من المتنبّي وإليه
الإرب: الحاجة. قاصد: قريب.
لأنَّ ليالينا مواضٍ عوائدُ=تقرِّبُنا من إربنا(1) وتُباعدُ
وأنَّ أمانينا تظلُّ عزيزةً=علينا فنشقى إثرها ونُكابد
وتطردُنا حيناً فيشتدُّ حبُّها=ونُغرَى بها مهما نأتْ ونطارِد
وقد تسكنُ النعماءُ فيما نخافُه=وتسكنُ في غُرِّ الرِّغابِ الشدائد
ورُبَّ دمارٍ صابَ أرضاً وإنَّه=لأخرى نعيمٌ غِيظ منه الحواسد
"بذا قضت الأيام ما بين أهلها=مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائد"
علينا الرضا في الحالتين فرَبُّنا=رحيم لمن يرضى وعونٌ وحامد
لنا مقصدٌ فيما نُريد ونتّقي=ولله - جلَّ اللهُ - فيها مقاصد
وحكمته حيناً تكون جليّةً=وحيناً تَخفَّى والسنون شواهد
* * *=* * *
وقد تصبحُ الأوهام للمرءِ منيةً=تُراوِدُه عن نفسه ويُراود
وأكثرُ أوهامِ الفتى مقتلٌ له=ويحسَبها النُّعمى وهنَّ أساود
"ومن يجعلِ الأوهام بازاً لصيده"=يكنْ وهو مصيودٌ وهنَّ الصوائد
* * *=* * *
ومن رحمة العلّام بالناس أنّه=هداهمْ إلى النجدين والحق قاصد(2)
وأعطاهمُ - وهو الحكيمُ - اختيارَهم=فثمّةَ مهديٌّ وثمّةَ شارد
"وكلٌّ يرى طُرْقَ الشجاعةِ والندى=ولكنَّ طبع النفسِ للنفسِ قائد"