خبيثُ الدَّاءِ هادٍ في البَلاءِ=بِمنزلةِ النُّجومِ مِنَ السَّماءِ
حَكيمٌ صامِتٌ، خِلْناهُ قَبْلاً=عَدُوًّا قاتِلاً لِلأبرياءِ
أتاني حِينَ كنتُ أظنُّ نَفْسي=بِمَنْأىً عَنْ أحابيلِ العَياءِ
وأنَّ السُّقْمَ عَنْ سُبُلي بَعيدٌ=ولَمْ أحْسَبْهُ مُنتَصِبًا إزائي
عَلِمتُ اليومَ أنّي كُنْتُ غِـرًّا=وأنّي كُنتُ مغـرورَ ادِّعاءِ
فهذا سَيّدُ الأدواءِ عِندي=يُعلّمُني ويَسْخرُ مِن غَبائي
يُحايلُني ليسكنَ فـي عُروقي=ويَغْدو- دونَ إذنٍ- رِدائي
* * *=* * *
رأيْتُ بِنورِهِ الآمالَ تَخْبو=ويأذَنُ كُلُّ حُلْمٍ بانقِضاءِ
فهَيْهاتَ الأماني إنْ أتانا=نَذيرُ الدّاءِ ينعِقُ بالفَناءِ
وما الدُّنيا بِعَيْنِ المَرْءِ إنْ لَمْ=يَكَنْ لِلْمَرْءِ فيها مِنْ ثَـــواءِ؟
* * *=* * *
رأيتُ بِنورِهِ الأصْحابَ وَهْمًا=قليلٌ مَنْ تَحلَّى بالوَفاءِ
سَمِعْتُ حديثَهمْ نَغَمًا سَعيدًا=كَأنَّ اللهَ أكْرمَهمْ بِدائي!
ومنهمْ مَـــنْ تَوارى عَنْ طريقي=كأنّي سَوْفَ أسألُهُ عَطائي
تنكّرَ للجميلِ، وكَمْ جَميلٍ=يُعاتبُهُ على كُفْرِ الحِباءِ!
ومِنْهمْ ذائِعٌ خَبَـرًا بأنّي=غَدًا أوْ بَعْدَهُ يُقضى ذِمائي
وأبْقى لَوْ أرادَ اللهُ دَهْرًا=ويسبِقني إلى دارِ البَقاءِ
وما زالَ السُّؤالُ يهِدُّ نَفْسي:=أحَقًّا كنتُ في وُجُرِ الضّـِراءِ؟!
وفاءُ الصَّحبِ في الأدْواءِ سَلْوى=تَبُزُّ بِأُنسِها خَيْرَ الـدّواءِ
* * *=* * *
سُكارى في دُروبِ العُمرِ نمشي=وكلُّ دُروبِـنا رُسُلُ القَضاءِ