حلبٌ، ويَهرمُ دونَكِ الدَّهرُ=فعلى مصائبِهِ لكِ الأمرُ
ما حاقَ فيكِ المكرُ من سَفَهٍ=إلا وعادَ بخزيه المكرُ
سرٌّ من الرَّحمنِ كنتِ لهُ=أُولى البلادِ، وبورِكَ السرُّ
لم تجزعي يومًا لنائبةٍ=وسلاحُكِ الإيمانُ والصَّبرُ
في كلِّ علمٍ كنت رائدةً=ولكَمْ بِعلمِكِ يزدهي الفخرُ!
ولكلِّ مجدٍ عشتِ واثبةً =لم يثْنِ بأسَكِ ما طغى الضُّرُ
واليأسُ كم حوَّلتِهِ هممًا=وغدا يسيرًا عندَكِ العُسْرُ!
الدَّهرُ يذكرُ كم وهبتِ لهُ=ما حُقَّ منهُ لأهلِكِ الشُّكرُ!
أممٌ بلا عدٍّ عليكِ بغتْ=حتى لَتَحسَبَ أنها الحشرُ
أدنى قواها فيه زلزلةٌ=للراسياتِ يسوقُها الكفرُ
يكفيكِ فخرًا أن وقفتِ لها=حتى استبدَّ بجُندِها الذُّعرُ
فأصرَّ يحرقُ كلَّ قائمةٍ=وإليكِ إن لمْ تصمُدي عُذرُ
ما ضرَّ يومًا ما رزئتِ بهُ=إنّي لأقسمُ أنَّهُ الفجرُ
فالحقُّ يُزهِقُ كلَّ باطلةٍ=مهما يَطُلْ بالباطلِ العُمُرُ
تبقينَ بالإيمانِ صامدةً=والحرُّ ليسَ يُضيرهُ خسرُ
والحرُّ تأبى الضَّيمَ فِطرتُهُ=هيهاتَ أن يُستعبَدَ الحرُّ!
فالحرُّ يحيا ضيقَـهُ فرجًا=ولهُ برغمِ خُطُوبِهِ النَّصرُ