قال العزيز الحكيم : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(105) من سورة آل عمران
سلْ أمسَها الفيَّاضَ بالنعماءِ = غشَّاهُ قسطلُ غُمَّةِ الأرزاءِ
سلْ جمرةَ الضَّرَّاءِ تشوي عزَّها = برحيبِ ظلمةِ ساحةِ الإعياءِ
سلْ خيبةَ السفهاءِ إذ هم هدَّموا = ماشيدَ قبلَ ضراوةِ اللأواءِ
سلْ ذلك المشدوهَ يرنو حائرًا = بعدَ اضطرامِ الشَّجوِ والبلواءِ
فهو الصَّريخُ وليس يفرَقُ ، إنَّما = يأوي إليهِ سائلٌ بحياءِ :
ألأُمَّتي مافي يدِ ملعونةٍ = ذاتِ الدمِ الفوَّارِ والإبكاءِ !
آلامُها فارتْ وفاضَ نجيعُها = من وطأةِ المأساةِ والضَّرَّاءِ
فدماءُ أهليها على أرجائِها = سالتْ كسيلِ شواطئِ الدأماءِ
ووجوهُهم يغشى الذهولُ صباحَها = فضحى صباحِ الكربِ كالإمساءِ
في ناظريْها الشَّمسُ ماتَ شعاعُها = واربدَّ مكتئبًا سنى القمراءِ
فهي الليالي مظلماتٌ بالأسى = وحصارِ أهلِ الحقدِ للشُّرفاءِ
قُلْهَـا يُجبْكَ الزَّهوُ لايلوي على = صلفِ الجناةِ ، فليس من إغضاءِ
تأبى الخضوعَ لِمُفترٍ أو عابثٍ = بنتُ الأشاوسِ في الرُّبـا الفيحاءِ
تلقاك في الشَّهباءِ ذات كرامةٍ = وشهامةٍ في الجُلَّقِ الغنَّـاءِ
وحماة أو حمص وفي درعا الفدا = وبديرِنا ذي الهمَّةِ القعساءِ
واللاذقية لم تزل زجرًا إذا = طاشت عقولُ الفتنةِ الرعناءِ
وهناك داريَّا فدتْ أخواتِها = والأختُ ، تُفدَى الأُختُ بالحوباءِ
وبكلِّ أرضٍ من ثرى شامِ الهدى = جاءت تحدِّثُ نشرةُ الأنباءِ
لاتكتبَنْ عنهم إذا لم تسْقِه = قلمَ الإبا من عزَّةٍ و دماءِ
هذي الشآمُ ولم يجدْها سائلٌ = عنها سوى في القِمَّةِ الشَّمَّاءِ
وكذا العراقُ ولا يَغُرَّنْكَ الذي = يعوي بكفرٍ بارَ في الزوراءِ
وبمصر لاتنسَ الرجالَ : نَجِيُّهُم = وجهُ الفخارِ بِسَمتِه اللألاءِ
هم ذروةُ الشَّرفِ الرفيعِ تمنَّعُوا = أن يرفعوا للمجدِ غيرَ لواءِ
أو يرتدوا ثوبَ الحدادِ لمحنةٍ = عمياءَ صُنعُ الفكرةِ العمياءِ
آهٍ على طعنِ العدوِّ ومَن له = رحمٌ لأهلِ الملَّةِ الغرَّاءِ
آهٍ وقد ركنَتْ قلوبٌ لم تزل = في حالةِ استبطاء أو إغضاءِ
هي أُمَّةٌ سيفُ انتفاضتِها إذا = سَلَّتْهُ أهدرَ واقعَ استقواءِ
يهوي على مافي المكارهِ من أذى = وعلى الطغاةِ وزمرةِ الحِرباءِ
لم يختبئْ فرسانُنا إن أظلمتْ = ماتحملُ الغمراتُ من إيذاءِ
