عندما سقطت العواصم العربية
عندما سقطت بغداد بعد أن سقطت دمشق ثم بيروت ثم من بعدها صنعاء فحلب بيد المجوس الفرس ولم تنتفض الأمة لتدافع عن وجودها علمت أننا أمة تحتضر
فقلت:
عليكِ سلامُ اللهِ أمةَ يعربِ
فقد أوقدوا نارَ المجوسِ لتغربي
لقدْ حَشَّدوّا من كلِّ حدب كلابَهم
وأنتِ بلا أمٍّ رؤومٍ ولا أبِ
أراك تمدينَ الرقابَ لقطعِها
وهمْ يشحذونَ السيفَ في كلِّ ملعبِ
وهم أعلنوها دونَ ريبٍ عداوةً
ونحنُ نُحابي بالحديثِ المهذّبِ
رمونا بذنبٍ همْ لهُ أصلُ صنعةٍ
ونحنُ نغضُّ الطرفَ عنْ كل مُذنبِ
وماسُبّةُ الإرهابِ إلا صنيعُهم
وكم أنشبوا في لحمِنا كلَّ مَخْلبِ
لهمْ موقعُ الأذنابِ في الحِلمِ والنُّهى
وهمْ عُدّةُ الشيطانِ في كلِّ مثلبِ
تجمعتِ الأحزابُ مِنْ كلِّ ملةٍ
ونحنُ نعاني مِنْ سُقام التحزبِ
وقدْ قسّمونا بعدَ وهنٍ أصابنا
غنائمَ مكرٍ بينَ ذئبٍ وثعلبِ
وصرنا شَتاتاً لاتَوحُّدَ بيننا
وهمْ جُمِّعوا مِنْ كلِّ دينٍ ومذهبِ
وقدْ حكّموا فينا أَسَافِلَ قومِنا
فصرنا أسارى كلِّ وغدٍ مُكذِّبِ
سقوناكؤوسَ الذلِّ والقهرِ عُنْوَةً
وجادواعلى الأعدا بكل مُحَبَّبِ
فكمْ مِنْ عزيزٍ ذلّهُ الهجْرُ والنوى
وكمْ مِنْ حبيبٍ في السجونِ مُغَيَّبِ
وكمْ من قتيلٍ قد أريقتْ دماؤهُ
وكم من ترابٍ بالدماءِ مُخَضَّبِ
وكمْ من خليلٍ فارقَ الخلَّ مرغماً
وكمْ من شهيدٍ أوجريحٍ معذّبِ
وعُدْنا غزاةً لاتراحمَ بيننا
نغيرُ على أوسٍ وعبسٍ وتغلبِ
وعادتْ لنا حربُ البسوسِ بخزيها
وحربُ بُعاثٍ في مرابعِ يثربِ
فتباً لكمْ مهما تعاظمَ شأنُكمْ
فأنتمْ دعاة للخنا والتذبذبِ
تبيعوننا حلوَ الكلامِ بجهرِكمْ
وتأتونَ فعل المجرم المتعصبِ
فمنْ كانَ يرجو الخيرَ منكمْ فإنّهُ
كمنْ يرتجي أمناً بصحبةِ عقربِ
أفيقوا بني قومي فقدْ طالَ نومُكم ْ
وأنتمْ حَيارى بينَ شرقٍ ومغربِ
معاهد علمٍ أصبحت غاية الفتى
وغايةُ همِّ العربِ رؤيةُ مُطربِ
أرى الدرةَ الزوراءَ تشكو حزينةً
وشامَ الهوى تبكي على بابِ مندبِ
وبيروتَ قد باتتْ فأضحتْ أسيرةً
تعيثُ بها الغربانُ منْ كلّ مشربِ
إذاماهوتْ بغدادُ مِنْ قبةِ السما
سيهوي سريعاً كوكبٌ إِثرَ كَوكَبِ
ألا فانفضي عنكِ الدنيّةَ واركبي
وإلّا أُفولاً يتبعُ الذلَّ فارقبي
وإِنْ رمتمُ عيشاً عزيزاً مكرماً
فماالعزُّ إلّا بالحسامِ المُشَذَّبِ
وسوم: العدد 708