فلسطين تخسر صحابييها....الجزأين الأول و الثاني....!!
ملاحظة :"'نشرت في اواسط ال٢٠١٧ ، وللاهمية نعيد نشرها '" ونهديها لارواح كل كبارنا الذين فقدناهم وخسرناهم.... يكثر الموت في هذه اﻻيام في مخيمات وتجمعات لبنان ؛ انه الموت ، كما في باقي مناطق لبنان ؛ فانه يداهم البيوت خبط عشواء ودونما سابق انذار طبعا ﻻن الموت حق كما الساعة حق ؛ لكن المحزن والمؤسف الذي كثير منا ﻻ يﻻحظه او لم يتنبه له هو موت الكبار ، اي موت صحابيي فلسطين ؛ نعم هم صحابيو فلسطين الذين ولدوا فيها ونشأوا النشأة الاولى او ربما شب الكثير منهم فيها قبل ان يغادروها قسرا ﻻ طواعية من امرهم ؛ والمحزن اﻻكبر ان جزءا من هؤﻻء الصحابيين هم من الفئة اﻻهم من شعبنا الفلسطيني ؛ هم من فئة المعلمين ؛ ليس بالضرورة المتعلمين ؛ رغم ان كل المعلمين متعلمين ؛ لكنهم اكثر من ذلك فانهم معلمي ومربيي اﻻجيال من اجل ذلك فان خسارتنا لهم تكون مضاعفة ﻻننا نخسرهم نحن كشعب فلسطيني ونخسرهم نحن كاجيال تربينا وتتلمذنا على ايديهم كما تخسرهم فلسطين التي ولدوا فيها وهجروا منها رغم تعلقهم فيها تعلق الصحبة اﻻوفياء لمريدهم الحنون الأبي الأمين.
تخسر فلسطين صحابييها الذين استطيع ان اذكر بعض اﻻسماء التي خسرتهم فلسطين خﻻل العقد اﻻخير من عمرنا وآمل اﻻ اكون نسيت احدا لكن على سبيل المثال ﻻ الحصر فقد خسرت فلسطين مع حفظ اﻻلقاب لمعلمينا ومربينا اﻻفاضل الذكور (( حيث ان هناك العشرات من المربيات ؛ اﻻخوات واﻻمهات ؛ قد خسرناهن ايضا) المرحومين يوسف القط ونبهان عبد العال وعلي حسن و كامل عوض و مصطفى زيد و كانت خسرت فلسطين حسن جوهر و محمود خليل و احمد ابو داهش و يونس و كايد و سليمان و علي بركة و معين شبايطة و ابو باسل ايوب وابو عيسى حجير و نمر صنع الله ومحمد طه ويونس والفهد ورباح و فخري زعيتر ونايف موسى و ابراهيم قاسم والزغلول والفرماوي والشاذلي وقدورة والعاصي وسليمان زمزم واليماني وعشرات غيرهم من كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان لم استطع ان اتذكر اكثرهم للاسف ﻻن الذاكرة الشفهية تخون مرات ومرات ؛ و ليس آخرهم فقد خسرت فلسطين صحابيها المربي الفاضل العزيز الصديق ابو هاني خالد الخطيب.
لم استطع ان اتمالك دمعتين و وردة ذرفتهما على خدي حين قرأت خبر وفاة زميلنا الغالي فقيدنا الصديق ابو هاني على صفحات الاعﻻم واﻻعﻻن وتذكرت نفس الدمعتين التي ذرفتهما على صديقي المرحوم ابو عيسى ححير وعلى مربيي اﻻجيال احمد ابو داهش ويوسف القط وعلي بركة و على بقية مربينا اﻻفاضل رحمهم الله اجمعين .
ابو هاني ؛ رحمه الله ؛ ﻻ نرثيه بل نذكره بوقفاته الفلسطينية الحقة حين امتشق عصا يافطات التغيير ضد الظلم بانشائه هيئة العمل الشعبي الفلسطيني في عين الحلوة مع اخوة وناشطين آخرين ليؤكد على مطالب شعبنا المحقة بالعيش الكريم ؛ وبمواقف اخرى عبر عنها برفضه الظلم اﻻونرواتي بحق الموظفين في هذه المؤسسة الدولية التي اجحفت وقتها معاشات موظفيها فكان من اوائل من بادروا الى رفع يافطات الرفض لذلك الذل و الظلم والهوان.