يتسابقُ الأبرارُ دون لقائِهـا = لايُدبرون لمطمعٍ و رِشاءِ
هم قوَّضوا كيدَ العدوِّ وأرهبوا = مَن أجرموا بالطعنةِ النجلاءِ
لايصطفي الرحمنُ في عليائِه = إلا الرجالَ الصِّيدَ في الأكفاءِ
وكزوا صدورَ المجرمين وعجَّلوا = بذوي انقلابِ الشُّؤمِ للإفناءِ
ليسوا بها مستبصرين وإنما = هم أهلُ خلَّةِ خِسَّةٍ و هُراءِ
هي رجفةٌ بالحقِّ ربَّانيَّةٌ = أَخَذَتْهُمُ للهُـوَّةِ الظلماءِ
والمرجفون تحيَّروا فَهُمُ بهـا = من زمرةِ الأعداءِ والسُّفهاءِ
طاغٍ عَلَتْهُ كآبةٌ ممقوتةٌ = وفويُّ نفسٍ ضاقَ باللألاءِ
وعميلُ قومٍ لن ندينَ لكفرِهم = عاشوا على بثِّ الأذى و الدَّاءِ
وخدينُ حـانٍ ليس يملكُ رأيَه = وشقيُّ حقدٍ باءَ بالبغضاءِ
قد هلَّ نصرُ اللهِ ، والأفقُ انجلى = في صبحِه عن أعذبِ الأنباءِ
غُلِبَتْ فلولُ خيانةٍ و تآمرٍ = واربدَّ وجهُ منافقٍ و مُرائي
أقوالُهم شركيَّةٌ كفريَّةٌ = عجفاءُ عَلمانيَّةُ الآراءِ
الجمرُ أحرقَ وَقْدُهُ أكبادَهم = إذْ أدلجوا هربًـا من الحنفاءِ
هاهم يُكبلُهم قبيحُ غرورِهم = وتتوهُ حُجَّتُهم على إغضاءِ
إنَّ الخؤونَ ولم يزل مهما علا = في خوفِه من ثورةِ الأمناءِ
أخذَتْهُ كفُّ الرُّعبِ مشدوهًـا إلى = بئسَ المقيل و وهدة الإزراءِ
لا . لايَغُرَّنْكَ العواءُ فإنَّمـا = تعوي الذئابُ لحسرةٍ و عناءِ
وكذلك الطاغوتُ في أسقامِه = إن باتَ بئسَ زعامةُ الأهواءِ
سخرتْ جموعُ الشَّعبِ ممَّنْ أسرعوا = خلفَ انكفاءٍ عن هُدى الغرَّاءِ
وتمايلوا غنجًـا بكلِّ وقاحةٍ = والشَّعبُ بينَ مناحةٍ و شقاءِ
واحسرتاهُ على الطغاةِ غدًا إذا = سِيقوا لنارِ جهنَّم الحمراءِ
اللَّهُ أكبرُ لم تزل عزماتُنا = تروي حديثَ مكانةِ الشُّهداءِ
الموكبُ الحامي لدينِ مُحَمَّدٍ = والمرهفاتُ نجِيَّةُ النُّجباءِ
لم ينهزمْ يوم الكريهةِ جمعُنا = أبدًا ، وبئسَ هزائمُ الجبناءِ
لم يرتعدْ قلمي فقد أكرمتُه = بِسُمُوِّ ما في الكَلمِ من إعلاءِ
إني ووهْجُ مشاعري إذْ عشتُها = كانت بظلِّ شريعتي الفيحاءِ
حيثُ الفصاحةُ في بيانِ ضيائِها = حجبتْ سناهُ غلظةُ الجهلاءِ
أنا لن أبيعَ عقيدتي لِمُدَلِّسٍ = متجبِّرٍ ذي منكرٍ و دهاءِ
هي شذوُ طيبِ الأرضِ من آلائِها = فاضتْ سلال مودَّةٍ و هناءِ
وسِوى جَنَاها لم يكنْ يوما سوى = شوكٍ تلهَّبَ في لظى الصحراءِ
