مَنْ ذا سَيَخْسَرُ غَيْرُ تُجّارِ السِّلاحِ أَوِ الْحَشيشِ أَوِ الْقِحابِ أَوِ الطَّرَبْ؟
وَإِذا انْتَخَبْنا مَرَّةً في الْعُمْرِ صَحَّحَ صَوْتَنا جَيْشٌ عَلى الشَّعْبِ انْقَلَبْ!
أَنِزارُ، لَوْ هُمْ أَعْلَنوا مَوْتَ الْعَرَبْ = ما اخْتَلَّ شَيْءٌ في الْحَياةِ وَلا اضْطَرَبْ
أَسَتَصْرُخُ الْقُدْسُ الْعَتيقَةُ مَرَّةً = أُخْرى إِذا صُهْيونُ صَخْرَتَها اغْتَصَبْ؟
أَيُحاصِرُ الْأَحْزابُ غَزَّةَ هاشِمٍ = إِذْ جُبْنُ صُهْيونَ الزَّنادِقَةَ انْتَدَبْ؟
أَسَتَرْتَدي بَغْدادُ حُزْنَ النَّخْلِ إِذْ = تَسّاقَطُ الدَّمْعاتُ مِنْ يَبَسِ الرُّطَبْ؟
أَيَسيلُ دَمْعُ الْياسَمينِ بِشُرْفَةٍ = هَجَرَتْ دِمَشْقَ إِذا ذَوَتْ في الْمُغْتَرَبْ؟
أَسَيَخْجَلُ الْجَعْفِيُّ مِنْ أَشْعارِهِ = إِذْ سَيْفُ دَوْلَتِهِ الْمُظَفَّرُ مِنْ خَشَبْ؟
أَسَتَكْتَوي صَنْعاءُ بِالْحُزْنِ الذَّي = لَزِمَ السَّعيدَ كَنونِهِ مُنْذُ انْشَعَبْ؟
أَسَيحْبِسُ النّيلُ الْدُّموعَ إِذا جَرى = بِدِمٍ، لِأَحْلامِ الصَّبايا، ما نَضَبْ؟
ماذا سَيَخْسَرُ عالَمٌ يَسْعى إِلى = غَزْوِ الْكَواكِبِ إِنْ يَمُتْ كُلُّ الْعَرَبْ؟
ماذا سَيَخْسَرُ مَنْ يَرَوْنَ بِلادَنا = كُرَةً مِنَ النّيرانِ إِنْ نَفِدَ الْحَطَبْ؟
ماذا سَيَخْسَرُ مَنْ دَعَوْناهُمْ إِلى = دينِ السَّلامِ بِكُلَّ أَسْبابِ الرَّهَبْ؟
لَنْ يَخْسَروا إِلّا تَخَلُّفَ أُمَّةٍ = عادَتْ لِعَصْرِ الْجاهِلِيَّةِ وَالْحَرَبْ
لَنْ يَخْسَروا إِلّا زَعاماتٍ غَدَتْ = عِبْئًا فَما فيهِمْ زَعيمٌ مُنْتَخَبْ
مَنْ لَمْ يَجِدْ نِفْطًا يَبيعُ دِماءَنا = كَيْ يَشْتَريْ عَرْشًا وَمُلْكًا مُنْتَهَبْ
لَنْ يَخْسَروا إِلّا قَصائِدَ رَثَّةً = مَسَحَتْ بَلاطَ الْقَصْرِ مِنْ أَجْلِ الذَّهَبْ
كَمْ مِنْ شَعاريرَ ارْتَمَوا في حِضْنِ مَنْ = مَنّاهُمُ، إِنْ يَمْدَحوا نَغْلًا، لَقَبْ
كَمْ مِنْ مَرابِدَ جِئْتُها مُسْتَبْشِرًا = فَصُعِقْتُ إِذْ بِالشِّعْرِ أَمْسى دونَ أَبْ
وَعَلى مَوائِدِهِ اللِّئامُ تَقاسَموا = ميراثَهُ غَصْبًا وَما لَهُمُ نَسَبْ
أَنِزارُ، قُمْ وَاكْتُبْ خِتامَ قَصيدَتي = بِيَدي، مِنَ الْأَهْوالِ، يَرْتَجِفُ الْقَصَبْ
أَنَاْ لا يُطاوِعُني الْيَراعُ إِذا بَكى = قَلْبي، وَأَمْلى الرّوحُ: قَدْ ماتَ الْعَرَبْ!