بمناسة ذكرى وفاة الشيخ الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله..
مرثية رائعة للشاعر الأديب مصطفى السباعي يرثي نفسه وهو على فراش الموت قالها ثم مات بعدها رحمه الله :
أهاجك الوجد أم شاقتك آثار=كانت مغاني نعم الأهل والدار؟!
وما لعينك تبكي حرقة وأسى= وما لقلبك قد ضجت به النار
على الأحبة تبكي أم على طلل=لم يبق فيه أحباء وسمار
وهل من الدهر تبكي سوء عشرته=لم يوف حقاً ولم يهدأ له ثار
هيهات يا صاحبي آسى على زمن=ساد العبيد به واقتيد أحرار
أو أذرف الدمع في حِبِّ يفارقني= أو في اللذائد والآمال تنهار
فما سبتني قبل اليوم غانية=ولا دعاني إلى الفحشاء فجار
أَمَت في الله نفساً لا تطاوعني= في المكرمات لها في الشر إصرار
وبعت لله دنيا لا يسود بها حق=ولا قادها في الحكم أبرار
وإنما جزعي في صبية درجو= غُفْلٍ عن الشر لم توقد لهم نار
قد كنت أرجو زمانا أن أقودهم= للمكرمات فلا ظلم ولا عار
واليوم سارعت في خطوي إلى كفن=يوماً سيلبسه بر وفجار
بالله يا صبيبتي لا تهلكوا جزعاً=على أبيكم طريق الموت أقدار
تركتكم في حمى الرحمن يكلؤكم=من يحمه الله لا توبقه أوزار
وأنتم يا أهيل الحي صبيتكم=أمانة عندكم هل يهمل الجار
أفدي بنفسي أُماً لا يفارقها هم=وتنهار حزناً حين أنهار
فكيف تسكن بعد اليوم من شجن= يا لوعة الثكل ما في الدار ديار
وزوجة منحتني كل ما ملكت= من صادق الود تحنان وإيثار
عشنا زماناً هنيئاً من تواصلنا=فكم يؤرق بعد العز إدبار
وإخوة جعلوني بعد فقد أبي=أباً لآمالهم روض وأزهار
أستودع الله صحباً كنت أذخرهم= للنائبات لنا أنس وأسمار
الملتقى في جنان الخلد إن قبلت= منا صلاة وطاعات وأذكار