الحوار مع الغرب.. آلياته.. أهدافه.. دوافعه
المؤلف: منى أبو الفضل – أميمة عبود – سليمان الخطيب
ظهرت في الآونة الأخيرة صيحات من مؤسسات ثقافية غربية وشرقية تدعو للحوار مع الغرب، رداً على الدعوة التي فجرها صموئيل هنتنغتون حول صراع الحضارات، فجرى عديد من اللقاءات التي تنادي لحوار الحضارات والثقافات، لكن السؤال هنا، هل نمتلك آليات الحوار وأساليبه ووسائله وأدواته كالتي طورها الغرب بشكل مميز، وجعل منها مدارس كالتفاعلية والتأويلية والظواهرية، والتعبيرية والبرغماتية والفلسفية، بحيث أصبح للحوار تقنيات تكشف عن الخبوء الذي يكنه كل طرف نتيجة التراكم التراثي والمعرفي لديه؟ ونحن إن كنا لا بد منضوين في هذه الحوارات فعلينا إتقان هذه الأساليب في حواراتنا، مستندين إلى وعي من هويتنا وثقافتنا، وفي هذا الكتاب ثلاثة بحوث تقدم آراء في موضوع الحواء برؤية جديدة.
تتحدث د. منى أبو الفضل في البحث الأول عن النظرية الاجتماعية المعاصرة في أصول التنظير ودواعي البديل، فتقدم الأنساق المعيارية المتقابلة (النموذج الثقافي المتأرجح، والنموذج الثقافي الوسطي ومقولاته)، ثم تستعرض المقدمات الفلسفية لعلم الاجتماع المعاصر، وآليات الاستيعاب والتجاوز في الصراع الثقافي، حيث إن التفاعل بين الثقافات قد يفيد في القراءة النقدية للتراث الغربي من مصادره، ودور مسار الاحتكاك الغربي بين الشرق والغرب في عملية النهضة الأوروبية، ثم تختم بإطلالة من أفق الثقافة الوسطى.
أما في البحث الثاني فتقدم د. أمية عبود أسلوب الحوار من حيث دوافعه وأهدافه وشروطه وآلياته وأنماطه، فتعرف الحوار بأنه أحد الأساليب المستخدمة في أي خطاب إنساني، ويختلف عن غيره من الأساليب الأخرى كالمناظرة والجدل والنقد، من حيث ضرورة أن يكون هناك صلة بين الخطاب والخطابات الأخرى، ثم تقدم تعريفاً لمفهوم الحوار على المستويات المختلفة، وأنواعه، والفرق بينه وبين المناجاة، والعلاقة بين مكوناته (ملفوظ، وفهم أو تفسير، وسياق)، ثم توضح الأساليب المتداخلة مع أسلوب الحوار، كالاتصال الاجتماعي، والنقاش، والمحادثة والمجادلة، والمناظرة، والسرد أو الحكي، والتنازع أو التخاصم أو المثاقفة والتواصل.
وتعرض الكاتبة للسياقات المختلفة لأسلوب الحوار، حيث تتعرض لمفهوم الثقافة ومفهوم المؤسسات بالإضافة إلى علاقات القوة والسياق الاجتماعي والتاريخي.
وتختتم بحثها بتناول الإطار المفاهيمي للحوار وآليات تحليله في الخطاب في اتجاهاتها اللغوية، ثم موضوعات الحوار وأطرافه ونتائجه، وذلك بالإشارة إلى بعض النماذج الحوارية.
أما البحث الثالث للدكتور سليمان الخطيب فيدور حول أنماط انتقال الأفكار وآلياتها بين التفاعل والاستلاب، وهي دراسة حول العلاقة بين عالم الغرب وعالم المسلمين، حيث يشير إلى أن انتقال الأفكار باعتبار أن الفكر هو الخاصية التي تميز الإنسان عن باقي المخلوقات، ويساعد ذلك على نهوض الحياة الاجتماعية، محذراً من الأفكار التي تمت صياغتها في دوائر صنع القرار الغربية من أجل الترويج لها، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي بصفة عامة.
وينوه الكاتب إلى أنه ينبغي التفرقة بين جانبين من الحراك الفكري، وهما التفاعل الإيجابي الناجز الذي ينطلق في تعامله مع الثقافات الأخرى من خلال مرتكزات تشكل حقيقة الهوية والمرجعية العقدية، والثاني هو الاستلاب الفكري والانصهار الثقافي والذي يعني الترويج لثقافة مغايرة في إطار من الإحساس بالدونية، في الوقت الذي يغيب في هذا المنهج ثقافة الذات والفكر المعبر عن هوية المتلقي.