وزمانًـا به جميلُ السَّجايا + لم تُكَدِّرْهُ فتنةٌ عمياءُ
ما تولَّى عن التُّقاةِ الرجاءُ = وهو الوعدُ ماقلاهُ الوفاءُ
أجزلَ اللهُ في النَّوائبِ أجرًا = فالرزايا للمسلمين ابتلاءُ
ويُثابون ماتشبَّثَ منهم = في خضمِّ المهالكِ الفضلاءُ
فهُمُ العصبةُ التي ما تخلَّتْ = عن هُداها ، وللهُدى أعداءُ
أو تَوانتْ ، والحقدُ يحملُه الشَّرُّ . = . ويعنو لبأسِه الجبناءُ
فهي الدرعُ إن رمانا عدوٌّ = وبنوها الأفذاذُ والنُّجباءُ
وَهُمُ الموفونَ العهودَ ، وخانت = مقتضاها ونهجَها السُّفهاءُ
وهُمُ الخيرةُ ـ الذين اصطفاهم = بارئُ العالمين ـ والأُمناءُ
وإليهم ترنو البريَّةُ شوقًا = إن عراها ممَّـنْ بغوا إيذاءُ
وعليهم تبكي وتحزنُ أرضٌ = يومَ غابتْ وجوهُهُم وسماءُ
تلكَ أوفى شهادةٍ لم تلُكْهَا = فتنةٌ أغرتْ أهلَها الأهواءُ
أشرقتْ بالوضوءِ والصَّلواتِ الأوجُهُ . = . المسفراتُ حيثُ الضياءُ
وسواهم لايملكون عزاءً = أو يُحابي طاغوتَهم شُفعاءُ
إنَّها أُمَّتي تعانقُ مجدًا = صاغَ زهوَ ابتهاجِه العظماءُ
مجدُها الشامخُ الوريفُ ابتسامٌ = إنْ على جَفنِها اكفهرَ البلاءُ
إنَّه المجدُ لايُواريه ظلمٌ = أو يُعَرِّي مجدَ الحنيفِ عَناءُ
فهو العزُّ والمروءةُ ركنٌ = والرواياتُ والمتونُ الوِضاءُ
وهو الإرثُ ذاعَ في حقبِ الدَّهرِ . = . ولا تطمسُ العلى أنباءُ
ماعلى الأرضِ مثلُه من بقايا = غيرَ مايعتلي التبارَ الهَباءُ
أَوَتَشْقَى و وجهُهُ النَّضْرُ باقٍ = وَهْيَ فيه المختارةُ الزَّهراءُ
مجدُ جندِ العقيدةِ اليومَ نادى = فاستجابتْ لفضلِه الأكفياءُ
ضـجَّ وَهْجُ الصَّدى ، وردَّدَ تيهًـا = إذ تنادى أولئكَ الأغبياءُ
يكرهون الإسلامَ وَهْوَ خيرٌ = للبرايا و رحمةٌ و وِقاءُ
بئسَ تلك النفوسُ أقلقَها الخيرُ . = . تُزَجِّيه النعماءُ والآلاءُ
ملَّت الأُمَّةُ الكريمةُ ثوبَ الوهنِ . = . عانتْ خِذلانَه الأصفياءُ
من ضياعٍ و خيبةٍ وانهزام = واعوجاجٍ بئسَ اليدُ الرعناءُ
نفضَ الناسُ عنهُمُ الكربَ ، واشتاقتْ . = . قلوبٌ و دوَّت الأصداءُ
وتنادوا يجدِّدون هُداهم = إذ تجلَّتْ بالرِّفعةِ الغرَّاءُ
سورٌ في القرآنِ تُتلَى فيصحو = مَن وعاهـا ، وتُخبتُ الأحناءُ
حيثُ لاتملكُ المكانةَ إلا = ماحبتْها بـه المثاني الوِضاءُ
فهيَ المزْنُ والأضالعُ ظمأى = وبأحنائها القلوبُ الظماءُ
وهو المجدُ حولهـا إذْ يُنادي = لتهبَّ الأرواحُ ، نعمَ النداءُ
فالمخازي ترنَّحتْ مجفلاتٍ =وبدفنِ اربدادِها الإحياءُ
كم بسفسافِها أضاعتْ شبابا = فتردَّى مع الشبابِ الإباءُ !
