الطيرمة ( حكايات من المدينة المنورة )
بقلم : ناجي محمد حسن الأنصاري
مجموعة من الحكايات الشعبية ، تنقل جزءاً من تراث المدينة المنورة ، وهي في أصلها حكايات وعاها المؤلف عن جدته شفاهاً ! تلك الجدة التي تحولت إلى حاكية وساردة لنصوص مكتنزة بالمظاهر الاجتماعية والثقافية ، معبرة عن حياة المدينة في فترة ازدحم فيها كثير من المتغيرات ، ومرت بالعديد من التقلبات والتطورات !؟ فكانت هذه الحكايات بمنزلة الأوعية التاريخية الأمينة التي احتفطت لنا بذاكرة الفكر الجمعي بالمدينة الطاهرة ، وهيأت لنا منافذ صالحة نطل من خلالها على التاريخ والمجتمع ، وكل شؤون الحياة ، وهي تعود إلى نصف قرن من الزمان !( ربما أكثر ) - من المقدمة للدكتور محمد العيد الخطراوي -
مفتاح هذه الحكايات يكمن في العنوان ( الطيرمة ) وهو الاسم الذي يطلقه أهل المدينة على الموضع الصغير المسقوف الكائن فوق بيت الدرج ، ويستخدم في تخزين الحطب والفحم والمؤونة .
تبدأ هذه الحكايات بأن أحد الاحفاد أراد الزواج فلم يجد غرفة له ولعروسه ، فتنازلت الجدة عن غرفتها ، وأصرت أن تسكن في الطيرمة بعد تنطيفه وفرشه ، ووضعت أغراضها فيه ، وأصبح الجميع يسارعون إليه ليسمعوا حكاياتها الجميلة التي تتحفهم بها كل ليلة !
وقد ضمت هذه المجموعة إحدى عشرة حكاية تبعثها الجدة من خفايا الماضي الجميل ببداية تتشابة ب ( كان ياماكان !! ) وهي قصص لاتخلو من الخيال الشعبي ، فتكثر فيها المبالغات في تصوير الحدث لتشكل بذلك العقدة ، ثم يأتي الحل غالباً عن طريق المفاجآت ، وتكون النهابة سعيدة في غالب الأحيان !؟ وبالإجمال فإن الروح الحكائية التي يتداخل فيها السرد والحوار هي الغالبة على هذه القصص : إذ ينتصر الخير على الشر ، وتظهر عاقبة السلوك الحميد ، وتأتي الخاتمة في قالب يشعر بالسعادة ( وعاشوا في نبات وثبات وخلفوا الأولاد والبنات )
وأما لغتها فإنها تمزج مابين الفصحى الواضحة واللغة المحكية ، مع عامية تضم كثيراً من الألفاظ التي لها أصل فصيح ، وأشعار بالعامية المحلية !
وفي هذه القصص متعة يستمتع بها القارئ كما استمتع الأحفاد ، وهم يتابعون الجدة كل ليلة ، إلى أن حل بها المرض ، فأقعدها عن الحركة والكلام ، ولم يمض وقت طويل حتى توفاها الله ، وبات المكان الذي فيه الطيرمة أثراً بعد عين ، واتكأ على عرائش النسيان !! وهذه الحكايات تناسب محبي القصص الشعبي ، كما تناسب الدارسين الذين يهتمون بالموروث الشعبي
( النادي الأدبي - المدينة المنورة - ط١/ ١٤٢٢ )
وسوم: العدد 895