أشواق إلى طيبة
الحمدُ لله لا كربٌ ولا ألمُ
ربٌ كريمٌ له الأنوارُ والظُّلَمُ
شط المزار وزاد الشوق في كبدي
أين الحبيب فإن القلب مضطرم
هذي المدينة كالفردوس مشرقة
حلم أراه أم الأشباح ترتسمُ
هذي المدينة لا دارٌ تشابهها
من لم يزرها فقد زلت به القدم
شوق بقلبي إلى دار الهوى أبدا
متى جراح رجال العشق تلتئم
والعشق نار الجوى من دون لسعتها
فليس يُعرف إبريزٌ ولا وخم
درب العلى للفتى قد راح يعشقه
وفي الخسائس دوما هامتِ البهم
إن هامَ قيسٌ بليلى راح يذكرها
فذكرنا للهدى وفيه ننتظمُ
ياصاحب الجرح لا تعبأ بنائبةٍ
واهرع لطيبةَ فيها العز والكرم
عش في المدينة تلق العيش مكرمة
وعنك يسري إلى حسادك الألم
زالتْ بطيبةَ عن حرٍّ مواجعه
بيت النبي ومنها تهتدي الأمم
فيها الصحاب تآخو رغم محنتهم
وبالكتاب لهم حصنٌ وملتأم
بقيعها جنة فيه قد اجتمعت
أجساد قوم لهم بالله معتصم
ومسجدٌ في قبا قامت دعائمه
صلاته عمرة والفضل يغتنم
أقامه بالتقى من يوم نشأته
قوم لهم بالعلا حب ومغتنم
وخندق بقيت من بعدِ كربتهِ
مساجد سبعة كأنها هرمُ
ومسجد القبلتين رائعٌ أبداً
كأنه دوحة بالناس تزدحم
واذكر أخي مسجد الغمام معجزة
دعا به المصطفى ففاضت الأكمُ
إيه بطابة وايم الله موعدنا
من حولها حرة كأنها حمم
مدينة قد سمت والله يكلؤها
فأهلها من غزاة الحرب قد فطموا
واستقبلوا من أتى مهاجرا كرما
واستمسكوا بالهدى والدين والتزموا
روح وريحانة والله كرَّمها
وفي ثراها تآخى السيفُ والقلمُ
للفكر موقظة للقلب منعشة
للروح مطلقة والشوق يضطرم
وروضة من جنان الخلد ساحتها
قد طاب من طيبها الروضاتُ والأكمُ
من بيتِ سيدنا لحدِّ منبره
ربوعها رحمة وذكرها علم
وبيت فاطمةٍ أكرم بفاطمةٍ
وبيتُ عائشةٍ من حوله الحشم
جثمان سيدنا في حجر عائشة
وصحبه حوله قوم همُ القمم
صدِّيقنا سيدي فاروق صاحبه
هيهات تنكرهم عربٌ ولا عجمُ
معالمٌ ليس يفنى ذكر صاحبها
ومنبر للهدى والمسجد الحرم
إذا تعالى الأذان كنت مدكرا
فيه بلالاً ونار الشجو تصطلم
وصفة جمعت قوما قد افتقروا
ذكراها باقية وأهلها سلموا
في كل شبر لنا في طيبة شيم
أكرم بها فلها الإشراق والشمم
من طيبة للورى شمس الهدى انتصفت
فزال عن كوننا الإجرام والظلم
محمد سيد الأكوان قائدنا
قد لبى دعوته الأخيار كلهم
قد أرشد الناس للأخلاق عالية
وديننا يستوي الأسياد والخدم
فاسأل حضارتنا عن سر روعتها
لولا محمدها ماعمت النعم
من عند قرطبة للصين دولتنا
حدودها الكون والنجوم والسدم
بأحمد سيدي سدنا الورى أبدا
و كان رائدنا التوحيد والقيم
ثم الصلاة على نبينا أبدا
به النبوة والأخيار قد ختموا
واجعله يا ربنا في الحشر شافعنا
واختم لنا بالهدى فذلك الغُنُم
وانصر إلهي بفضلٍ منك أمتنا
وفرجنْ كرباً إذ عمتِ النقمُ
الغوث غوثك ياربي ومعتمدي
فجد علينا فأنت الرب والحكم
منا الذنوبُ لضعف في طبيعتنا
والجودُ منك يداك الخير والديمُ
والحمد لله دوما عند ختمتنا
فيها ابتدينا وفيها نحن نختتم
وسوم: العدد 681