(لقد رأى من آياتِ ربِّه الكبرى )
أَسْرِ شوقًـا ، وأبعد اللأواءَ = واهْجُرَنْهـا في دربِك الأهواءَ
وادْنُ بالذَّاتِ ، ذاتِ نفسِكِ حبًّـا = لايُجارى ولا يموتُ عناءَ
ربما تُقعدُ الهمومُ فؤادَا = كانَ قبلَ استفحالِهـا غدَّاءَ
كبَّلَتْهُ الآلامُ ليس يبالي = مَن تخطَّى بعزمِه الأرزاءَ
وامتطى للمنازلاتِ يقينًـا = لايُدارَى ، وهمَّةً قعساءَ
ماشكا من مرارةٍ أو توارى = حين ثارتْ بلواؤُهأ دكناءَ
إنَّهـا أُمَّتي ، وليس بعارٍ = إنْ بصبرٍ تنازلُ الضَّرَّاءَ
هي أقوى من الرياحِ السوافي = ومن العاصف الثقيلِ إباءَ
دوَّخوها بحقدِهم ، ورموهـا = بعذاباتِ مكرِهم سفهـاءَ
هذه أُمَّتي ، وهذا نَبِيِّي = يُفتَدَى هذا الحبيبُ فداءَ
سيِّدي يشهدُ الكريمُ علينا = وَهْوَ يُزجي صباحَنا والمساءَ
ماازدرَتْنا نيَّاتُنا أو نكصنا = أو رمينا على الهوانِ اللواءَ
او تولَّتْ أفواجُنا عن جهادٍ = أو ركنَّـا لِمَنْ طغى جبناءَ !
والمراراتُ في الصدورِ لظاهـا = آلمَتْنا ولم نكن ضعفاءَ
ماعجزنا والخطبُ باتَ ثقيلا = أو هُزِمنا والسَّاحُ فاضَ دماءَ
نحن في صفحةِ الوفاءِ بيانٌ = ومن الحرفِ لم يزل طغراءَ
إنَّ مَن يتبع النبيَّ سيبقى = رغم هوجِ المستَنكَراتِ مضاءَ
والأعادي قلوبُهم مظلماتٌ = والأيادي بئسَ النفورُ وِقاءَ
ماتناءَوا عن المكائدِ عصرًا = أو تصدَّوا لغيرِنا غلواءَ
وعلينا هُـمُ العدوُّ وعاشوا = كلَّ آنٍ طولَ المدى أعداءَ
سَيِّدي نحن جندُ دينِك نُحيي = مَن أماتَ الجفا ، وردَّ النِّداءَ
وتعاهدْنا أن نعيدّ لدنياهم ... = ... عُلاها ، وشرعةً غرَّاءَ
ما انثنينا عن نورِ نهجِكَ إنَّا = مابرحنا نعانقُ الأضواءَ
والصباحاتُ والمصاحفُ تُتلَى = حيثُ فاضت آياتُها أشذاءَ
وعرفنا أبوابَ فضلِك لم نُخطِئْ ... = .... سبيلا ، ولن نَتِهْ أسماءَ
وعلى الإثمِ قد تمادتْ نفوسُ = في الدنايا ، وعافت العلياءَ
فانْظُرَنْهُم هُـمُ البغاةُ ، وفيهم = نَزَقٌ يقلبُ الكلامَ مِـراءَ
فشعاراتُهم ركيكُ افتراءٍ = وأكاذيبُهم تحورُ هباءَ
فضحتْ نسجَها الخبيثَ مآسٍ = ملأتْ رحبَ أرضِنا أشلاءَ
أيُّها السَّادرون في الغيِّ تبًّـا = لِنواديكُمُ تموجُ بـلاءَ
فاستغيثوا أهلَ الهوى بعدوٍّ = قد تلوَّى تَرَبُّصًا وازدراءَ
تلك أيامُ أُمَّتي شاهداتٌ = وثباتُ الرجالِ هـلَّ رُواءَ
إنَّ أبناءَها الأباةَ أقاموا = في رباها إيمانَهم و الرجاءَ
تتسامى أرواحُهم باشتياقٍ = دونَ عَذْبِ الهدى يرفُّ هناءَ
فَهُمُ اليومَ عُدَّةٌ لِليالٍ = آتياتٍ ، فاستقرئ الأصداءَ
ليس تثنيهم القيودُ ثقيلاتٍ ... = ... ويُنسي أليمُها البشراءَ
أو يُواري هراؤُهم ماتراءى = من سنى المجدِ لوحةً عصماءَ
نحن نُسقَى من جودِ ربٍّ كريمٍ = حيثُ يروي رحيقُه الأحناءَ
والكآباتُ باطغاةُ سَتُطوَى = وأذاها يغادرُ الأحشاءَ
وجفونُ الرجالِ مانامَ فيهـا = عبثُ الوهـمِ أو غفتْ إعياءَ
قـد تولَّتْهُمُ المآثرُ حفظًـا = هكذا يحفظُ الهدى العظماءَ
