مهما على وجعٍ غفَتْ عيناكا=و تكالبت طمعًا عليكَ عِداكا
مهما أحسّوا الضّعفَ منكَ خليقةً=ستظلُّ مهيوبًا لمَنْ عاداكا
لكَ عزَةٌ قعساءُ يشهدُ عزَّها=مَن عاشَ في شرفٍ و مَنْ والاكا
تبقى السّماءَ كريمةً بعطائها=و نجومُها فخرًا تموتُ فداكا
يا ابن العُصورِ على العصورِ مليكُها=لم تُثنِكَ الآلامُ عن مسعاكا
جبلٌ أشمُّ يغارُ منكَ و يتّقي=إن رامَ يومًا أنْ يحدَّ عُلاكا
تأتي و مَنْ لم يأتِ جاءكَ طائعًا=أممٌ بعزِّكَ تكتفي و نُهاكا
تاجُ الأباطرةِ الملوكِ و فخرُها=الكلُّ يسعى أن ينالَ رضاكا
وُلِدَتْ بأرضِكَ نعمةٌ و حضارةٌ=حتّى كأنّكَ تُرضِعُ الأفلاكا
بكَ هذه الدّنيا تعيدُ شبابَها=و المجدُ ينهلُ ما سقتهُ يداكا
مَن يقهرِ الآلامَ يأمَنْ مكرَها=لتظلَّ قدوةَ مَن يؤمُّ رُباكا
أنتَ النهارُ و كم يعمُّ ضياؤهُ=و الّليلُ شمسُ ضحًى يجوبُ سماكا
إنْ ظنَّتِ الأعداءُ يومًا أنّها=سَلَبتكَ مجدَكَ لن يموتَ ضُحاكا
يا أيُّها الوطنُ العظيمُ بأهلهِ=أنتَ الحضارةُ و السما سُكناكا
حتّى الدهورُ مع الدّهورِ تخاصَمَتْ=كي تستضيفَ مع الوجودِ عُلاكا
إن باتَ شعبُكَ للتشرُّدِ لقمةً=فسُمومُهُ قَتَلَتْ جميعَ عداكا
يا ويلهم مِن غضبَةٍ يصحو بها=شعبُ الحضارةِ يستعيدُ لِواكا
مهما أطالَ الّليلُ ظلمةَ لُؤمِهِ=لا بدَّ يومًا أنْ يشعَّ سناكا
ليعودَ مِن بعدِ الفراقِ أحبّةٌ=كبلابلٍ تُغرِّدُ في جميلِ هواكا