لن تُوَارِي فُتُوَّةُ المجدِ ريحٌ = هيَّجتْها الأوزارُ والإغواءُ
إنَّـه مجـدُ أُمَّـةٍ ليس يفنَى = فجناحاهُ همَّــةٌ و ارتقاءُ
والتوابيتُ تحملُ البهرجَ الزَّيفَ . = . الموشَّى ، مصيرُه الإفناءُ
وسيبقى مجدُ الحنيفِ منيفًـا = خالدًا لن يضرَّه الإزراءُ
فله يرهبُ العدوُّ ويعنو = مُسْتَذَلا ، وتنحني الكبرياءُ
قد أتاهُ الجهادُ والدِّينُ يُفدَى = فَتُثارُ الوغى ، ويعلو اللواءُ
هو مجدٌ لأمَّتي لن يُوارى = قد تولاَّهُ أهلُه الأولياءُ
صنَعَتْهُ الفرسانُ بالقيمِ الزُّهرِ . = . فنعمتْ صناعةٌ لا تُســاءُ
بكتِ الأرضُ فَقْدَه ، واستجابتْ = لأساها على الرجالِ السَّماءُ
فهو الخيرُ للأنامِ إذا ما = أمعنتْ بالمرابعِ البأساءُ
فيه أمنٌ ورحمةٌ لشعوبٍ = أنهكتْها الأهوالُ والأرزاءُ
وسلامٌ ، ما أعظمَ المجدَ إنْ مـا = هبَّ للسلمِ صحبُه الأقوياءُ
مجدُنا الفارعُ البسيمُ تثنَّتْ = تحتَ ظلِّ اخضرارِه الغبراءُ
هو يحنو على الشعوبِ كأرضٍ = حينَ تَسقي أرجاءَها الوطفاءُ
قلْ لِمَنْ جافى رفعةَ المجدِ مهلا = لن تقرَّ العيونُ ، فالنأيُ داءُ
يَزْعُمُ المفلسونَ أنًّ رقيًّـا = أنجزتْهُ الحضارةُ العجفاءُ
فأُصيبوا بخيبةٍ إذ رؤاهم = بعثرتْها البصيرةُ الرمداءُ
وَسَفَتْها الأحداثُ يأسًا مُدَمَّى = وهوانًـا ، وللهوانِ انكفاءُ
أرجِعوها يا أيُّها المرجفونَ اليومَ . = . أفنى شؤمَ الضَّلالِ العفاءُ
أَهَجَرْتُم كنوزَنا ، وركضتُم = خلفَ مَن سوَّقَتْهُمُ البغضاءُ !
الهوى والأحزابُ والفسقُ والإلحادُ . = . جرَّتْكُم كفُّها الرعناءُ
فتهافَتْتُم كالفراشِ على الوهمِ . = . حيارى ، فَذِلَّةٌ و شقاءُ
يومَ أقحمتُمُ النفوسَ بأمرٍ = مالأَ الضَّنكُ أهلَه والهُراءُ
وَبَتَرْتُم جذورَ أُمَّـةِ مجدٍ = لم تبالوا كأنَّكم أعداءُ !
