بقلم أنور السادات
المؤلف: الدكتور خالد عزب، عمرو شلبي
الناشر: أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي
عدد الصفحات: 464
بقلم أنور السادات كتاب صادر حديثًا عن دار أطلس للنشر، من تأليف الدكتور خالد عزب والباحث عمرو شلبي، يتناول جانب جديد من حياة الرئيس الراحل محمد أنور السادات وهو السادات ككاتب صحفي فكثير من شباب مصر والأجيال الجديدة لا يعرفون السادات إلا رئيسًا، أما السادات الكاتب والأديب فشخصيته ما زالت في حاجة إلى الكشف عنها.
كتب السادات ما يزيد عن ألف مقال حتى عام ١٩٨١، وقصته مع الصحافة مثيرة، بدأت حين كان دون عمل، فاستغل طاقته في الكتابة لكسب العيش، واستمر في ذلك حتى بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952.
يقع الكتاب في 464 صفحة، في سبعة قصول؛ يتناول الفصل الأول السيرة الذاتية للرئيس أنور السادات تحت عنوان "قصة حياة" وفيها يركز المؤلفان على الجوانب التي أثرت شخصية السادات ككاتب صحفي ففي عام ١٩٤٦، وداخل سجن مصر بالقاهرة فكر أنور السادات مع زملائه المتهمين في قضية "اغتيال أمين عثمان"، أن يصدروا مجلتين أسبوعيتين تعلقان على حائط السجن تتضمنان الحوادث العامة، والتعليق عليها، ونقد المتهمين أنفسهم، والتعليق على ما يدور من حوادث داخل السجن وتحولت الفكرة إلى واقع عملي، فصدرت المجلة الأولى في ٢٣ أكتوبر ١٩٤٦ باسم "الهنكرة والمنكرة" وصدرت الثانية في ٢٦ أكتوبر ١٩٤٦ باسم "ذات التاج الأحمر". وخلال تواجده بالسجن قام بترجمة وتلخيص إحدى قصص الأديب الألماني ف. فون لمبورج "صوت الضمير" من الألمانية إلى العربية، ونشرت بعد ذلك في مجلة المصور، وكانت القصة تجسد صراع الخير والشر منذ بدء الخليقة.
في الفصل الثاني وتحت عنوان "أنور السادات صحفيًا" ركز المؤلفان على الشخصية الصحفية للسادات مرورًا بتجربة العمل الصحفي داخل السجن وهي تجربة تُعد عملاً محدودًا بالمقاييس المتعارف عليها في العمل الصحفي، إلا أن أهميتها تتضح في كونها تعكس بوضوح الاهتمامات الأولى لأنور السادات بالعمل الصحفي، واستعداده له.
كان هذا بداية ظهور موهبة السادات في العمل الصحفي ليعمل بعد ذلك في "دار الهلال" كاتبًا في مجلة "المصور" سنة ١٩٤٨ عقب الإفراج عنه مباشرة والحكم ببراءته في قضية اغتيال أمين عثمان. ولعمله بدار الهلال قصة يرويها أنور السادات في مذكراته مفادها أنه بعد خروجه من السجن ذهب إلى صديقه إحسان عبد القدوس ليبحث له عن عمل، وكان عبد القدوس يعمل وقتها في "روزاليوسف" و"دار الهلال" وصحيفة "الزمان"، وحدث أن استغنى إحسان عبد القدوس عن عمله في دار الهلال، فقدم أنور السادات لأصحاب المؤسسة –دار الهلال- فاشتروا منه مذكراته التي كتبها في السجن وبدأوا بنشرها تحت عنوان "٣٠ شهرًا فى السجن".
وكتبت المجلة في تقديم الحلقة الأولى من المذكرات:
«اليوزباشى محمد أنور السادات هو أحد المتهمين في قضية الاغتيالات السياسية مع حسين توفيق وحكم ببراءتهم وهو أقوى المتهمين شخصية وأكبرهم عمرًا وأكثرهم ثقافة وتجربة .. وكان قد عكف أيام سجنه على تدوين مذكرات تصور الحياة داخل السجن أصدق تصوير وهذا هو الفصل الأول من تلك المذكرات التي سنوالى نشرها تباعًا».