اذكر ابا هاني المناضل المثابر الذي طالما عرفناه ورأيناه بالصف اﻻول من الرافضين ﻻي تقاعس بحق اي شريحة من شرائح شعبنا فكان متﻻزما معنا باتحاد الطﻻب اخا وابا وموجها ومرشدا.ابا هاني عرفناه حين عمل على انجاز كراس عن بلدته المناضلة ؛بلدة الزيب...وكان قد بادر لانجاز كتاب عن تاريخ وجغرافيا فلسطين من اجل ادراجه في مدارس اﻻونروا وان يوضع بين يدي طﻻب العلم عن فلسطين ؛ اﻻ ان يد اﻻفشال اوقفت انجازه ورفضت الفكرة وعطلت سير عمل اللجنة التي كانت تستعد للبدء بالمشروع ، الذي كان قد بدأ وميضه بفكرة من عند ابي هاني.
ابا هاني عرفناه حين رفض الظلم الذي استبد من خﻻل تصرفات ظالمة ومريبة ل((الشخص الظالم )) وقتها بحق اتحاد الطﻻب فقال له: ﻻ لظلمك البغيض بحق هذه الشريحة النقابية.
ابا هاني عرفناه سديد الرأي ؛ شديد المراس ؛ رعديد المواقف ، وكان ﻻ بد اﻻ ان يكون شهيد الواجب ؛ رغم وفاته بالمرض ﻻ بالرصاص ؛ وعلى الفراش ﻻ وراء المتراس ؛ فالله هو من يتقبل قرابين فلسطين وصحابييها ؛ ونقول نيابة عنه :كنت قد ناضلت في شتى ميادين النضال و طالتك اقﻻم الغدر بقراراتها الظالمة المجحفة التي حاولت ازهاق نضاﻻت عمرك الهني السعيد المكافح حتى توزعت احرف الظلم واﻻجحاف على كل جسدك لتنير قبرك الذي نثق كل اﻻعتقاد بقدرة الخالق ، تبارك وتعالى ، على ان قبرك سيكون روضة من رياض الجنة ؛ و ستطفىء باذن الله انواره الساطعة عيون المنافقين اﻻشرار وتعميها عن ظلم اﻻخيار؛ ونكمل عنك انك كنت قد تمنيت ؛ وعلى مسامعنا ، ان تستشهد في معركة على ثرى فلسطين كي تتبلسم جراح قلبك بالغار والزيتون و اليقطين الفلسطيني من أثار سيوف المتسلقين الوصوليين العابثين بشرائح شعبنا وبمصيرها ؛ وﻻ نقول بالنيابة عنك اﻻ الكلمة الخالدة المقدسة لسيف الله المسلول خالد بن الوليد ، والتي كنت دوما ترددها لنا وعلى مسمعنا : ﻻ نامت اعين الجبناء.. ﻻ نامت اعين الجبناء...ﻻ نامت اعين الجبناء... فنم قرير العين ورحمك الله و حشرنا معك باذن الله في عليين مع اﻻنبياء و الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا....رحمك الله يا اخا اﻻبرار و خالد الثوار و رفيق المناضلين اﻻحرار..ولن نوفيك حقك حقا" وﻻ فعﻻ" ، ومهما كتبنا وسطرنا احرفا" وكلمات وجملا" وفقرات اﻻ اننا سنبقى معك ومع بقية صحابيي فلسطين مقصرون....!!! اخوتي في مخيمات وتجمعات لبنان ؛ قراء خاطرتي هذه ؛ لكم الحق بزيادة اسماء كل معلمينا ومربينا اﻻفاضل الذين خسرتهم فلسطين على درب التريية والتعليم واضافتهم هنا في قلب هذه الخاطرة ومشكورين قوﻻ و فعﻻ ....فالخسارة كبيرة والخاسر اﻻول نحن ابناء فلسطين...
المصيبة الكبرى في موت او وفاة او استشهاد الكبار هو الخسارة المعنوية و التراثية و فقدان الذاكرة الشفوية لشعبنا الفلسطيني وخسارة القدوة و القيادة ،فالكبار هم الارث والذاكرة اكثر من ان يكونوا الذكرى فقط ، فأين هو جدي و جدك و جدتي و جدتك؟ بل اين هو ابي وابوك و ابائنا وامهاتنا وجداتنا و جدودنا الذين خرجوا من فلسطين و كانوا صبية او شبابا او فتية او فتيات او حتى رجالا او نساءَ.... بل اين هم كقيادة و كقدوة ....لا ارغب بالدخول بالاسماء كما دخلت باسماء المعلمين الكرام رمزية لا حصرية طبعا.....لكن و اكيد ان كل مخيماتنا كان بها جدودنا الكبار و جداتنا الكبيرات ...او جدود و جدات لجيراننا و كان كل صغار الحي يسمعون كلمة كبير الحي و كبير القوم بل وكبير المخيم اجمع، الك كان يحترم و يوقر و يخاف و يهرب من ان يراه احد الرجال او حتى المعلمين عن بعد لا يقل عن خمسمائة متر ، وهو بالشارع (داير بعد العصر او قريب المغرب ) لماذا لا زلت خارج المنزل ....و....عقابه ان لم يكن بالمنزل يكون بالمدرسة لانه يجب ان يتربى ما يكون (داير بالشارع بلا سبب مقنع حتى لوجيه الحي او الحارة ...!!!
