بائعةُ الكبريتِ
مِنْ شُعَراءِ الشّامِ ( 50 )
الشّاعرةُ هدى أبو حلاوة من مواليدِ مدينةِ (درعا ) . حاصلةٌ على الإجازةِ في اللغةِ العربيَّةِ من جامعةِ دمشقَ و عملتْ مدرّسةً.
شاركتْ في سِجالٍ ضَمَّ نخبةً منَ الشُّعراءِ تحتَ اسمِ (بائعة الكبريت) استمَرّ عدّةَ أسابيعَ و نالَتِ المَركزَ الأوّلَ فيهِ و منحَتْها لجنةُ التَّحكيمِ لقبَ (خنساءُ سوريّةَ) .
منْ أيـنَ أبدأُ بالحـديــثِ وأدمُـعــي
أمــواجُهــا في داخـلــي تتـلاطـــمُ
ماذا أقولُ عنِ الحيــــاةِ ومــوتُنـــا
مِنْ حـولِـنـا في كلِّ جــفــنٍ داهــمُ
الـطَّـائــراتُ تحُــومُ مِــلءَ فضائِنــا
والـرَّاجـمــاتُ على الـحــدودِ تُوائمُ
نـأوي إلـى قبـوٍ نـلــوذُ بخـوفِـــنـــا
والـبَــردُ كالجــوعِ المخيِّمِ جـاثـــمُ
أنا مَنْ خَلعتُ على الغَمامِ قصـائدي
فاســتنــفـرَتْ كـلُّ الـبـلادِ تـقـــاومُ
نهضَــتْ حُروفي مِنْ جروحيَ ثورةً
فقصائــدي مِثــلُ السّيوفِ قواصـمُ
قـامـتْ تحـطِّـمُ بعــدَ دهــرٍ صَمتَهـا
فـإذا الـنّشــيــدُ قـوافــلٌ وتَــوائــمُ
حَـمـلتْ لـواءَ الـشّعـبِ فوقَ جبينِها
فالحـقُّ فيهـا كالـشُّـمـوسِ تَــراجـمُ
هَــذا زمــانٌ ضـــاعَ فـيــهِ زمانُنـــا
واستـعـمـرَ الشَّعـبَ الفقيــرَ الحَاكمُ
في كلّ قـلـبٍ ألــفُ جُــرحٍ نـــازفٍ
وأسـًـى علـى نَبَضــاتِـــهِ مُتـراكــمُ
نهَبــوا الحيــاةَ ليسلِـبوني مَوطني
لمْ يعــلمــــوا أنّـــي بــــهِ أبقـاهُــمُ
إنّــي أنا جَـــذرُ الحيــاةِ وســاقُهــا
في راحتـيَّ مِنَ الــربيـــعِ مَواســمُ
وأنا الـفُـراتُ الـصَّبٌّ عنـدَ ضفافِــهِ
رقصتْ معَ القصبِ النَّحيلِ نسـائـمُ
أنا قاسَيـونُ الـشّـامِ طافتْ حولَــهُ
وسَعَـــتْ هنــاكَ قياصرٌ وعَواصِـمُ
زرعَ الـزَّمــانُ قلــوبَنـــا بتــرابِــــهِ
فاخضوضَرَتْ للياسميــنِ تُزاحِــمُ
وتحلّلــتْ بــدمِ الشَّقــائقِ غوطــةٌ
ترتــاحُ مـن إحــرامِهـــا بشذاهُــمُ
وأنا نواعيـــرُ الخُلــودِ ونـــهـــرُها
وأنينُهـــا الـصَّـبُّ الحَـزينُ الحَـالِـمُ
أنا ثـورةُ الأرضِ العظيمـةِ لمْ أمُتْ
ولـئِن غفــوتُ فـإنَّ بَعــثــيَ دائــمُ
أنا ذلكَ الشَّعــبُ الأبـــيُ بطيبتــي
خُدِعَ الطُّغــاةُ فليسَ فيهمْ راحـــمُ
لــمْ يعلَــمــوا أَنِّـــي بــراكـيــنٌ إذا
ثــارتْ تقُضُّ عروشَهُــمْ أنّى هُـــمُ
أنا لَـعنـــةُ الـشُّهــداءِ قدْ حلَّتْ بهِمْ
مرصـودةً لأســـوقَهُـمْ ويُحاكَمــوا
ونســيــتُ أنّي إنْ تغاضِبْني تَمُتْ
كمَــداً لأنّي في الــبــلادِ الحـاكـــمُ
وسوم: العدد 718