عودي إليَّ وسامحي أخطائي = وتجاوزي بشجاعةٍ بيدائي
وتحاوري إنَّ الحوارَ محبّةٌ = واستذكري حبّي وطولَ شقاءِ
واستقبليني في حفاوةِ عاشقٍ = أغراهُ شوقُ أحبّةٍ بلقاءِ
ذبلت عيوني في هواكِ صبابةً = ما عادَ يشكو من سرابِكِ مائي
لا القلب يشفعُ لي مواجعَ وحدتي = أو تستريحُ من اللظى أحشائي
فحُطامَ أيّامي مرافئُ مهجتي = مهما مرضتُ كتمتُ قسوةَ دائي
تمشي خطايَ مع الحياءِ غريبةً = بشوارعٍ نَسِيَتْ خطى الآباءِ
وتعثّرتْ لغةُ التعارفِ بيننا = و أسئتُ ظني ما أطلتِ جفائي
تلكَ العيونُ تكحّلَت أجفانُها = شوقا إليكِ بلوعةٍ وعناءِ
وعلى رصيفِكِ كم جلستُ مشاكسا = أتصيَّدُ النظراتِ بالإيماءِ
لولاكِ لم تكُنِ الحياةُ جميلةً = فتزيَّني يا حلوتي ببهاءِ
وتحارُ أسئلةٌ العيونِ يخونُها = هرمُ السنينِ وكاذبُ الأنباءِ
قالت وفي قولِ الكرامِ وداعةٌ = من أينَ جئتَ ؟ أمِنْ مكانٍ ناءِ ؟
أنتَ الغريبُ وفيكَ وجهُ احبَّتي = أقروهُ ضيفا من رحيقِ وفاءِ
إنّي أشُمُّ مشاعرا كانت هنا = و اُحسُّ دفئَ الدمعِ في الأرجاءِ
والقلبُ تعرفُهُ بلابلُ أيكتي = والليلُ يصحبُهُ بغيرِ حياءِ
والشمسُ تَمنحُهُ ضياءَ محبّةٍ = والبدرُ يُسكرهُ بنورِ مساءِ
وخواطرُ الأضواءِ ترقُصُ في فمي = حلوُ القصائدِ من حروفِ هجاءِ
ما كنتُ مُخطئةَ المشاعرِ عندما = أيقنتُ أنّكَ مُلهمي ورجائي
نظراتُ عينكَ يستحمُّ بها الهوى = أمّا الدموعُ فأنجمٌ بسماءِ
زفراتُ روحكَ لم تزل مُلتاعةً = وشهيقها داءٌ بغيرِ شفاءِ
وبصمتِ عينكَ أسطرٌ ودفاترٌ = قَرَأتْ عليَّ مواجعَ الأرزاءِ
يا زائري هل أتعبتكَ أزقّتي = وتساؤلاتِ النخلةِ الشمّاءِ
أم سعّرت لهبَ المواجعِ طفلةٌ = مضغت هموم العصرِ في خيلاءِ
وأطلتُ من نظري إليكَ لعلّني = أنجو بذاكرتي عن الأخطاءِ
لأضُمَّ وجهكَ من جديدٍ أحتسي = ألمَ الفراقِ بحيرةِ الغرباءِ
وكسرتُ صمتي كي أجيبَ حبيبتي = لأُزيلَ عنها حيرةَ الدُخلاءِ
فأنا ابنُ دجلةَ والعراقُ هويّتي = والموصلُ الحدباءُ فخرُ لـواءِ
بغدادُ يا دفئي و يا مطري الّذي = اُروي بهِ ظمأي بقطرةِ ماءِ
كيف الرصافةُ كم أشمُّ تراثَها = أدباءُها من صفوةِ الأدباءِ
والأعظميَّةُ هل ظلالُ نخيلها = يقري الضيوفَ بنشوةِ الندماءِ ؟
و (أبو نؤاسَ ) مع الليالي حالمٌ = وعلى الضفافِ مراجعُ الورقاء
لتنامَ فوقَ الرملِ كلُّ متاعبي = فالأمنياتُ مرافئُ الضعفـاءِ
كم عاشروكِ وأطعموكِ دماءَنا = حتى انتفضتِ بليلةِ الظلمـاءِ
قتلوا طموحَكِ واستلذّوا قتلَهُ = وضحَ النهارِ بدونِ أيِّ حياءِ
واستعبدوكِ بذلَّةٍ ووقاحةٍ = ليَصونَ مجدَكِ عاليَ الجوزاءِ
أرخى عليكِ الّليلُ فيضَ همومِهِ = وتصارعَتْ ظلماتُهُ بضياءِ
وتوارثتْ آثامَهُ راياتُنا = فبِخِنجَرِ الماضي قتلتُ نقائي
وكَوَيتُ روحَكِ واللهيبُ مدامعي = لُغتي تُحرِّقُني تزيدُ شقائي
أنا ما أتيتُ محايدا ومداهنا = آذتْ فؤاديَ ثلَّةُ الغرباءِ
شفتي تُقبِّلُها نسائمُ غربتي = فتراقصتْ لغتي بلا إعياءِ
قد كنتُ من فرطِ المحبّةِ عاشقا = أتلو بقلبِ الّليلِ حلوَ دعاءِ
فإذا البشائرُ راوَدتني جهرةً = حفّت مواجعَ مُهجتي بشَفاءِ
سِربُ الحروفِ مع الأصيلِ توافدتْ = فاستمتعي بغدادُ بالأجواءِ