اين هي شجرات فلسطين العامرة التي غادرت الوطن بريعان شبابها لتقضي بقية العمر لاجئة ،تلك الشجرات الباسقات التي كانت تظللنا تحت اوراقها واغصانها و تغذينا من ثمارها الاخلاقية و الادبية و الدينية ؟؟ . اين هي تلك الزيتونات التي كانت شابة و عمرت خارج الوطن .انا لم اتمالك نفسي حين سمعت ان الحي الفلاني مختلفون اهله على ماذا؟؟!!! على شيء تافه وحين سأل احد الموجودين عما ان كان هناك من كبير بالقوم ليمنع حدوث اشكال قال لالالالا...وهذه مصيبة اخرى ....كبارنا يتوفون و( عقول الاطفال وربات الحجال يختلفون )...الحي الفلاني يطلق النار على حي اخر... والعائلة الكريمة الفلانية يخرج بين بين حمولات قبيلتها فرخ يطلق النار على فرخ اخر من عائلة كريمة اخرى...الا يوجد كبير من القوم يمنع الفرقة و يصلح ذات البين؟.... ان توفيت معمرة من قرية ما فإن كل شعبنا الفلسطيني هو الخاسر وان توفي معمر من بلدة اخرى فإن شرائح شعبنا الفلسطيني كافة هي الخاسرة ....من كل اللاجئين ، من كل بلدات و مدن و قرى فلسطين والذين يسكنون مخيمات و تجمعات اللجوء خسارتنا هي وفاة كبارنا خاصة ان لم نتعلم منهم الحلم و الاخلاق و المثل والقيم وبالاخص اكثر ان نسينا انهم هم قدوتنا و قادتنا قبل اي قدوة و قبل اي قائد...المنزل هو الاساس قبل ان يكون التنظيم و اللجنة و الحي و الشارع والحركة و الجبهة و الحراك و المؤسسة الخ....حتى قبل ان تكون المدرسة لان المنزل هو المدرسة الاولى .... وان الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا ...كما قال الشاعر ...بل ان ديننا ركز على الاخلاق العظيمة بقوله تعالى في القرأن المجيد (وانك لعلى خلق عظيم))).
مخيماتنا تخسر الكثير ، وان لم نستدرك حالنا واوضاعنا فان الخسارة الكبرى خلال السنوات القليلة المقبلة حيث سيتندر وجود كبير للقوم ( على الطريقة القديمة ) من ناحية الاخلاق و المثل و القدوة ....لا تجعلوا منافذ الشياطين تكثر او تتكاثر وتتوالد ، و لا تجعلوا منافذ الصلح و الخير تقل و تنضب او تجف ...لا تجعلوا اغصان الزيتون الفلسطينية تسقط من بين ايدينا لصالح العدو المتربص بنا باشكال عديدة ، لا تجعلوا الحراب ( قطع الطريق ) هي الحكم بيننا ....(خذ العفو و اامر بالعرف واعرض عن الجاهلين )، هذه واحد من عشرات المئات من الايات و مثيلها الاف من الاحاديث النبوية الشريفة التي تحض على البدء بالتي هي احسن ...خصوصا بين الاهل والاصحاب و الاقارب و بالاخص بين اصحاب مصيبة واحدة فالمصيبة تجمع بين اهلها ونحن اهل مصيبة منذ ما يزيد عن 70 عاما ....اليس كذلك؟؟؟!!
رحمك الله يا والدي دوما كنت تقول لنا ان حصلت معك اي مشكلة فالحق مع خصمك الا ان يتبين العكس او لحين ان يتبين لنا عكس ما تقوله ......ولتكن هذه الخاطرة دعوة و انطﻻقة لتوثيق سجل الخالدين من صحابيي فلسطين الذين فقدناهم على مر ال70 عاما مضوا...!!!هذا اولا اما ثانيا فاتمنى ان تكون هذه الخاطرة بداية لمبادرات مع انفسنا لنغير ما فيها ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) صدق الله العظيم ...
مع مودتي لكم ...واننا لمنتصرون.
وسوم: العدد 806