في محكم التنزيل : )لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ128/129 (التوبة
وُلِدَ الخيرُ مورقًا في المغاني = وتَدَلَّتْ قطوفُه في الزمانِ
وتوارتْ منابتُ الشَّرِّ تُؤذي = كلَّ حينٍ نواعسَ الأجفانِ
وطوى الجاهليةَ النُّورُ وافى = بسجايا مُحَمَّدٍ والمثاني
وسحاباتِ سُنَّةٍ أَلِفَتْهَا = ظامئاتُ الأحناءِ في كلِّ آنِ
إذْ حنا وَدْقُهَا المقدسُ يَسقي = جفوةَ الرملِ في الصحارى الرواني
هي كم ذا تَلَفَّتَتْ ، وتنادى = ساكنوها من وطأةِ الحدثانِ
فأغاثَ الرحمنُ أُمَّتَه اهتزَّتْ ... = ... على صوتِ وحيِه الرباني
فَنَضَتْ رِبْقَةَ الضلالِ ، لدينٍ = كلأتْهُ شمائلُ الإحسانِ
وأفاقتْ من بعدِ نومٍ ثقيلٍ = لم يُطِقْهُ الشعورُ في الوجدانِ
وهفا الحقُّ فاستثارَ شبابًا = من بنيها والخيرُ في الفتيانِ
وتنادَوا هيَّا إلى الفتحِ هيَّا = لابظلمٍ ، وليس بالأضغانِ
لم يُرَاوِدْهُمُ الغرُورُ ، فعاشوا = نهجَ نُبْلٍ قد جاءَ في الفرقانِ
الإباءُ الفوَّاحُ بالقيمِ العليا ... = ... وبالخيرِ في المدى الإنساني
فالقوافي مزهُوَّةٌ تتسامى = بكنوزِ ابتهاجِها والبيانِ
شذوُها الآسرُ استرقَ قلوبًا = لن تراها في غفلةٍ أو تواني
قد نسجناهُ والبيانُ حَرِيٌّ = بجميلاتِ شدوِه والمعاني
عِزَّةٌ باللهِ المهيمنِ تأبى = مالنفسٍ أمَّارةٍ من هوانِ
علمتْنا الآياتُ أن نتعالى = فوقَ عارِ الخنوعِ والإذعانِ
نمتطي صهوةَ الجهادِ جنودا = في ميادينِ غمرةِ العنفوانِ
فاسألوا الفرسَ عن ليالٍ تَقَضَّتْ = ورواياتِ قادةِ الفرسانِ
يوم جاءَ الوغى الرجالُ بسيفٍ = عُمَرِيٍّ ماكان بالحسبانِ
فتهاوتْ قاماتُ أهلِ الضَّلالاتِ ... = ... وباءتْ بالويلِ والخسرانِ
وسلوا الضَّالين العتاةَ بني البغي ... = ... بقايا الصلبانِ والرومانِ
لن يموتَ الربيعُ والموتُ أولى = بطواغيتِ فتنةٍ وامتهانِ
فَمُحَيَّا جبريل لم يزل الدهرَ ... = ... قريبًا من أعينِ الشجعانِ
ويقينٌ باللهِ ليس سيفنى = أو يُوَارَى في زحمةِ الأحزانِ
وبحُبٍّ هيهاتَ يذبُلُ يومًا = في الفؤادِ المولَّهِ الفينانِ
للحبيبِ الذي هواهُ بقلبي = لم يُصَرَّمْ على مدى الأحيانِ
سيِّدي ياحبيبَ ربٍّ كريمٍ = لم يُصَوِّحْ حُلوُ الربيعِ الهاني
يتغنَّى به الزمانُ ، وتُلفي = واحةَ الأمنِ وِجهَةُ الحيرانِ
ويمرُّ التاريخُ يُهملُ قومًا = بالزعاماتِ فخرُهم والأماني
وترى المصلحين آبوا إليه = من قَصِيٍّ عن البلادِ و دانِ
قد رأوا في شريعةِ الله بابًا = للخلاصِ المنشودِ من كلِّ جانِ
باءت الفلسفاتُ بالبؤسِ حينًا = وبضنكٍ للناسِ في أحيانِ
وانتضى بعضُهُم سمومَ فسادٍ = ليعيبوا على بهيِّ البيانِ
وأتى آخرون بالصدقِ لمَّا = وجدوا الحقَّ هلَّ بالبرهانِ
هلكَ الخاسرون ، واليومَ حاروا = فَهُمُ بينَ حاقدٍ وأناني
وتولَّوا يورون نارَ عداءٍ = في حقولٍ من الهناءِ حِسانِ
قد يزولُ النعيمُ تحياه نفسٌ = وتولِّي أفراحُها والأماني
وتعاني من الضنى والرزايا = ومن الخطبِ فارَ والخِذلانِ
غيرَ أنَّ الفؤادَ يحيا مُصِرًّا = رغمَ كلِّ الأذى على الإيمانِ
فهو الوحيُ ، والعقيدةُ أبقى = من نقيقِ التهديدِ والبهتانِ
ومن اللوعةِ المريرةِ باتتْ = جمرةً تكوي بوحَ كلِّ جَنانِ
هي من صفحةِ البلاءِ و لولا... = ... ها ، لَمَا فازَ مؤثِرٌ للجِنانِ
وهي الدنيا والنهايةُ حشرٌ = ومساقٌ للخُلدِ يا مَن تُعاني !
