ملامِحُ الفجرِ الحَميم
كُنا... وها عُدنا انتشاءَ الرّوحِ إذ تَرنو إلى فَجرٍ حَميم.
عُدنا... وذا غَدُنا: استِفاقَةُ مَوجَةٍ؛
غَسَلَت يَدَيها مِن نَدى حَبَقِ النّوايا.
قلبُ المَرايا يَستَقي عُشبَ احتِراقي مَلجَاً للصَّمتِ،
أغنيَةً لعينِ الرّوحِ، عُشًا للسَّواقي،
خيمَةً في قلبِها مأوى لأحلام الفَراش.
البحرُ يغرِسُ صَمتَهُ فينا؛
ليَنطَلِقَ الهَجيعُ إلى لِقاءٍ عَزَّ أن يُنسى...
وما كُنّا سوى أصدائِهِ فينا،
وقارِعَةٍ على أوتارِ وقت.
الرّيحُ أشرِعَةٌ بلونِ الأغنياتِ النّاهِضاتِ مِنَ الوَجَع.
فقدَت بكارَتَها المَواني كُلُّها!
وأوَت إلى لَيلٍ تَمَطّى خَلفَ وَحشَتِها...
وساكَنَها، ليقذِفَ عُمقَهُ فيها...
فَلَيتَ عُيونَها قَبَسَت مِنَ الألوانِ لَون.
فانحَزتُ للقَلبِ المُضَمَّخِ بالمَدى؛
فخَسِرتُ بَحرًا كانَ بي،
ورِبِحتُ قارِعَةً وَغَد...
ونَشَقتُ أبعادَ المَدى زادًا لصَدري،
وانطَلَقتُ، أريدُ ذاتي؛ والمَحاوِرُ كُلُّها أفقي...
وما أفُقي سوى ما ابتَلَّ مِن عَرَقي...
وكانَ ندى يَدَي.
ليلي ككلِّ العاشقينَ سحابَةٌ
ستلوذُ مِن فَرَقي لدِفءِ أصابِعي
وجَعي ارتِحالي في تَضاريسِ الظُّنونِ
جُنوحُ أمنِيَتي شِفاهُ مَصارِعي
فجري انتصابي فَوقَ عُشبِ مَخاوِفي
وغَدي انبِثاقي مِن ضُلوعِ مَواجِعي
ويقينُ نَفسي أنَّ بأسي صانِعي،
أو زارِعي،
شَرقًا على كُلِّ الجِهاتِ...
أُضيءُ مَنزِلَةً لطلّابِ السّكينَةِ،
أَغزِلُ الهَمَساتِ مُعصِرَةً تَمُرُّ،
تُرَصِّعُ الأبعادَ بالخطواتِ،
تَرسِمُ كلَّ آثارِ الوُصولِ على المُهَج.
هذا انتِصابُ الشّرقِ في سِمتِ النّخيل؛
عصرٌ يحينُ إذا تَجاذّبَهُ الصّهيل.
في حُلمِهِم شَمسٌ، وفي آفاقِهِم قُبَلٌ...
يُسابِقها الحنينُ إلى براءات الحَنين.
يا شوقُ كُن وَتَري لأحمِلَ مِن نَدى لُغَتي
مَرايا للأُلى جَعلوا تَصَبُّرَهُم مواسِمَ للعِناقْ؛
كي تَغسِلَ الأشواقُ مَن أهوى بما أهوى،
وتصبُغُ ريشَها شَحرورةٌ بعطورِ لَهفَتِنا،
وآثارِ انطلاق.
ليلي ككل الرّاحلينِ مسافَةٌ
من لونِ أحزاني.. وعمقِ الاِشتياق
لبّيتُ صوتًا عاشَ يُشعِلُ خُطوَتي
ومَضَيتُ.. أنفاسي مَواويلَ انعِتاق
أشرِق ربيعَ مشاعِلي وتَجَلَّ بي
قبسًا، لعلّي أستمِدُّ مِن الضِّيا..
وَهَجَ السِّباق.
وسوم: العدد 712