هذا لظاكٍ ذاب منه فؤادي = أبداً ، وما هنتٍ عليّ بلادي
وطعمتُ خبزك بالهوان مغمّساً=هو من عجين القهر و لإفسادِ
ومشيتُ في ظل البطالة حافياً =من غير مأوىً طيّبٍ أو زادِ
ثاوٍ بليل الخوف ينهش أضلعي=وأنا أخافُ من الأسى إرصادي
ما عاد لي أملٌ بأرضكِ إنما=أملي هنالك في المحيط الهادي
وقد اتجهتُ إلى البحار فربما=من خلفها يبدو سنا إسعادي
أرنو هنالك بالحليلة حالماً =و ملاعباً مثل الورى أولادي
ما خفتُ موجَ البحر لاح لأعينٍ=مقرورةٍ بالنفي و الإبعادِ
نفسي تحنّ إلى الحياة كريمةً=رضيتْ بلادي محنةَ استبعادي
أو أن أعيش بأرضها مستعبَداً =وأنا أبيتُ من الدنا استعبادي
نفسي تتوقُ إلى اغترابيَ ساقها=حبُ الحياة فما أنا كجمادٍ
ماذا جنتْ من موطنٍ هامت به=حباً ،وفيه البؤسُ شرُ حصادِ
وأنا المكابدُ في هواها لوعتي=فوهبتها دون الورى إنشادي
و اليومَ لم تدَعِ البحارُ سفينتي=حتى ثوت في القاع دون رشادِ
وأنا أصارعُ ميتةً يبدو بها=قدَري ليُعلنَ بعدها استشهادي
إني فررتُ من المنية عاشقاً=سحْرَ الحياةِ وما الفناءُ مُرادي
فوجدته في البحر لاحَ لناظري=وأنا له في السعي ذاك الغادي
كم ذا أحدّثُ بانتهاء مواجعي=حُلماً أدندنُ حوله فأنادي
يا مصرُ إني قد هجرتكِ مكرَهاً=حتى أحطمَ قاهراً أصفادي
والآن فوق الماء تطفو جثتي=تشكو إلى القهار جُرْمَ العادي
فلئن قضى ربّي عليّ مَنيّتي=فقد استراح القلبُ بعد سُهادِ
لو قدّر الرحمنُ عودةَ راحلٍ =أنا لن أعود إلى تراب بلادي
ما لم يزُلْ عنها الهوانُ وشعبها=في القهر بين الظلم والإفسادِ
سأظلُ في طلب الحياة بموطنٍ=لا ذلّ فيهِ لرائحٍ أو غادِ
زادُ الرحيلِ عن الكآبة والأسى =أمَلٌ يعانقُ مهجةَ القُصّادِ