**
ماذا يقولُ الشعرُ للشاعرِ = المبدعِ الأشعارَ والسَّاحِرِ
وباعثِ الأوزانِ في خفَّةٍ = ومنصفِ الآذانِ والنَّاظرِ
مُدَوْزِنِ الأوْتارِ في عودِها = وعازفِ الألحانِ للسَّامِرِ
وكاشفِ الياقوتِ من منجمٍ = وباعثِ الغابرِ بالحاضرِ
والثَّاقِبِ الدُّرَّ لجيدِ الظِّبا = والنَّاظمِ العِقْيانَ والنَّاثِرِ
بستانُ زهْرٍ فيكَ مِنْ ريحِهِ = ما تحملُ الأنسامُ من عاطرِ
يقولُ لبيكَ أَيا ناصري = فأنتَ مَنْ أبهجتَ لي خاطري
أَحْييتَ ذكري في الدُّنا عاليًا = فأنتَ لي يا شاعري ناظري
أَرَيْتَنا في الحُسْنِ ما لا نرى = بَصَّرْتَ قلبًا ليسَ بالباصِرِ
قد بعتَ مِنْكَ الرَّاحةَ المشتهى = لتقطفَ الأَعْذاقَ للعابِرِ
عيناك مصباحُ الدُّجى فيهِما = أنوارُ شمسٍ بالضِّيا البِاهِرِ
وظهرك المعْوَجُ جسرٌ على = بَحْرِ عطاءٍ هادرٍ زاخرِ
يا عامرَ الليلِ وَمُحيي الدُّجى = حُيِّيتَ بلْ جُوزيتَ مِنْ عامرِ
يا مطلعَ الأقمارِ من دَجْنِها = وقادِحَ الأفكارِ بالخاطرِ
أَوْقَدْتَ فِينا شعلةً نورُها = يكادُ يسطو بالضحى الزَّاهرِ
تغوصُ للدُّرِّ ببحرٍ طمى = وتُخْرِجُ اللألآء مِنْ هادِرِ
مِنْ بَحْرِكَ اللؤْلؤُ تُهدي المها = يا عجبًا مِنْ غائِصٍ ماهِرِ
تُهْدي بلا مَنٍّ ولا تَبْتَغي= نَيْلَ رجاءِ الشُّكْرِ مِنْ شَّاكِرِ
سيلُ المعاني منْكَ يَنْبُوعُها = َأَرواحُها مِنْ بَعْثِكَ النَّاشِرِ
تطيرُ في الجوِّ كَنَسْرٍ عَلا = للهِ درُّ الشاعرِ الطائرِ
تلوحُ في الأُفْقِ ضياءً بدا = تسيرُ سَيْرَ المثَلِ السَّائِرِ
تَسْبَحُ كالغيمات تُهدي النَّدى = تجولُ مثلَ الفلكِ الدائرِ
أَيْقَظْتَ في الرُّوحِ جمالَ الرؤى = أَنَرْتَ ليلًا منكَ للسَّاهِرِ
زَرَعْتَ في الأَرْضِ بُذورَ النَّدى = رَوَّيْتَها مِنْ مُزْنِكَ الماطرِ
أَطْلَقْتَ في الشِّعْرِ سهامَ الوغى = صقلتَ حَدَّ الشِّعْرِ كالباترِ
أَشعلْتَ في النَّفْسِ حَماسًا سَرى = رِعْديدُ حَرْبٍ صارَ كالكاسِرِ
يا فارسَ الجُلَّى ومغوارَها = للهِ دَرُّ الفارسِ القاهرِ
يا منبعَ الشِّعْرِ بِشِعْرٍ همى = هيَّا اسقِنا مِنْ نَبْعِكَ الزَّاخِرِ
وَادْفقْ بماءِ الشِّعْرِ يا نَهْرَنا = واروِ عِطاشَ النَّبْتِ بالغامِرِ