سَمْرَاءُ
أَنَا السَّمْرَاءُ أَلْفُ قَصِيْدَةٍ، وَالجُّرْحُ أَسْمَائِي.
أَنَا العَطْشَى بِأَرْضِ فُرَاتِنَا سَأَصِيْحُ،
فُوْقَ رِمَالِهِمْ مَائِي.
أَنَا القُدْسُ العَتِيْقَةُ، مِنْ دَمِي سَكِرُوْا،
تُرَابُ دِمَشْقَ مَشْكَاتِي وَفيْحَائِي.
أَنَا بَغْدَادُ مِنْ وَجَعي أُعَانِقُكُمْ،
أَضِمُّ جِرَاحَنَا الأُخْرَى عَلَى رِئَتِي،
أُعَاتبُكُمْ أَحِبَّائِي.
أَنَا صَنْعَاءُ أَمْشِي، لَا هُدَىً يُهْدِي،
طَرِيْقِي لُبَّ نِيْرَانٍ، وَعُنْوَانِي بِأَعْدَائِي.
أَنَا العَرَبِيَّةُ السَّمْرَاءُ، وَالخِصْيَانُ مُوْطِنُكُمْ،
كَرِيْمَتُكُمْ عَلَى الهَتْكِ المُبَاحِ رَخِيْصَةٌ،
وَكِلَابُهُمْ قَدْ هَشَّمَتْ جَسَدِي وَأَثْدَائِي.
دِمَشْقُ حَمَامَةُ الإِشْرَاقِ يَا أَنْتُمْ،
تَرَكْتُمْ نُوْرَهَا يَخْبُو،
جَلَسْتُمْ رَبْوَةَ الشَّهْوَانِ،
فِي الظُّلُمَاتِ مَارَسْتُمْ بَغَايَاكُمْ،
وَنِمْتُمْ قَبْلَ إِرْضَائِي.
وَبَلَّلْتُمْ سَرَاوِيْلاً، تَغَوَّطَ فُوْقُكُمْ صُعْلُوْكُهُمْ،
بَعْدَ الإِهَانَةِ صَاحَ فَارِسُكُمْ بِأَلْسِنَةِ الإِشَارَةِ،
خَلْفَ بَابٍ عُمْقَ ظَلْمَاءِ.
هِيَ الأَغْلَالُ فِي لُغَةِ التَّسَاقُطِ حَرْفُ خَرْسَاءِ.
أَنَا الوَعْدُ الأَخِيْرُ أُغُوْرُ فِي دَمِكُمْ،
وَأَنْفَاسُ المَجَاعَةِ قَلْبُ أَبْنَائِي.
غَدَرْتُمْ بِالحَقِيْقَةِ قَبْلَ أَلْفِ وِلَادَةٍ،
وَالحُلْمُ مَرَّاتٍ يُنَادِي الصِّدْقَ فِي غَمٍّ،
يُقِيِّدُ صُوْتَ أَصْدَائِي. تَعَرْبَشَ سُمُّكُمْ سِمَتِي، وَأَنْتُمْ لِلْمَهَانَةِ مُلْهِمٌ،
سِيْفُ الصَّدِيْدِ يَغِزُّ أَحْشَائِي.
يُقَطّعُ جِثّتِي مَدَداً لِأَمْوَاتٍ وَأَحْيَاءِ.
بِلَادُ المُوْتِ وَالتَّشْرِيْدِ حِيْنَ تَكَاثَرَتْ
صِفَةُ الخِيَانَةِ بِيْنَكُمْ،
حَتَّى غَدَتْ سُفُنُ النَّجَاةِ قَفَارَ صَحْرَاءِ.
