سلمان: اختاره الله إلى جواره فنال الشهادة التي كان يتمناها
***
***
***
***
***
في سرِّه غنَّى نشيدَ الظَّفر= وسار للفوز ولم ينتظر
لا الصحبُ يدرون الذي يبتغي= ولا ذووه عرفوا ما ضمر
سرى كضوءِ البدر في أفقه= لم يثنهِ عبر الطريق الخطر
ولم يزل في دربه ماضياً= يغالبُ الأهوال حتى عبر
رأى ظلام الليل في عسفه= يكاد يصمي القلب بعد البصر
فلم يطق صبراً على ظلمه= فاقتحم الهولَ بيومٍ عسر
فكانَ ناراً محرقاً للعدا==ومِشعلاً يهدي لنيل الظفر
قد نال ما يرجوه من مقعدٍ= عند مليكٍ عادلٍ مقتدر
وجاور الأحباب في جنَّةٍ= لا يُعرف البؤس بها والضرر
هناك حيث الصحب من ياسرٍ= إلى خبيبٍ والبدور الغُرر
حيث نعيمُ القلب لا ينتهي= والظلُّ فيها دائم والثمر
شتان ما بين شهيدٍ ثوى= في جنة الفردوس أحلى مقر
وبين من يحيا بدنيا الأسى= يجري وراء الوهم في المنحدر
يشكو إلى أعدائه همه= ويرتجي منهم عطاءً وبرّ
حيران لا يرتاح في حالةٍ= ظمآن يستجدي ذئاب البشر
يا من رآه في نعيم الصبا= غضَّ الإهاب طاهراً كالزهر
لم يعرف الأيام في طبعها= ولا رأى النعمى بها والكدر
وما جنى من روضها زهرةً=ولا قضى بعدُ بها من وطر
يحسبه الناظر طيفاً ولا= يلمح في عينيه غير الخفر
يراهُ في لينٍ وفي رقةٍ= مثل نسيم عابر في السحر
لكنه يحملُ في صدره= قلباً جريئاً باللظى يستعر
كالماء في اللين ولكنه= يحطمُ الصخر إذا ما انحدر
كالريح إن لانَ فنفحُ الشذا= وإن قسا فعاصفٌ أو سعر
يُرى مع الأصحاب في ذلةٍ= لكنه حربٌ على من كفر
لا تحـزنــوا إن ضمّـه قبـره= فإنّـــه حـيّ بـه مسـتتـرْ
مستبشـر بالفضـل مـن ربــه= مرتقــب أصحـابـه منتظـرْ
ذو فـرح بالـرزق يأتـي لــه= وبالنعيـم الخالـص المستمــرْ
لكنمـا الحـزن علـى من ثـوى=في الكرب والآلام بيـن الجـدرْ
يقضـي الليالـي لا يـرى ليلـة= يـرتاح فيها من عنـاء السفـرْ
لا تحزنوا إن غـاب عنّـا فمـا= غـاب، ولكن صار بـدراً أغـر
أقمـارنا في الأفـق لا تنتهـي=مهما طغى الليـل ومهمـا فَجـَرْ
إن غاب بدر في رياض الثـرى= لاحـت على الأفـق بدور أُخـرْ
حتى ينير الفجرُ آفاقنا= ويهنأ القلبُ بيوم الظفر
ويومها نرتاح في ظله= وينتهي عهدُ الظلام الأشر
إني أرى الصبح بدا أمرهُ= على حواشي الأفق مثل الشرر
كأنه البشرى لجند الهدى= وللعبيد السود أولى النذر
الليلُ مهما اشتد إظلامهُ= في أفقنا لا بدَّ أن يندحر
والنور مهما حاولوا طمسه=أو أسره لا بد أن ينتصر