جاءت حضارتُهم بشُؤمٍ لم يزل = ظلمًـا أناخ على مدى الغبراءِ
محمومةَ الأهدافِ ذاتَ مرارةٍ = وتوَجُّسٍ وشراسةٍ و شقاءِ
باتت تخورُ بعقلِ كلِّ مضلِّلٍ = من مادةِ النَّوويِّ في الأرجاءِ
هانتْ ديانتُنا لديهم فاعتلوا = ظَهرَ الجنونِ ، ومركبَ الخُيَلاءِ
هي أُمَّةُ الإسلامِ في تشريعها = يُزجَى الأمانُ على يدِ البشراءِ
واللَّهُ أيقظَها وجاءَ بقادةٍ = يلوون بأسَ الشَّرِّ في الهيجاءِ
العدلُ صنعتُها فلم تظلمْ وقد = حكمتْ قرونًـا بالهُدى الوضَّاءِ
واللَّهُ بَشَّرهم بنصرٍ فَتَّ في = عضُدِ الطغاةِ ، فللرجالِ ثنائي
لَيُبَوِئَنَّهُمُ المكانةَ ربُّهم = ويثيبَهم بالجنَّةِ الفيحاءِ
هذا ضميرُ الأمةِ الظمأى إلى = مجدٍ بَنَتْهُ سواعدُ الآباءِ
هو أُوردغانُ الفتحِ قد طابت به ... = ... الأيامُ رغمَ فداحةِ الإيذاءِ
أغناهُ ربُّ العرشِ من تأييدِه = وأبادَ ما للشَّرِّ من قُرناءِ
قد فازَ بالسَّبقِ الموشَّى بالمنى = لمنازلِ الفقراءِ والضعفاءِ
حَمَلَ الأبيُّ الشَّهمُ دينَ مُحَمَّدٍ = صلَّى عليهِ اللهُ في الآناءِ
وهفتْ مناقبُه بأجلى حكمةٍ = ما أنكرتْها صفحةُ العقلاءِ
وهي المآثرُ عانقتْها أُمَّةٌ = ولخيرةِ الحكامِ والعلماءِ
دأبتْ تعيدُ لنا جلالَ عقيدةٍ = وتشيدُ صرحَ كتابِها اللألاءِ
لاتُنكرُ الأشواقُ في أحنائِها = للهِ ، للقرآنِ ، للعظماءِ
المنهلُ العَذْبُ الفراتُ المُجتَنَى = للشَّعبِ ذاقَ مرارةَ الأسواءِ
المؤمنون الصِّيدُ من أبنائِه = ولهم وسامُ المجدِ في السُّعداءِ
رفَّ اللواءُ فغرَّدَتْ أختُ العلى = فانظرْ إلى حشدٍ بظلِّ لـواءِ
الثَّائرُ الجوَّابُ طابَ حديثُه = ما أعذبَ الإيحاء في الإصدارِ
يانفحةَ القِيمِ الحِسانِ تمايسي = فالطيبُ لايفنى بها كهباءِ
ياصحوةَ المهجِ الجريحةِ مزِّقي = كتبَ التَّتارِ وبهرجَ الغلواءِ
فيمينُك المعطاءُ يا أُمَّ النَّدى = هي للعبادِ هديَّةُ الغرَّاءِ
هذا هو الإسلامُ فيه مودَّةٌ = وتراحُمٌ ماضاقَ بالفقراءِ
لاتعرفُ الدنيا ، ولم يَـرَ أهلُهـا = طولَ الزمانِ كنهجِها لهنـــاءِ
للناسِ كلِّ الناسِ في عرضِ المدى = أهلِ احتياجاتٍ وأهلِ شجاءِ
نادوا فَلَبَّتْهُم أكُفُّ تواصُلٍ = وتراحُـمٍ وتآلفٍ و حِباءِ
والفرقُ بادٍ إن أتى كرماؤُنا = لاينتمون لخانةِ البخلاءِ
بشرى لمَنْ أجرى الثوابَ لنفسِه = واختارَ نهجَ مواكبِ الصُّلحاءِ