أعذبُ الحبِّ أن ترى قلبَ عانٍ = في جحيمِ الأرزاءِ يشدو وفاءَ
يكتبُ الشوقُ فيه أغلى حروفٍ = فَيُواري سلسالُه اللأواءَ
فهواعُ مُحَمَّدِيٌّ أثيرٌ = وخُطاهُ ما أخطأتْ علياءَ
قد طوى الدهرُ زورَ كلِّ أثيمٍ = وتوارتْ أمداحُه ثكلاءِ
واشمأزتْ من المديحِ نفوسٌ = لم تجدْ في تزويرِه إرواءَ
كَذَبَ المدحُ لم يكن أحمديًّا = والقوافي تآكلتْ انضاءَ
يعلمُ اللهُ أنهم في رياءٍ = فانظر الوجهَ لم يكنْ وضَّاءَ
واسأل النفسَ لم تكن تتلظَّى = بالمعاني وقد شدتْ عسراءَ
بينَ نبضِ القلوبِ إن يكذب الحرفُ ... = ... وبينَ الضَّبحِ : البيانُ تناءى
يذبلُ النبضُ فالتَّصنُعُ داءٌ = ويثيرُ الضَّبحُ النَّديُّ المَضـاءَ
يتعامى عن الفضائلِ قومٌ = قد تَغَشِّهُمُ الهوى بُعَداءَ
لم يكونوا من أمَّةٍ أخرجَتْها = رحمةُ اللهِ للورى نعماءَ
لم تُطَهَّرْ قلوبُهم في صباحٍ = بصلاةٍ، ولم يُرَوا أُمناءَ
وهُـمُ البُكمُ ماتلوا : والضحى في = ليالٍ مضتْ ولا الإسراءَ
وهُـمُ العُميُ مارأوا وجهَ تاريخٍ ... = ... أنارتْ صَفْحاتُه الظلماءَ
هم تخلوا عن مجدِهم وعلاهم = فحباهم تيهُ الضياعِ شقاءَ
وتراهم والخيرُ بين أياديهم ... = ... جياعا في سعيِهم وظِماءَ
هكذا المرجفون باؤوا بحملٍ =أثقلَ الظهرَ فاستُنيمَ خَواءَ
والليالي ولم تزل مقمراتٍ = في سمانا ولم تزل لألاءَ
في سكون امتدادِها عبراتٌ = تسألُ اللهَ للقلوبِ التجاءَ
ليلة الإسراءِ الأثيرةِ أعطتْ = لبني الفضلِ رفعةً وارتقاءَ
وتجلَّتْ على العبادِ فهاموا = في محاريبِ قدسِها استهداءَ
ورأوا قدرةَ الإلهِ فخرُّوا = في سجودٍ محبَّةً و ولاءَ
إذ دنا جبريلُ الأمينُ فأدنى = مجتَبَى اللهِ للعلى إدناءَ
فرآها آياتِ ربٍّ عظيمٍ = ناطقاتٍ لمَن وعى إعلاءَ
فجناها أصحابُه واستظلوا = حيث طابت في عيشِهم أفياءَ
قل لِمَنْ جاى سُنَّةَ المصطفى لا = يتعجلْ ضلالُك الأسواءَ
إنَّ في سُنَّةِ النبيِّ انعتاقا = من مخـازٍ جَلَبْتُُُموها غباءَ
إنَّ مَن حاربَ الشَّريعةَ يشقى = ويرى عنفوانَـه إغواءَ
فيُواريه حتفُه ، ويُغطَّى = بالنفاياتِ عاشها أقذاءَ
أيُّها الفاسقون موتوا بغيظٍ = إنَّ ربِّي لن ينصرَ الأشقياءَ
فبهم ماتَ في الضحى وجهُ صبحٍ = يومَ وافى للعالمين سناءَ
سيِّدي ياحبيبَ ربٍّ عظيمٍ = إنهم شامتون نالوا الجزاءَ
إنهم ليسوا من بطونِ كريمات ... = ... ولم يُعرفوا هنا نجباءَ
هم تلاميذُ خِسَّةٍ وسفورٍ = ونكوصٍ عليه أخووا ثَواءَ
المزاميرُ دينُهم والبغايا = هنَّ جَرَّيْنَ هؤلاء انكفاءَ
وانحدارًا على المخازي جهارا = مستغلين في الفجور نساءَ
ليس يخضرُّ دربُهم ، فشقاءٌ =يعتريهم ، ولن يكونَ رخاءَ
غير أنَّا نحن الذين ثبتْنا = وحملنـا للعالمين اللواءَ
وسألنا الرحمنَ نصرًا مبينًا = وهو الواهبُ التُّقاةَ الرجاءَ
مايئسنا ولن نعيشَ أذلاءَ ... = ... فنأسى ، ولن نعودَ وراءَ
اليقينُ الفيَّاضُ بالصَّبرِ أغنى = مَن أناخوا ببابِه أولياءَ