أَنَا السَّمْرَاءُ يَا وَطَنَ العَذَابِ، أَنَا الأَصِيْلَةُ،
مُهْرَةُ النُّبْلِ الشَّرِيْفَةُ،
وَالبَغَاةُ تُهَتِّكُ العُذْرِيَّةَ الشِّيْمَاءَ،
تَفْسَخُ طُهْرَ عَذْرَاءِ. أَنَا المَنْسِيَّةُ العُنْوَانِ فِي وَجَعِ الدُّعَاءِ عَلَى دَفَاتِرِكُمْ،
أَنَا سَطْرُ المَحَبَّةِ،
كِيْفَ نَعْتَمِرُ الخَسَاسَةَ تَاجَنَا،
وَالحَقُّ إِغْرَائِي.
تُقِيُّدُنِي أَسَاوِرُهُمْ،
جَنَازِيْرُ البَلَاهَةِ فِي سُجُوْنِ القَمْعِ
فِي صَفَدٍ وَرِتْقٍ وَانْتِمَاءِ هَوِيَّةٍ، يَا جُرْحَنَا الرَّعَّافَ لَسْتَ مُكَلَّلاً دَائِي. بَكَارَتُكُمْ طَرِيْقُ الخُنْثِ وَالأَشْرَارِ
يَا صُحُفَ الرَّقِيْقِ مِنَ الرَّقِيْعِ،
يُسَلِّطُ المَجْنُوْنُ فَاقَتَهُ عَلَى سُدَرِ الرُّؤَى،
يَلِدُ المَمَاسِيْخَ الصَّغِيْرَةَ وَالكَبِيرَةَ فِي نِدَاءِ وُجُوْدِنَا،
وَيَبِيْضُ أَشْلَائِي.
أَنَا المُشْتَاقَةُ الصُّغْرَى عَلَى دَرْبِ الضِّيَاعِ،
تُنَاشِدُ التَّارِيْخَ فَاطِمَتِي،
تُحَطّمُنَا البَقَايَا وَالنَّوَايَا والخَطَايَا والزَّرَايَا،
وَالغَرَائِبُ فِي رَجِيْمٍ بَاهِتٍ،
وَالرُّوْحُ عَاشِقَةٌ بِلَا هَدَفٍ
سِوَىْ أَحْلَامِ أَشْلائِي.
تَمِرُّ دَقَائِقِي عِبَراً، طَرِيْقُ الخِيْرِ جَامِدَةٌ،
كَأَنَّ الصَّدْعَ فِي الأَجْسَادِ يُغْرِيْهَا،
تَفَتَّقُ مِنْ أَكَامِيْمِ الحَيَاةِ بِرَغْبَةٍ دَفَنَتْ بِإِيْوَائِي.
أُصَارِحُهَا بِقِلَّةِ حِيْلَتِي، إِنَّ الوِلَادَةَ هَمْزَةٌ،
وَلَجَتْ أَنِيْنَ الجُّوْعِ،
بَاعَتْ فِي الكِتَابِ مَخَالِبِي،
أَبْقَتْ هَزِيْلَ الحِبْرِ إِمْضَائِي.
أُعَانِقُ ظِلَّهَا النِّسْبِيَّ فِي وَجْهِي،
فَتَحْبَلُ شَجْرَةُ (الزَّقّوْمِ) أَطْرِحَةً،
هُنَا البُسَطَاءُ عَجْزٌ فِي رَغِيْفِ الذُّلِّ،
تِلْكَ حَقِيْقَتِي، نَطَقَتْ ثُغُوْرِي تِيْهَ إِغْمَائِي.
أَنَا السَّمْرَاءُ فِي خَرْقِ الرِّسَالَةِ أَرْغَمُوْنِي،
أَلْبِسُ الجَّدْبَ المُغَطّى تِبْرَ تَأْتَائِي.
سَلَاماً مِنْ شَهِيْدٍ،
يَا بِلَادَ المِلْحِ وِالإِنْعَاشِ،
يَا بَلَدَ الكَرَامَةِ وَالبُكَاءِ،
تَزَاحَمَ المَسْعُوْرُ فِي دُمَلِي،
وَنَامَ الغِرُّ فُوْقَ نَثِيْرِأَجْزَائِي.
أَنَا السَّمْرَاءُ كُلُّ حَقِيْقَةٍ،
وَالأَرْضُ أَعْضَائِي.
وسوم: العدد 743