فأصابَ الهوانُ خطوتَكم أقعدَها . = . الوَهْنُ ، لم يُثِرْها انجلاءُ
مَنْ يَرُمْ نشوةَ السُّمُوِّ يجدْهـا = أُنُفًـا لاينالُها الجبناءُ
إذْ تعاموا ، فَكِبْرُهُم ليس يُجدي = فالمشينانِ كِبْرُهُم و الغباءُ
هؤلاءِ الأشرارُ ضلُّوا طريقًـا = فاسترَقتْهُمُ به الأهــواءُ
لم يذوقوا طعمَ الهناءِ بكأسٍ = ملأتْهُ الشَّريعةُ السَّمحاءُ
من سجايا الأبرارِ في كلِّ شأنٍ = دُنْيويِّ أو أُخرويٍّ فباؤوا :
بالأباطيلِ بئسَ والعَمَهِ المخزي . = . ومشبوبِ ماجناهُ الشَّقاءُ
أينَ هُـم من سعادةِ المسلمِ البَـرِّ . = . إذا ما تسامى العطاءُ
غدا العيدُ والمآثـــــــرُ كُثرٌ = حيثُ يُزْجَى للمسلمينَ الحِباءُ
كل عامٍ وأُمَّتي تتسامى = بالمثاني ، وللكروبِ انجلاءُ
ودويُّ التكبيرِ عَذْبٌ تدانى = لرضـا المدلجينَ يُذْكَى الهناءُ
والتسابيحُ جنَّــةُ العمرِ تُؤوي = صالحي القومِ ماعراهم عَفَاءُ
بارَكَ اللهُ سعيَهم وحباهم = بارئُ الخلقِ فاسْتُطيبَ الثَّنــاءُ
فاحتَسِبْهُمْ : خيرَ البريَّةِ ، فالأذكارُ ... = ... في حشرهم لهم شُفَعَاءُ
فصلاةٌ مقبولةٌ و صيامٌ = وزكاةٌ والحجُّ فيه النَّقــاءُ
إنَّه الإسلامُ العظيمُ ففتحٌ = حَمَلَتْهُ لأُمَّتي البُشَرَاءُ
هو باقٍ في كلِّ قلبٍ سليمٍ = جدَّدَ المجدَ نبضُه العدَّاءُ !
هو دين الرحمنِ جلَّ تعالى = ليس يجفوه في العصورِ الولاءُ
يتنادى الشبابُ حين ينادي = إنْ ألمَّتْ بالأُمَّـةِ الضَّرَّاءُ
فهو المأمنُ النَّديُّ لقومٍ = يحضِنُ الفخرُ زهوَه والرضاءُ
وهبوبُ الجِنانِ يحملُه الطيبُ . = . فتشتاقُه الصُّدورُ الظماءُ
قُلْ معي يا أخي به ، وترنَّمْ = قد أناختْ للنهضةِ الوجناءُ
وصهيلُ الخيولِ أصغى إليه = في ميادينِ شدوِه النُّصَراءُ
والرواياتُ والأماسي الخوالي = والحكايات والليلةُ القمراءُ
وحديثُ السُّمَّارِ يحفظُه السِّفرُ . = . ليبقى ، والربوةُ الفيحاءُ
آهِ بئسَ الهوانُ أطفأَ وقدًا = مذْ عرانا ، وماتَ فينا الحُداءُ
وانتحبنا على المآلِ المُدمَّى = وبكينا ، وليس يُجدي البكاءُ
قد خُذِلْنا ألستَ تسمعُ هزءًا = فضحتْنا بنشرِه الأنباءُ
واستباحت مُدَى العدوِّ صدورًا = فتحتْها ،واستُؤصلتْ أعضاءُ
أخذوها للبيعِ في سوقِ لؤمٍ = والشكاوى يُشينُها استهزاءُ
ذُبحَ الناسُ ، فالجوانحُ كلمى = وأسى القلبِ ماله إخفاءُ
لبني الإسلامِ المساكينِ ضيمٌ = دبَّجَتْـهُ الفضيحةُ النكراءُ
قد دهاهم خِذلانُهم وعراهم = ماعرا الراكنين يومَ أساؤوا
أَوَتَبْقَى الأيامُ فينا كما لو = سلبتْنا ثيابَها العلياءُ !
أَوَما للغدرِ المبيَّتِ يومٌ = يتفادى إيذاءَه النجباءُ !
عنفوانُ الطغاةِ شرٌّ قديمٌ = مستطيرٌ وكفُّه عمياءُ
أَوَترضاهُ أُمَّتي في ابتداءٍ = ويجافي يومَ الخلاصِ انتهاءُ !
