إني أرى للشعر وردا واحدا= جادت به الأيام عند الجدول
فالشاعر الملتاع أغرى بالهوى= كل النفوس على ورود المنهل
لكنه يبقى على ظمإ ولا= يرويه إلا فرحة المتأمل
عشق الهروب إلى الخيال ولم يزل= يهوى الضياع بغابة لم تؤهل
هو في الحياة خيوط حب كامن= بين الظلام وبين فجر مقبل
روح تهيم على المدى في جنبها= رفض ٌ يبدد واقعا لم يُقبل
أرسى من الفكر الجديد قواعدا= كالنور بين جوانب المستقبل
يصف الدواء لمن يداوي جرحه= وهو الجريح بنار حب يغتلي
قبس على الأيام يحرق نفسه= ليضيئ درب العاشق المتوغل
أزجى إلى الحرف الحياة وإنه= لولاه ذاك الحرف لم يتأول
نظم الكلام بفنه وبروحه= كاللؤلؤ المكنون لم يتبدل
هو في حياة القوم رمز ظاهر= صقل الحياة به ولما يصقل
لكنه المهموم دوما لا يرى= دون الهموم سعادة لم تبذل
هو في المعاني فارس مستبسل= أنعم به من فارس مستبسل
بلسانه حق يحارب باطلا= بالشعر قد هدمت صروح الباطل
فهو المنار لكل حق ضائع= ومنابر ضاءت بنور مشاعل
هو شاعر الله أرهف حسه= فإذا به رمز تبدى من عل
فالحق إن الحق لفتة شاعر= بذل الحياة لصوته لم يبخل
والصدق إن الصدق سمت حديثه= وهو المبرز في الغرام الأمثل
تخذ الغرام لذاته رمزا وكم= أرساه معنى في المسار الأفضل
أمضى ليالي العمر ينبدب حظه= ويصوغه شعر يضيئ كمشعل
حب بذات فؤاده أودى به= هجر ليحرق ذاته كالمرجل
وكذا الزمان بحلوه وبمره= يبقى ضنينا لا يجود بمامل
غدر الصحاب به وإن وفاءه= أنقى مثالا من وفاء سموءل