يا بلادَ الخوفِ والموتِ سلاما = مِنْ صَغِيرٍ تحتَ أنقاضٍ تسامى
مُوتُهُ أهْدى إلى اللهِ نقاءً، = رغْمَ قَهْرٍ قدْ تَرَى الحلمَ تنامى
يُرْسلُ الحبَّ رسُولاً مُسْتجيراً، = هلْ سَمِعْتَ القتْلَ يُزْكِينا احتراما
نحنُ شَعْبٌ يَرْضعُ الذلَّ حَليباً، = يُبْدعُ الزيْفَ على العيْشِ وساما
يَلْبَسُ الخِزْيَ على اللمْحِ قناعاً، = يَجْعلُ العَاهِرَ للنبْلِ إماما
يَبْلغُ التَّاجَ على الأشْلاءِ غرٌّ، = يُغْلقُ الأبْوابَ في وجهٍ زماما
يَعْبدُ الوهْمَ على تكْفيرِ ديْنٍ، = في اللحى يَبْرعُ قانوناً نِظاما
ومنَ العهْرِ يَصُكُّ العدْلَ جرْماً، = ويبيعُ الحقَّ نُخَساً لا ذماما
نحنُ قومٌ قدْ تَربَّى في خُنُوعٍ، = عاشَ للأرذالِ يَغْتَابُ الكِراما
يُسحلُ الحرُّ بأوثاقٍ مُهاناً، = في عَرينِ الغاصبين الظلمُ ناما
يا بلادَ العُرْبِ قومي منْ ثُباتٍ، = قبْلَكَ التاريخُ في الإسلامِ قاما
كيفَ في الأهْوالِ يُبْقينا أماناً، = نحنُ قدْ تُهْنا على الصدْقِ حَراما
واعْترينا صهوةَ الجيْفِ حصاناً، = وركبْنا جُرْحَنا حينَ استقاما
وولدْنا، خصْيتاهُ وَجْهُ قذف = حَبْلُ سرٍّ منْ تناسانا رغاما
يا بلادَ الكُفْرِ والذنْبِ كفانا، = نشْرعُ القتْلَ، وننْساقُ غُلاما
فانْشُري الحبَّ إلى الكُونِ سبيلاً، = نورُكِ الإيمانُ، وعْدٌ لنْ يضاما
فَهُنا مَجْزرةٌ في أهْلِ بيتي، = وهُنا سِجْنٌ سيبْقينا ظلاما
وهُنا قُوتٌ، يَليطُ اللصُّ فيهِ، = ينْكَحُ العجْزَ، ويبْتاعُ العظاما
في شآمِ العزِّ يَخْتالُ وضيعٌ، = يذبحُ الأطْفالَ، يَغْتالُ اليماما
في عِراقِ الخيْرِ آلافُ جِيَاعٍ، = وفراتُ الغدْقِ يَنْثَالُ سِقاما
وفلسْطينُ تُنادي تحتَ نارٍ، = داسَها الخنْزيرُ تدنيساً، وداما
يَمَنُ الحُزْنِ إذا كانَ سعيداً، = تاهَ في الموتِ، يلاقينا خِصاما
شاربُ النفْطِ بشيطانٍ تكنَّى، = حينَ آنَ الحقُّ، قدْ خانَ السلاما
سارقُ الحكْمِ بأنذالٍ تقوَّى، = بائعُ الأرضَ سيلْتاعُ الخزامى
يسْحلُ الشَّعبَ بتقْتيلٍ وقتْرٍ، = يجلسُ العرشَ على موتٍ صِراما
ويدورُ العرْفُ في حقدٍ وجهْلٍ، = يصمتُ الصدقُ هزيلاً لا كلاما
نلتقي ثانيةً خلفَ حدودٍ، = في مكانٍ يلعنُ الضَّنْكُ الخياما
وصُحونُ الهونِ ملهاةُ فتاتٍ، = وطريقُ الملتقى صارَ الفطاما
يرسلُ المجهولُ فينا ذكرياتٍ، = وطغى القتْلُ بتلويحٍ خِتاما
في زمانٍ أغْبرٍ أبْلى سقوطاً، = إنْ تجلَّى يصرعُ الكلبُ الهماما