كانت الفترة التي عمل فيها أنور السادات بدار الهلال هي التجربة المهمة والأساسية التي استمد منها خبرة واسعة في مجال العمل الصحفي خاصة فيما يتعلق بإصدار الصحف الأسبوعية، ويشير أنور السادات نفسه إلى ذلك بقوله: «كنت أعمل صحفيًا في فترة من حياتى، كنت محررًا في دار الهلال وعرفت من تجربتي كيف تصدر الصحف الأسبوعية».
لذلك كان طبيعيًا أن تناط بأنور السادات بعد ٦ أشهر من قيام الثورة مسؤولية الصحافة وشؤون الرقابة، وهي أحد الأعمال التي أسندت إليه، إلى أن تولى بعد ذلك مسؤولية أول دار صحفية أنشأتها حكومة الثورة وهي «دار التحرير للطباعة والنشر»، وعنها صدرت أول صحيفة يومية وهي "الجمهورية" التي صدر العدد الأول منها في ٧ ديسمبر ١٩٥٣، وصدرت عنها كذلك "مجلة التحرير" الأسبوعية في أول يناير ١٩٥٤.
ظل أنور السادات طوال السنوات من ١٩٥٣ إلى ١٩٥٩ يشارك بقلمه في المعارك التي خاضتها الثورة، معبرًا عن رأي الثورة وموقفها تجاه كل ما واجهته من أحداث ووقائع، وأبرز ظاهرة تلفت النظر في كتابات أنور السادات الصحفية، أن هذه الكتابات شملت أنواعًا وأشكالاً عديدة، فإلى جانب العمود الصحفي والمقالات الافتتاحية؛ كتب السادات التحقيق الصحفي والقصص القصيرة ومختلف أنواع المقالات.
يستعرض المؤلفان أبرز الموضوعات والتحقيقات الصحفية التي نشرها السادات، ففي صحيفة "الجمهورية" كان يكتب عمود يومي ينشر بالصفحة الأولى تحت عنوان ثابت "رأي" والذي عبر فيه عن موقفه تجاه موضوعات مختلفة، نذكر منها: (أبطال آسيا في الثورة، وهزتني كلمة شيخ المخرجين، لوما سئل شاربت بالأمس، وعجب والله أمر هؤلاء الساسة الغربيين، وكلما استعرضت مفارقات السياسة الأمريكية، وتم بالأمس توقيع ميثاق الدفاع المشترك بين سوريا ومصر، وبريطانيا تريد توسيع نطاق الحلف البريطاني التركي العراقي، والخواجة ألفريد روبنس، وبن جوريون لم يخرق الهدنة، وإيدن يدعو روسيا إلى الانضمام إلى الاتفاق الثلاثي، والنيويورك تايمز تبكي على الاستعمار، ولم أتمالك نفسي من الضحك! ألا من كلمة حق تقال؟ يا أخا العرب، وأمريكا تريد الاحتفاظ بصداقتها بالغرب وإسرائيل، وحقًا إن شر البلية ما يضحك، وبالأمس سافر عبد الحكيم عامر، وما هي حكاية مستر جون فوستر، واجتمع إيدن ولويد وموليه وبينو، وحقًا يموت الاستعمار كما يموت الزمار).
وفي مجلة "التحرير" كان يكتب المقال الافتتاحي كل أسبوع، ومن عناوينه: (اتهام عزيز المصري بدس السم لنازلي، والصدفة التي جمعتنى بالمرحوم حسن البنا، وتشمبرلين يرسل برقية لإقالة علي ماهر!، وجمال عبد الناصر يرسم خطوط الثورة، وعزيز المصري يتوقع هزيمة رشيد عالي الكيلاني، وعلي جبل الشريف! وكيف أقيلت وزارة النحاس؟، كيف تحولت جماعة الإخوان المسلمين إلى حزب أرستقراطي؟، ومتى أصدر الهضيبي قراره بحل الإخوان؟، ومحطة إذاعة تحت أقدام الراقصات!).
