماجَنَتهُ يدُ
يا حاكماً زمناً بالغدر محتقناً=وفي نظام الوحوش الغدرُ مُعتَمَدُ
ورمزَ عارٍ مدى الأزمان تحملُهُ=أبشِرْ بهاويةٍ .. في جيدِكَ المسدُ
فأنت حافظُ لم تحفظْ سوى سقَطٍ=وكنتَ مفترساً للشعبِ يا أسدُ