صديقيَ التلفاز
عينايَ تَاْبى ليلَها يَنامْ
أَغْمَضْتُها ، أَغْمَضْتُهُ
استرْخَيْتُ فوْقَ فَرْشتي
شربْتُ كوبَ زَنْجبيلْ
أَرْدَفْتُهُ بماءِ وَرْدٍ وابْتَلَعْتُ حَبَّتَيْ زكامْ
أَسْدَلْتُها سواتِرَ الظلامْ
سوى بصيصٍ اسْمُهُ التِّلفازْ
أَنيسُ وِحْدتي مُسامِري في الَّليلِ في النَّهارْ
لكنَّهُ تِلْفازِيَ الحميمُ لم يَعُدْ مُهَذَّبًا
كما مَضى في سالفِ الأَيَّامْ
يُهَدْهِدُ الصِّغارَ والكبارْ
ويمسحُ الدُّموعَ يزرعُ الوئامْ
بَدا غليظَ القلبِ ، جَهْمَ الوجهِ مُمْعِنًا في لوثةِ الآثامْ
لا يَرْعَوي ، يَشُنُّ حَرْبَهُ ويُعْلِنُ الخصامْ
ويزْعجُ النِّيامَ يُشْعِلُ القلوبَ بالضِّرامْ
وَيَنْثُرُ الحِمامَ في الوُجوهِ يَقْتُلُ اليَمامْ
فيهِ تُقَطَّعُ الرُّؤُوسُ ، تُقْلَعُ العيونُ ،تُبْترُ الأَقدامْ
بِأَمْرِ سلطانٍ ، بِآيَةٍ مُعَمَّمٍ يَدْعُونَهُ الإمامْ
لكنَّني كأَنَّني غفوتُ بُرهةً أَوْ بَعْضَها
كأَنَّني رأيتُ في المنامْ
مدينةً ما مثْلُها
كأَنَّها مِنْ أَلْفِ ليلةٍ مَضَتْ
وليلةٍ تَفُوحُ بالخُزامْ
وجاءَني علاءُ دينِها
يقودُني مِصباحُهُ السِّحْريُّ للأَمامْ
دَخَلتُها إِذا بِها مَطْلِيَّةٌ جُدْرانُها بِأَبْيَضِ الغَمامْ
نَسيمُها يَرِفُّ رَفَّ ريشَةْ النَّعامْ
يَفيضُ ماءُ وَرْدِها يَنْهَلُّ بانْسِجامْ
أَريجُها يَفوحُ يملأُ الرُّبى يُعَطِّرُ الآكامْ
أُناسُها وجوهُهُمْ تَطْفَحُ بِالبِشْرِ وَتَقْرأُ السَّلامْ
يُصافحونَ كلَّ عابرٍ يُهدونَهُ منْ لُطْفِهِمْ رَوائِعَ الكلامْ
يعلِّقونَها بِصَدْرهِ في جيدِهْ فِضِّيَةَ الوِسامْ
سُقوفُها أَحْواضُها
مزروعةٌ بالفُلِّ وَالنَّارِنْجِ والرَّيْحانْ
قِطارُها بلا ضَجيجٍ دائمُ التَّجْوالْ
مُحَمَّلًا عَواطفًا
تُهْدَى لِكُلِّ زائِرٍ جَوَّالْ
والحُبُّ في دِنانِها يُباعُ بالمجَّانْ
أَسْواقُها مَليئةٌ تَراحُمٌ ، تَلاحُمٌ ، تَسامُحٌ
يُهْدي لَكَ الوَزَّانْ
أبوابُها مُشْرَعَةٌ ، شوارِعٌ حَنُونَةٌ
لا تَشْتَكي الزِّحامْ
لوْحاتُها على الذُّرى
رأيتُها مضيئةً ، تَقولُ بابْتِسامْ
أَهْلًا وَمَرْحبًا بِكُمْ ضُيوفَنا ضُيوفَنا الكِرامْ
وسوم: العدد 694