يا أيُّها الخمسُ والسبعونيَ اتَّئدي=أما خجلتِ لِـمَا شاهدْتِ من جَلَديْ!
عُمْرٌ تقضَّى على ما كِدتُ ألمَسُهُ=وكلَّ آنٍ أراهُ باتَ مُلكَ يدي
أسعى إليهِ بجدٍّ زانَهُ شمَمٌ=ولا أبالي بتسهيدٍ، ولا رَغَدِ
ضدَّانِ في السَّعيِ، إقدامي ومطمحُهُ=هذا يكرُّ، وهذا جِدُّ مُبْتَعِدِ
ولمْ يكُنْ كلُّ ما عانيتُ مُجتهِدًا=يوهي عزيمةَ إصراري، ومُجتَهَدي
ضدَّان عشتُ صراعًا بينَ خُلفهِما=وظلَّ بأسي ــ على الإخفاقِ ــ مُعتَمَدي
إذا الليالي صَفَتْ لي ساعةً عَرَضًا=فَكَيْ تُقيمَ سِهامَ السُّهدِ في كبدي!
إنْ أظمأتني رأتني عاشقًا ظمأي=والجوعُ منها أراهُ العزمَ في جسدي
وإن تُهادِنْ أرتني شرَّ مُنقَلَبٍ=ألقاهُ منتصِبًا لي في انبلاجِ غدي
وعشتُ ما عشتُ لم أحفَلْ بمكرتِها=وكمْ صَمَدْتُ ولمْ يشكُ الونى عضُدي!
عمرٌ بريءٌ وما أحلاهُ من عُمُرٍ=رغمَ الشَّقاءِ الذي يُنسيهِ مُعتقدي!*
يا أيُّها الخمسُ والسَّبعونَ يا عُمُرًا =أبلى غرائبَ ما في العصرِ من فنَدِ
في كلِّ آنٍ جديدٌ من عجائبِهِ=وما أرانا سوى الطُّغيانِ في الجُدُدِ
وكلُّ آنٍ صراعاتٌ بلا سببٍ=سوى الأخسِّ من الإجرامِ، والحسَدِ
هيهاتَ تلقى بهِ ما عزَّ من قيمٍ=أو أنْ ترى فيه غيرَ البؤسِ، والنَّكَدِ!
الحقُّ أغفلَ أهلوهُ مكانتَهم =فسادَ بالبطشِ والإفسادِ كلُّ ردي
والظُّلمُ أسسَ بالإفسادِ سلطَتَهُ=فأزهقَتْ روحَ ما في الكونِ من رَشَدِ
ومنْ يُرجَّى لنصرِ الحقِّ ضلَّ، ومنْ=لمْ يضللِ اللهُ عاشَ العُمرَ في كَمَدِ
هيهاتَ أنْ سادَ إلا كلُّ ذي سَفَهٍ=فما ترى غيرَ مُختلٍّ، ومُفْتَئدِ
سيلٌ طمى عالَـمًا قد ضلَّ خالِقَهُ=فما علاهُ سوى ما خفَّ من زَبَدِ
هذا هو العصرُ، هذا ما أرادَ له=من كانَ يُرجى لعزِّ النَّاسِ للأبدِ
هذا هو العصرُ يَفنيه تصارُعُهُ=فصارَ بيتًا بلا أُسٍّ، ولا عُمُدِ
حسبي بأنّي لم أساهمْ في تصارُعِهِ=ولمْ أُعِرْ أهلَهُ صوتي، ولا عضُدي
وما سعيتُ لغيرِ الحقِّ أُنشِدُهُ=والمخلصونَ لهُ روحي، ومُلكُ يدي
وسوفَ يبقى لأجيالٍ نؤمِّلهَا=ما كنتُ أوثرُ من عودٍ إلى الرَّشَدِ
وحسبُ عُمري شقاءٌ عشتُهُ أملاً=وما اتجهتُ لغيرِ الواحدِ الأحدِ