وجزى الإلهُ بعفوِه و بفضلِه = مَن عاشَ في الدنيا بصدقِ وفاءِ
لن يسعدَ الإنسانُ في عيشٍ له = إلا بدارِ الملَّةِ العصماءِ
هذا هدى الرحمنِ في قرآنِه = ونداءُ سُنَّةِ سيِّدِ البطحاءِ
دارَ الزمانُ وكم تمنَّى أهلُه = ألاَّ تسودَ مخالبُ البغضاءِ
أو تسترقَ حياتَهم أنيابُ مَن = ماكان أفضلُهم من الشرفاءِ
ولَّتْ ليالٍ مقمراتٌ وانثنى = ماكان من فخرٍ ومن علياءِ
وَلَكَم تنابزَ بالهُراءِ سفاهةً =أهلُ الضَّلالِ وصحبةُ القرناءِ
يلهون والأحداثُ تصفعُ عزَّهم = والعارُ ساقَ القولَ للإفضاءِ
لم يبقَ عندَ القومِ إلا لونُهم = متقلبًا كَتَقَلُّبِ الحرباءِ
والعصرُ أخوتْ في جحيمِ عُتُوِّه = قيمُ الهدى لم ترضَ بالإخفاءِ
واربدت الآفاقُ ينذرُ شدقُها = بمرارةِ الأهوالِ والإنضاءِ
والعالَمُ القلقُ استُذلَ لطغمةٍ = منبوذة الآراءِ والأسماءِ
قُمْ وانظر الآفاتِ تأكلُ أمنَه = إذ باتَ يضرمُها أذى السُّفهاءِ
والأرض أهلوها : وكم جأروا إلى = ربِّ السماء بأدمعٍ و دعاءِ
يشكو بنوها من جنوحِ عُتاتِها = ومن الخطوبِ ، وقلَّةِ الشُّفعاءِ
يشكون من قلقٍ ممضٍّ لم يزل = يعوي بشدقِ الفتنةِ العمياءِ
يرنون للرحمنِ في غدواتِهم = يرجون رحمتَه مدى الآناءِ
تهفو نفوسُهُمُ إلى أرضِ الهدى = فالبيتُ يحبوهم بعَذْبِ رواءِ
الأمنُ والإيمانُ في جنَّاتِه = وأريجُه المعطارُ دفقُ هناءِ
ورسالةُ التوحيدِ من واديه قد = سارت بنورِ هدايةٍ وإخاءِ
ما مزَّقت سترَ الشعوبِ ولا اعتدت = طمعًـا بحبِّ الظُّلمِ والإيذاءِ
والناسُ لم يرضوا بظلمٍ أو يروا = خيرًا بوجهٍ جاءَ بالبلواءِ
شُلَّتْ يمينُ الظالمين شعوبَهم = والآكلين السحتَ في الغبراءِ
لم يرحموا شكوى الضعيفِ ولا دروا = عن أنَّـةِ الفقراءِ و الأنضاءِ
فالبغيُ عـجَّ على خُطاهم عاصفًا = في زحفِ عولمةِ الأسى الغدَّاءِ
هل في قلوبِ العابثين بعصرِنا = غيرُ الفسادِ ونارُ وقْدِ الدَّاءِ
هي أمَّتي باتت لهم بئسَ المبيتُ ... = ... كقصعةِ للغارةِ الخمصاءِ
قد أبعدوها عن مرابعِ مجدِها = ياويلَ مَن ذاقوا أذى الإقصاءِ
أرأيتَها مابين قتلٍ سيفُه = قد بات يقطرُ من دمِ الأبناءِ
وتنابذ بين الأهالي نارُه = جاءت مجيءَ الغُمَّةِ العمياءِ
وتفرُّقٌ لم يُبقِ منهم ذا حِجى = يُرجَى لفضلِ أُخُوَّةٍ و لقاءِ
