قصيدة ألقيت في منبج في مهرجان عمر ٱبو ريشة
هذه القصيدة أُلقيتْ في أمسية شعرية
ضمن مهرجان الشاعر عمر أبو ريشة
في منبج , وذلك في بدايات الثورة
والحراك الثوري في منبج .
صوتٌ كقميص يوسف
مهداة إلى روح الشاعر الكبير
عمر أبو ريشة
ضبحاً على الأفقِ تعدو الخيلُ إذ عبرُوا
أم أنَّ دفـقَ رعـــــــــــافِ الغيمِ ينهمرُ
أم أنَّـهُ حلُــمٌ يجتاحُني فـــــــــــــأرى
في دفترِ الغيبِ ما ألقـاهُ يـــا قـــــــدرُ
مـرُّوا علـى الجرحِ أشـــــلائي مبعثرةٌ
على رصيفِ الــــدُّجى والمـاءُ ينحسرُ
مـرُّوا وكـــانَ خــــــريرُ الوقتِ يدفعُني
حتَّى أخيطَ جــراحي وهــــي تنشطرُ
مــرُّوا هنــاكَ ســـــراعاً ينتشون منىً
وكنتَ أوَّلَهــــم فــي الصفِّ يـــــا عمرُ
تشدو فيعبرُ صــــــــــوتٌ منكَ أحسبُهُ
قميصَ يوسُـــفَ إن مــا خــانني البصرُ
تأتي كمـا الرِّيـــحِ في غُلوائها عصفَتْ
تهزُّ عــرشَ طغـــــــاةِ الأرضِ إذ فَجَرُوا
يا أمَّتي " لا يُـلام الذِّئبُ " فــــاعتبري
إذا رأيتِ رعــاةَ القومِ قــد غـــــــــدرُوا
هتفْتَ بالظلم ... كــم مـن تافـهٍ صنمٍ
أطعمتَه للهيبِ الحـــــــــــــرفِ ينصهرُ
كســرْتَ طغيانَهم بالحـقِّ ... جامِحـَــةٌ
تلك القوافـي الَّتي بالحـــــــــقِّ تنتصرُ
بنَوا علـى جُـرُفٍ هــــــــارٍ فأوردَهـــــم
دارَ الهـلاكِ فــــلا ثابـُــــــــوا ولا اعتبرُوا
وقـد بنيتَ فأعليتَ البنــــاءَ فـــــــــذي
حـــــــروفُكَ الشُّمُّ أقمـارٌ , وهــم قُبِرُوا
كـانــوا كأزهـدِ أهــــلِ الأرضِ في وطنٍ
دراهــــماً أبخسـوهُ الحــــــقَّ و ائتمرُوا
لا القـدسُ تدري بمـا قــــــد خبؤُوه ولا
تـدري فلسطينُ منْ قــــد بــاعَ يا عمرُ
كـم صرخـــةٍ عبَرَتْ في الأفقِ تلفحُهم
بنارِهـا وهُـمُ بالجُبنِ قــــــد ســـــكِرُوا
لا نخوةٌ حـرَّكتْ فـــــي القلب معتصماً
ولا تطايرَ مـن ألحــــاظِهم حـــــــــــذرُ
أردْتَهــا أمّـةً للمجدِ ســــــــــــــــابقةً
تسمو فيُعْشِبُ فـي أعتـابِهـــــا الظَّفرُ
مازال صوتُكَ عبرَ الأفـــــــــــقِ منطلقاً
لهُ علـى كلِّ نجمٍ في الدُّنـى أثــــــــرُ
وقفتَ فـي "كــاجُــرَاو" الهند تقــــرؤُه
مستلهماً يـدَ من صـاغـُـــوهُ واستترُوا
تدنو تصوِّرُ آفـاقــاً بعــالمــِـــــــــــــــهِ
تجسُّ جــدرانـَـهُ .... لـــو ينطِقُ الحجرُ
حتَّى المنـابرُ مـذ غــادرْتَ ســـــدرتَها
محزونـةُ القلبِ لا غصنٌ ولا ثمــــــــــرُ
عشْتَ الصَّبـابـةَ دفَّـاقَ المنــــــى ألِقاً
ففي ريـاضِـكَ غنَّـى الطَّيرُ والزَّهــــــــرُ
حملْتَ في قلبِكَ العشَّاقَ أغنيــــــــــةً
صلَّى بمحرابِها في عــودِهِ الوتــــــــــرُ
سكبْتَ مـن نبعِها تسقـي مــــــودّتهم
فـأينعتْ في روابـــــــــــي قلبِك السُّورُ
أصغــــي إليكَ مـواجـيدي تشتِّتُنــــــي
خلفَ الضِّفـــــــافِ فتُدْنِينِي لك الصُّـــورُ
حملي ثقيلٌ فـــلا أكتـافـــــيَ احتملتْ
حمَّى البـلاءِ ولا أصحـــــــابيَ اصطبروا
قصدْتُ بابَـــك محمــــومَ الفــــؤادِ فهل
تدري المسافــاتُ مــا يسقينيَ السفرُ
أسندتُ خـدِّي فللأشواقِ ســطوتُهــــا
إذا استفــــاقَ على أطـلالهـــــا الشَّررُ
أطلـقْ يـديَّ وهاتِ الكــــأسَ طــــافحةً
إنِّـي علــى الجبهة السَّمراءِ أنكـــــسرُ
حملتُ منبجَ في قلبي أصـوغُ بهــــــــا
لحنَ الحيـاةِ قنـاديــــــــــلاً لمـن عبرُوا
ورحتُ أستقرئُ التاريــخَ كــــــــــم كبدٍ
صاحـــــتْ بإسمِكَ حـــــدَّ القهرِ تُعتَصَرُ
ملَّـــتْ مـراكبيَ الطُّوفـــــــانَ فانتفضتْ
تعـانـِــــــدُ الموجَ والجـــــــــوديُّ ينتظرُ
حتى اســتوتْ عندَ بــابِ الدَّارِ ســـاكنةً
يضمُّهــا بالأمـــــــانِ الدَّوحُ والشَّـــــجرُ
فــــاجنحْ إليها وصــافحْها فمـــا عـرفَتْ
إلاك إلاك وســــــــــــطَ الجمعِ يــا عمرُ
وسوم: العدد 723