الطبالة الصغيرة
جون لوكاريه
في هذه الرواية بدأت صورة الفلسطينيين في التغير كثيراً في الأدب العالمي المكتوب قبلها، خاصة الروايات الواسعة الانتشار. وتدور الأحداث حول اثنين من الأشقاء ينضمان إلى منظمة فتح، ويعملان على قض مضاجع الإسرائيليين في العواصم الأوربية، فتقوم المخابرات الإسرائيلية "الموساد" بتجنيد ممثلة بريطانية شابة تدعى "تشارلي" لتوقع بأحد الشقيقين ليدل بعد ذلك على أخيه، ويتم تدريب الفتاة على أداء مهمتها، وتتعرف بالمناضل "خليل" الذي تسعى الموساد لاصطياده، وتقترب منه فتراه مسلماً طيباً، أمامه قضية مهمة في حياته هي قضية وطنه المغتصب، وتتوغل أكثر في حياته، ومن أجل أن يثبت لها صدق مشاعره، فإنه يرسلها إلى أسرته التي تقيم في مخيم عين الحلوة، وهناك تقابل تشارلي أهل الشاب، وترتبط بشقيقته فاطمة بصداقة، وترى كيف يعيش الفلسطينيون في ظروف شديدة القسوة، فهم قوم مسالمون بلا أرض ولا وطن، يعيشون على الكفاف في أقسى الظروف التي عرفها البشر.
ويصف الكاتب المخيم من خلال مشاهدات تشارلي التي صادقت الأطفال فيه ورأت في أعينهم البريئة، عيون خليل البريئة، فراحت تردد في داخلها: سوف يولد آلاف مثل خليل في المستقبل، وتلاحظ تشارلي مدى تمسك الفلسطينيين بقيمهم ودينهم.
وعندما تغادر المخيم عائدة إلى اليونان حيث ينتظرها خليل، تكتشف أنها كانت في منتهى القسوة حين سمحت لنفسها أن تتجسس على قوم أحبوها، وكانوا في منتهى الكرم معها، على الرغم من ظروفهم القاسية، وتكتشف أنها أحبت (خليل).
وتحكي الرواية أن الاستخبارات العسكرية كانت في إثرها وأن عناصرها تتبعوها إلى المنزل الذي يقيم فيه خليل، فيقتلونه أمام عينيها، ويقدمون لها مكافأتها إلا أنها ترفضها. ولا تتوقف عن البكاء لما سببته للشاب الفلسطيني لكنها ما تلبث أن تتذكر الأطفال الذين قابلتهم في المخيم، وتردد: إذا كانوا قد قتلوا خليلاً، فسوف يأتيهم ألف خليل!
كتبت هذه الرواية قبل الانتفاضة بنحو أربع سنوات، وتحولت إلى فيلم أمريكي من بطولة ديان كيتون. (صحيفة الجزيرة "السعودية – العدد 10955 – 19/7/1423) وقد سافر الكاتب إلى جنوب لبنان والتقى العديد من أبناء الشعب الفلسطيني ليتعرف بالهوية الفلسطينية عن قرب، كما سافر إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو من أشهر كتاب روايات التجسس في العالم، وأغلب رواياته تحول إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية، وعلى الرغم من أن هذه الرواية ذات أبعاد سياسية هادفة، وأن الكاتب حاول فضح أساليب الموساد في براعة، فإنها ذات بنية روائية متماسكة وأسلوب أخاذ، بحيث تبرز متعتها في قراءتها دفعة واحدة (المجلة العربية – العدد 256 – عبد الله أحمد الشباط).