لأعالي الرضوانِ ، فاهنأْ رضِيًّا = في الفراديسِ ، ليس من حرمانِ
ودعِ الآخرينَ أهلِ الدنايا = والطغاة العتاة للنيرانِ
يعلمُ اللهُ مالهم من عذابٍ = سرمديِ الغِسلينِ بين الدخانِ
فَجَأَ الهولُ وعيَهم فتهاووا = مبلسي أنفسٍ بلا أعوانِ
فمقامٌ في وحشةٍ وثبورٍ = مَعَ أَهلِ الهوى من الخِلاَّنِ
قًلْ لِمَنْ غرَّه الزمانُ رويدًا = أنتَ فيه من أحقرِ العبدانِ
أنتَ واللهِ مَيِّتٌ لامسجى = في مخازيكَ ويكَ والكفرانِ
لاتَظُنَّنَّ أنَّ بغيَك يلوي = مالدينا من قوةٍ لا هوانِ
هو ميثاقُ أُمَّةٍ لاتبالي = بأفاعيلِ زمرةِ الشيطانِ
فعريقُ الفخارِ ليس بفانٍ = وغثاءُ الطغيانِ أغبرُ فانِ
ماتخلَّتْ عن عزِّها وهداها = والمثاني وسُنَّةِ العدناني
وعن الجود بالنفيسِ من العمرِ ... = ... وكلِّ الأموالِ والولدانِ
سيُطِلُّ الصباحُ والليلُ يُطوَى = ويُنارُ المدى بيومِ أمانِ
عندها تنعمُ الشعوبُ وتُلقي = بافتخارٍ عن كاهليها التواني
لن تردِّيهما : يدَ اطمئنانٍ = والبشارتِ ، ياصروفَ الزمانِ
مُدَّتا ، والكآبةُ اليومَ تكوي = مابجنبيَّ من نشاوى الأماني
والمصيباتُ توقد الدربَ نارًا = تتلظَّى في القلبِ والأجفانِ
والليالي ساهماتٌ حيارى = ليس تغفو عينان في الحدثانِ
والدراري بأفقها واجماتٌ = ذابلاتٌ في دارةِ الأشجانِ
وعلى الأرضِ لوعةٌ تتلوَّى = في شحوبِ الوجوهِ والأبدانِ
إنَّها أُمَّتي وهاهم بنوها = طيَّ جَوْرِ التنكيل والأكفانِ
أجمعتْ دونَ حتفِها أُممُ الأرضِ ... = ... وجاءتْ جيوشُها للطعانِ
وتثنَّى بالكبرياءِ زنيمٌ = جنَّدتْهُ رعايةُ الشيطانِ
فتبدَّى كالوحشِ فيها وأرغى = مشمخرًا بلامَةِ العدوانِ
وتمادى بِشَرِّه يتحدَّى = أُمَّةً ذاتَ عزَّةٍ وتفانِ
مادرى عن أيامِها ، وتناسى = مالها من مكانةٍ و مكانِ
غرَّ هذا المأروضَ نومُ بَنِيْهَا = كَسُبَاتِ النسورِ والعقبانِ
نهشَتْها أشداقُ عهدٍ تقضَّى = بالتفاهاتِ والهوى والهوانِ
ورماها من العُلُوِّ طغاةٌ = من بنيها ومن عدوٍّ جانِ
فاستنامتْ وللفجائعِ رعدٌ = يوقظُ الغافلين بين الغواني
وإذِ القتلُ والدمارُ وما لا = رأت العينُ قبلُ في البلدانِ
إنَّه الحِقدُ والرعونةُ واللؤمُ ... = ... وما في الصدورِ من أضغانِ
أوقَدُوها ففي البلادِ جحيمٌ = دُعَّ فيه الأخيارُ أهلُ المثاني
وإليها سيقتْ مواكبُ عانتْ = من فظاعاتِ وحشةِ العدوانِ
من نساءٍ وصبيةٍ وشيوخٍ = وشبابٍ من أكرمِ الفتيانِ
يُهزمُ الشَّرُّ والعقيدةُ تبقى = حيثُ رفَّ اللواءُ في الميدانِ
جندُها اليومَ بايعوا اللهَ ألاَّ = يَتَوَلّوا عن دينهم و التفاني
الصُّمودُ الفيَّاضُ بالعزِّ فيهم = والفدا بالدماءِ مقترنانِ
لا نولِّي الأدبارَ مهما أعدُّوا = وأغاروا كموجةِ الطوفانِ
فهي السَّاحُ ما قلاها شبابٌ = أو تناسوا شميمَ طيبِ الجِنان
يا نَبِيَّ الإسلامِ والله لن نركعَ ... = ... يومًا للكافرِ الخزيانِ
أو تُوَارى صدورُنا عن فداءٍ = يومَ نجتثُّ عابدي الأوثانِ
أوقَدُوها في العصرِ ملحمةَ الفصلِ ... = ... وقمنا لنقعِها الحرَّانِ