هانَ في عصرِنا الرجالُ وأخوتْ = في الملماتِ نخوةٌ و فداءُ
وجفَتْهُم مآثرُ الصِّيدِ لمَّـا = لذوي المفترينَ كانَ الولاءُ
فهو المجدُ بالبطولةِ يربو = وأخو المجدِ أُفقُه الجوزاءُ
والمزايا ما أنكَرَتْهُ ، فسعيٌ = للمنيفاتِ هَمُّـه و ارتقاءُ
أمرعَ الخيرُ في يديْهِ وطافتْ = في روابي البلدانِ ريحٌ رُخاءُ
وعطاءاتُه الكريمةُ هلَّتْ = وَتَغَنَّتْ بجودِهـا الشُّعراءُ
وجنتْها خلفَ البحارِ شعوبٌ = أنهكَ الضَّنكُ سعيَها والعناءُ
فهي الدعوةُ العظيمةُ مُدَّتْ = من ورا الغيبِ كفُّهـا البيضاءُ
مالها عن أهلِ الشقاءِ صدودٌ = وعن الخلقِ مالهــا إغضاءُ
ومآتيه منحةٌ يومَ أخوى = من طعامٍ بالمملقين الوعاءُ
ذاك مجدي وهذه أمنياتي = ناصعاتٌ والصَّفحةُ العصماءُ
وإلى فيضِها العميمِ أيادٍ = قَصَدَتْها فدفْقُه النعماءُ
وهو الأمسُ ماتناسى بيانا = فيه إيثارُهم وفيه الإخاءُ
هـم نشيدُ الخلودِ فيه حُنُوٌّ = ليس يبلى ورحمةٌ ومضاءُ
فيه قومي الأباةُ سامهُمُ الضَّيمُ . = . ولكنْ تُسْتَرجَعُ الأفياءُ
عشتُ أشجى ممَّـا أصابَ بلادي = فبنوهـا ـ لِمَن يرى ـ أشلاءُ
وتداعتْ فوقَ الخُدودِ دموعٌ =وأُريقتْ على ثراها دماءُ
وتوارتْ بَسْماتُ قومٍ لخطبٍ =ضُعضعَ الأُنسُ ـ إذ عرا ـ والهناءُ
وكواهمْ تَفَجُّعٌ و إياسٌ = حفَّهُم فيهما الأسى و الجفاءُ
ليس من ناصرٍ ولا من معينٍ = حين أشفى على الهلاكِ الوفاءُ
الأعادي و الشَّانئون وحوشٌ = مَقَتَتْهُمْ في عصرِنا الغبراءُ
وهي الأُمَّةُ الكريمةُ تأبى = أن تُذلَّ الفيحاءُ والشَّهباءُ
ربما قلبُها الجريحُ يعاني = ورباها تسومُهـا الضَّرَّاءُ
فاقرؤوا التاريخَ المجيدَ تُجِبْ يا = أيُّها الناسُ نُبذةٌ حسناءُ
عن مزايا أَثَارَةٍ من فصولٍ = كتبَتْهـا الشآمُ والزوراءُ
لن تُلامَ الشعوبُ أبكى مآقيها . = . فراقٌ لدينِنا وانزواءُ
أَوَتَنْسَى مجدًا يفيضُ نعيمًـا = و مقاما ماسامه إزراءُ !
فالمآتي قطوفُها دانياتٌ = يانعاتٌ والأُلفةُ الزهراءُ
أذهلَتْها الخطوبُ تعصفُ نارًا = فدمارٌ ديارُهـا واكتواءُ
عـزَّ أن تُبصرَ النهارَ جميلا = أو يرى وجهكَ البشوشَ لقاءُ !
قد تطيبُ الأيامُ بئسَ التَّولِّي = عن طُمَأنينةٍ حباها الإياءُ
هي ما أبقتْ للهناءة وجهًـا = حيثُ روادُها هـمُ السُّفهاءُ
ساقهم إبليسُ اللعينُ ففيها = منكراتٌ في سوقِها الإغواءُ
والمغاني وشأنُها في عُلُوٍّ = فشذاها جاءت به الأنبياءُ
يهمعُ الأُنسُ باليقين وفيها = يتجلَّى مع اليقينِ الرُّواءُ
وهتافٌ يكادُ يمطرُ تيهًـا = حيثُ تربو العزيمةُ القعساءُ
هكذا لم أزلْ أتوقُ ليومٍ = ليس يعرو انبلاجَه إزراءُ
فأرى فيه نُصرةً من إلهي = وعليها ترنَّـحَ الأشقياءُ