رَبَّاهُ ما بالُ الدُّنى تَتَباهى= و الهَضْبَةُ الشَّهبا ازْدَهَتْ بِحلاها
اللهُ أكبَرُ يا جَوانِبَها انطقي=و لتُسمِعي الآفاقَ عَذْبَ غِناها
لِلّهِ كم بَهَرَ الوجودَ بَهاؤها= يا طالِبَ العلياءِ تِلكَ رُباها
فَهُناكَ ما أهْناكَ حين تَطوفُ في= أركانِها ، فالكونُ زارَ حِماها
أرضٌ رَعاها اللهُ مُذْ خَلَقَ الثَّرى=هَلَّ الصباحُ فَحَلَّ قَيْدَ دُجاها
و افترَّ عن شمسِ الحضارة ِشَرقُها=فرأيتَ شَهباءَ الشَّآمِ سَماها
غَضَّتْ تَعابيرُ البلاغَةِ طَرْفَها= خَجَلاً و خابَ الوَصْفُ عنْ مَرْقاها
لكنْ رُموزُ اللفْظِ تَسْتُرُ خَلْفَها= أُفُقاً و غَيْرُ الربِّ ما أَحْصَاها
و أَذاعَ في الشَّرْقِ الكريمِ كِرامُه = أنْ فيكِ يا حَلَبُ المقامُ تَناهى
يا أرضَ نورٍ يا سماءَ مَكارِمٍ= ياشَمْسَ عِلْمٍ ما خَبا مَسْعاها
أنتِ الخليفةُ للحضارةِ فاهتفي= و تَلألئي في ذا الدُّجى كَضُحاها
شَهْباءُ فاسقي مِنْ لبانِكِ أُمَّةً= قّصَدَتْكِ يَطْمَحُ بالقِرى عَطْشاها
لَبَناً تَفَجَّرَ مِنْ ضُرُوْعِ أَصالةٍ= فَرَوى عُرُوقَ الشَّرْقِ بَعْدَ ظَماها
فَقِراكِ غَيْثٌ أَخْجَلَ الأطْماعَ مِنْ= حُسْنِ العَطاءِ فَتَسْتَغيْثُ اللهَ
باللهِ يا كُلَّ الدُّهورِ تَجَمَّعي= و لْتَخْشَعي لِجَلالِ مَنْ سَوَّاها
باللهِ يا كُلَّ المَآثِرِ أَنشِدي= و لْتَأْسُري بِعُرُوشِها عُتَقاها
يا أُنْسَنا تِلكَ الجُموعُ تَنَسَّمَتْ= مِنْ نَفْحِ ذِكرى ما خَبَتْ بُشْراها
قدْ صافَحَتْ كُلُّ القلوبِ بِأرضِنا= عَهْدَ الحَضارَةِ و العُلومِ فَتاها
تَأوي إلى رُكنِ الَكمالِ و حَسْبُها= عِلْمٌ و دينٌ و الدُّنى تَرْعاها
أَبْصِرْ، رَعاكَ اللهُ ، ما مِنْ لَحْظَةٍ = مِنْ عُمْرِها إلا و زادَ حَلاها
و انْظُرْ ، حَماكَ اللهُ، مامِنْ رُقْعَةٍ=إلا و نَقْشُ العِزِّ زَيّّنَ فاها
فَجَوَانِبُ الشَّهْباءِ تَشْهَدُ قَدْرَكُمْ = حتى الجَمادُ بها استَحالَ شِفاها
و قِفوا فَذا العَرْشُ العَظيمُ بِقِلْعَةٍ= قد كُحِّلَتْ بِدِما العِدا عَيْنَاها
تَجِدوا مَراسِمَ سَيْفَ دَوْلَتِنا هُنا= يُلْقي التّحيّةَ و القِرى و الجاها
و تَفَضَّلوا ياسادَتي و تَسَمَّعوا= يُطْرِبْكُمُ مُتَنَبِّئٌ بِفِناها
و اشْهَدْ فَتِلْكَ مآذِنٌ و كَنائِسٌ = تَتَعانَقُ الأرواحُ تَحتَ لِواها
و مَآدِبٌ حَفَلَتْ بخيرِ مَبادئٍ= للعِلْمِ و الأشعارِ بَلْ و غِناها
و حَدائِقٌ ذا الأفْقُ يَحْضُنُ زَهْرَها= و لَطالَما سَكِرَ المَلا بِشَذاها
أو عَرِّجوا لِتَرَوا مَبانِيَ عِزِّها= كَحَمائِمٍ بِيْضٍ رَقَتْ لِسَماها
أَكْرِمْ بِمَنْ أُثِرَتْ بِهِمْ آثارُهُمْ= و رَقَتْ بِهِمْ أمْجادُهُم أقْصاها
أَعْظِمْ بِمَنْ شَرُفَتْ بِهِمْ أَوْطانُهُمْ= قد وَثَّقوا بِعُروقِهِمْ لِعُراها
فَهِيَ اللّمى لِشِفاهِ عِزٍّ ما هَمى = إلا العَراقَةَ مُلْهِماً لِشِفاها
طَبَعوا مِنَ الأعْرَافِ أجْمَلَ صُوْرَةٍ= لِنُفُوسِهِمْ فَتَوَهَّجَتْ أَرْقَاها
هُمْ أهْلُ شَهْباءٍ و ما شَهِدَ الوَرى = بَشَراً سِواهُمْ خَلَّدوا مَحْياها
هُمْ أهْلُ شَهْباءٍ و ماذُكِرَ العُلا= إلا و كانوا في المَقامِ جِبَاها
و تَرَبَّعوا عَرشَ المَكارِمِ و النّدى= و سَمَتْ مَحاسِنُهُمْ فَما تَتَناهى
و مَكارِمُ الأخلاقِ فيهم أَنْبَتَتْ= زَهْرَ الوَفا في أَرْضِها و سَماها
وَثَقوا عُرى الإسلامِ ، حَسْبُ فَخارِهِمْ= مَلَكُوا الدُّنى و العِلْمَ بَل و الجاها
يا أيها النَّاهُوْنَ عَنْ رَكْبِ العُلا= و المُنْكِرونَ لِذا المَقامِ سَفاها
إنَّ الزِّحامَ لِغَيْرِكُمْ فَتَحَيَّنوا = وِرْدَ المَكارِمِ لِلذي يَرْعاها
إنّا - بَنِيْ الإسلامِ - آباءُ العُلا= سُرُجُ المَحامِدِ و الأنامُ وَراها
و مِدَادُنا شَمْسُ الوُجُودِ مُحَمَّدٌ= عَينُ العَوالِمِ ، جَلَّ مَنْ سَوَّاها