عيناكَ مِنْ فرطِ اشتياقِكَ انهرُ= وأنينُ حرفكَ مِنْ جراحكَ يُعذرُ
بحياءِ صمتِكَ تستجدُّ لغاتنا = وجميلُ ما فيها سماؤكَ تمطرُ
تسقيكَ أزمنةٌ روائع مجدها = وسخيُّها فيك الذي يتعطّرُ
وخطاك من ثقل الهموم توجعت = منها جباه الأرضِ تتعبُ, تُقهرُ
مرت عصور في حماك ذليلةً = فتعاظمت بسموّ مجدكَ أعصر
مَنْ تَفتنِ الآلامُ صلبَ عمودهِ =لم يخشَ موج البحر ساعة يُبحرُ
أو يرضَ في زمن الضياع مذلةً = حيثُ الكرامةُ بالمهانةِ تُكسرُ
ما جاوَزَت أممٌ طموحَ عطائها = ظهر السحابِ ,تضيع عندك تصغر
تبقى كريما عزةً وترفعاً = بين الكرام يسود مجدك يكبر
ويظل صدرك واسعا وسع الفضا = ولكل نازلة بصبرك تُقبر
يا أيها الطود العظيم ترفعا = وتعاظما يكفيك أنك تغفر
أسْرَتْ إليك ذُرى الجراح عزيزة = وكأن أدمعها نجوم تُكفَرُ
الأرضُ كل الأرضِ تسكن عزة = إن أنت يرفل في رباك المَفْخَر
وتموت إنْ مسّتْ يداكَ كريهةٌ = أُممٌ وتَهزأُ بالسنين الأشهرُ
وتكفُّ عن دورانها زُهرُ السّما = وتصيرُ في ظلمائها تتعثّرُ
يا أيها الوطن الكبير جراحه = إن العظيم بجرحه يتبخترُ
جاوزت أزمان التردّي قاهرا = وجَعَ العصور وعصرُ مجدِكَ منبرُ
منك الحضارات ابتدت وتوالدت= ويظلّ مشرقها بشمسك يَبهُر
أنا غربة حطّت على أكتافها = حزنا يسافر في سماك فيؤسرُ
وتئنُّ مِن ألمِ الجراحِ جوارحي = فأخالُ عطفكَ نسمةٌ تتحدّر
وأسيرُ في درب الضياع يجرني = نحو الهلاك مشاعر تتفطَّر
حتى ظننتك غافلا عما جرى = ويسوئني أنّ الظلامَ مسيطر
وبأن ضوء الشمس يرفضه الورى = وبأنّ ليلك في حياتك يأمرُ
أُوّاه كم عانيتُ أنزفُ آهتي = صمتا وصوتي في جراحك يُحقر
وأراك ترسم في شفاهك بسمة = رغم الجراح وضحكة تتفجّر
حتى ظننتك هازئًا بمدامعي = وبأنني طيفٌ شريد يُنحرُ
ويضمُّني يأسٌ يمزِّق ثورتي = وأصيحُ مكلوما وكفّك تستر
صبرا يقول بحكمة منسيّةٍ = إنّ الكرام إذا رأوك تأخروا
طبع جُبلتَ عليه حبُّك للعُلا = من ذا يُطاولُ ماردا أو يُنذرُ
عذرا لأهلك في العراء تشردوا = وبخيمة الإذلال شعبك يؤسر
باسم الإله تمزقوا وتفرقوا = وتباغضوا وتقاتلوا وتدمروا
كل المدامع في جراحك أُهرقت = وتظل عينك في بكانا تبحر