ربَّاه ذي شكوايَ أجرى شجوَها = ثِقَلُ المصابِ وحرقةُ الأحشاءِ
ولَّتْ مباهجُ أمسِنا لم يبقَ من = صوتِ الصليلِ ولا خطى الوجناءِ
لكنَّه الإيمانُ بالمولى فلم = يتركْ فؤادي للأسى وعنائي
يسقيه من شَهدِ اليقينِ فيمتطي = ظهرَ الرجا بالهمَّة القعساءِ
مالانَ للأعداءِ حيثُ تكالبوا = كتكالُبِ الذؤبانِ والغرماءِ
أو ذلَّ للسوطِ المعربدِ حقدُه = في ظهرِ تلك الصَّفوةِ الشُّرفاءِ
إنا لننتظرُ الجحافلَ أقبلتْ = صفًّـا يردُّ مساوئَ الخرقاءِ
لتعودَ للناسِ الحضارةُ وجهُها = حُلوٌ بأيدي منهجِ الحنفاءِ
فالرَّبعُ ما أخوى على أركانِه = فأُصولُه من عزَّةٍ و إباءِ
والمربعُ الفيَّاضُ بالقيم التي = هُجِرتْ لسوءِ تعامُلِ الخلطاءِ
عادتْ مباهجُه وأشرقَ فجرُه = وتنفسَ العاني بصبحِ ذُكاءِ
لم يبقَ ليلُ الظالمين مخيِّمًـا = فوقَ القلوبِ بهذه الأرجاءِ
هلَّتْ مواكبُ أُمتي مزهوَّةً = بوسامِ عزِّ فضيلةٍ وحِباءِ
لبَّتْ نداءَ اللهِ فيه خلاصُها = إذ لامراءَ بدعوةِ الرُّحماءِ
تلوي يـدَ استعلاءِ كلِّ مكابرٍ = أعماهُ زورًا زخرفُ الزُّعماءِ
مَن عاشَ يستجدي مفاهيمَ العلى = من زيفِ أوروبا بغيرِ حياءِ
وجفا عقيدةَ أُمَّةٍ مختارةٍ = من أجلِ وهمِ الملَّةِ الجوفاءِ
هذا هو الإسلامُ يبقى خالدًا = رغمَ المؤامرةِ انطوتْ كهباءِ
فضحتْ مساوئَها يدا صُنَّاعها = عريانةً لم تلتحفْ بخفاءِ
أفنى تمرُّدَها على نهجِ الهدى = مافي الحنيفِ وكفِّه البيضاءِ
وثباتِ أهلِ الذكرِ مازالوا على = عهدٍ فنعمَ بسالةُ الأكفاءِ
مَن ردَّ طوفانَ الغزاةِومَن بنى = بعدَ الدمارِ مدارجَ العلياءِ
المؤمنون الصَّامدون تبيَّنُوا = مالم تجدْهُ أعينُ البُعَداءِ
فلهم ثوابُ الصَّابرين على الأذى = وعلى تَوَهُّجِ جمرةِ اللأواءِ
بشراكِ أمَّتَنا فكم أدماكِ ما = في حقدِهم من مُديةٍ حمراءِ
لكنَّها انقشعتْ ومن ديجورِها = هـلَّ السَّنا الخطَّارِ من بُشَرَاءِ
يسعى الصَّبورُ مكبَّلا بقيودِهم = ويقينُه بالنَّصرِ ليس بِنـاءِ
تحدو مشاعرُه ويخنقُها الأسى = حينًا ويأنفُ محنةَ الإقصاءِ
يأبى عليه إباؤُه أن ينثني = أو يُستَذلَّ لوطأةِ البرحاءِ
سيعيشُ ذا فخرٍ بدينِ مُحَمَّدٍ = من غيرِ ما ظلمٍ ولا خيلاءِ
فوق الأذى ، فوق المصائبِ مُرَّةً = كالموجِ فوقَ الموجِ في الدأماءِ
فله على صدرِ الهدايةِ رايةٌ = لم تحتفلْ بعواصفِ الأعباءِ