يا دارُ يا دارُ ماذا عنكِ يا دارُ=أما لَنا منكِ أخبارٌ أيا دارُ!
طالتْ نَوانا، ويأبى الظلمُ عودَتنا=وما تزالينَ ملءَ العينِ يا دارُ
في كلِّ ثانيةٍ نهفو إلى نبأٍ=ألمْ يئنْ أنْ يُغذَّى السَّمعُ يا دارُ!
فلا تَضِنّي ولو همسًا، ولو عرَضًا=بما يبلُّ لهيفَ الشَّوقِ يا دارُ
فهل تُراكِ كما كُنَّا، وكنتِ لنا=أمْ هلْ غَزَتْكِ جيوشُ الحقدِ يا دارُ!
مهما اغتربنا فإنَّ العهدَ متَّصلٌ=أن ليسَ ننسى جلالَ العهدِ يا دارُ
كم ذا أحِنُّ إلى ما فيكِ من حجرٍ=ومن ورودٍ، ومن غرسٍ أيا دارُ!
أبوابُكِ الخضرُ هل ما زِلنَ مشرعةً=لكلِّ ضيفٍ غريبِ الدَّارِ يا دارُ!
وهل أرائكُنا البيضاءُ في لهفٍ=إلى الصِّحابِ، وجارِ الجنبِ يا دارُ!
وهل تُرى شجراتُ اللوزِ باسقةً=وهل كساها ربيعُ الحسنِ يا دارُ!
وهل تُراها كما كانت تدلِّلُنا=بما تجودُ من اللوْزاتِ يا دارُ
وكيفَ تينتُنا الخضراءُ هل بقيتْ=تعطي سخاءً أحبَّ التِّينِ يا دارُ!
وهل تدَّلتْ بما قد طابَ من ثَمرٍ=تلك الغصونُ كما نهوى أيا دارُ!
وهل عرائشُنا ما زالَ موسمُها=يجودُ بالعنبِ الأشهى أيا دارُ!
وكيفَ عِطرُ ورودٍ كنتُ أحضُنها =فينعِشُ النفسَ إمَّا فاحَ يا دارُ!
ما لذَّ سمعي سوى أنسامِ ما زرعتْ=كفَّايَ في الرَّوضةِ الغنَّاءِ يا دارُ
وبركةُ الماءِ ملهى للصِّغارِ فهلْ=تضِجُّ من لهْوِهمْ فيها أيا دارُ!
يا دارُ طيفُكِ في عينيَّ يُبهِجُها=كأنَّها لا ترى إلاكِ يا دارُ
يا دارُ يا دارُ ما لي عنكِ تسليةٌ=إلا بتقبيليَ الجُدرانَ يا دارُ
يا دارُ يا دارُ حرُّ الشَّوقِ ذوَّبني=فهل إليكِ معادٌ أيُّها الدَّارُ!
قولي بألفِ لسانٍ مثلما هَتَفَتْ=روحي بحبِّكِ: أنتِ الأصلُ يا دارُ
وكلُّ سوريَّتي دارٌ أحنُّ لها=فكيفَ حالُ أحبَّائي أيا دارُ!
والأصلُ أنتِ، ولا نرجو به بدلاً=ولو رَجعنا رُفاتًا أيُّها الدَّارُ
* * *=* * *
ترابُ أجدادِنا يا دارُ يلعنُنا=إن لم تكوني لنا الأغلى أيا دارُ
ثرى جدودي ألا ما كانَ أطيَبَهُ=فطيبُه طيبُ أجدادي أيا دارُ
وأينَ مثلُ جدودي في الأنامِ، وهل=أعطتْ جدودٌ كما أعطوْا أيا دارُ!
عاشوا وماتوا كرامًا كي نكونَ لهمْ=كما تمنّوا حُماةَ الحقِّ يا دارُ
تنمو من الجذرِ أغصانٌ تباركُه=ونحنُ نحنُ فروعُ الجذرِ يا دارُ
يا دارُ يا دارُ ما لي منك منقلبٌ=إلا إليكِ عسى يُرضيكِ يا دارُ!
ماذا وماذا من الأخبارِ يا دارُ=وألفُ ماذا عن الأحبابِ يا دارُ؟
وكيفَ جيرانُنا يا دارُ هل قُصِفوا؟=أم شُرِّدوا مثلَنا في الأرضِ يا دارُ!
وهلْ يهزُّ أذانُ الفجرِ بلدَتَنـا=فيُهرعونَ إلى الطاعاتِ يا دارُ!
وهلْ تلمُّ رجالَ الحيِّ جُمعتُنا=ويخطبُ النَّاسَ أتقى النَّاسِ يا دارُ!
وهل يُصافحُ كلٌّ أهلِ بلدتِهِ=مستبشرينَ بوجهِ العيدِ يا دارُ!
وأينَ أينَ ودمعُ العينِ يخنقني=فلا أُطيقُ سؤالاً بعدُ يا دارُ
وفي فؤادي ألوفٌ من تساؤلِه=عن كلِّ شيءٍ طُردنا عنهُ يا دارُ
يا دارُ يا دارُ حبٌّ فيكِ يجمعُنا=وحسبُنا اللهُ مما كانَ يا دارُ
18/9/2017م=