أما بالنسبة للتقرير الصحفي فهناك بعض النماذج حيث كان يعرض لبعض ما يجرى من مناقشات في مجلس قيادة الثورة وجلسات المؤتمر المشترك، وكنموذج لمثل هذا ما كتبه السادات في فترة من أخطر الفترات التي مرت بها ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وذلك عندما حدث الصدام بين محمد نجيب وأعضاء مجلس قيادة الثورة وهو ما يعرف بـ "أزمة مارس"، والمناقشات التي دارت بين أعضاء مجلس قيادة الثورة واللواء نجيب والوزراء، وقد نشرت هذه المناقشات تحت عنوان رئيسي هو "خفايا وأسرار" اندرجت بعده عناوين أخرى جديرة بأن تثير انتباه القارئ منها: (جمال عبدالناصر يقترح إعادة دستور سنة ١٩٢٣، والسنهوري يقترح تكوين حزب سياسي برئاسة نجيب، ونجيب يطالب بانتخاب مباشر لرئاسة الجمهورية بشرط عدم ترشيح منافس ويعود إلى المطالبة بحق الاعتراض على قرارات مجلس الثورة والوزراء، ونجيب يطالب بتكوين مجلس جمهوري استشاري من ممثلي الأحزاب).
هناك نماذج كثيرة للمقالات التي أخذت شكل المذكرات أو الاعترافات، ومن بينها مذكراته التي قدمها تحت عنوان "يا ولدي" ونشرت على صفحات مجلة "التحرير" عام ١٩٥٧ تحت عنوان "مذكرات أنور السادات" واستغرق نشرها طوال الفترة من ١٩ مارس ١٩٥٧ إلى ١٠ سبتمبر من نفس العام، وكان يذكر في بداية كل فصل تلك العبارة الشهيرة: "لن تكون روايتي تاريخًا أو مذكرات إنما هي إحساس وانفعالات.. هي أقرب ما تكون إلى الذكريات منها إلى المذكرات"، ونشرت بعد ذلك مجمعة في كتاب بعنوان "يا ولدي هذا عمك جمال".
يتناول الفصل الثالث مجموعة من المقالات الهامة تحت عنوان "الإخوان المسلمين في مقالات أنور السادات"، ومن خلاله يستعرض المؤلفان مجموعة من أبرز المقالات التي نشرها السادات عن الإخوان المسلمين أبرزها: (نحن والإخوان المسلمون، وخفايا وأسرار كيف تحولت جماعة الإخوان المسلمين إلى حزب أرستقراطي، وقلت لنائب المرشد العام، والشعب والإخوان البطل تاجر الدين، والله معنا وليس مع الهضيبي، وكيف اعترف الهضيبي لستة من كبار الإخوان، والصدفة التي جمعتني بحسن البنا).
أما الفصل الرابع فهو يركز على ثورة 23 يوليو 1952 في كتابات أنور السادات من خلال مجموعة من المقالات أهمها: (جمال عبد الناصر يرسم خطوط الثورة، واللجان الخمس وحدها جمال عبد الناصر، ومن أجل هذا قامت الثورة، والقواعد التي قامت عليها حركة الأحرار، وذهب الملك تحيا القيادة، وهذه الثورة بخيرها وشرها، وأسباب حادث 4 فبراير، وموقف الأحزاب والإخوان من الثورة قبل عزل الملك).
أما الفصل الخامس فهو يستعرض مذكرات أنور السادات 30 شهرًا في السجن.
والفصل السادس "السادات أديبًا" يستعرض السادات الأديب والروائي، والقصة بقلم أنور السادات، ففي عام ١٩٥٤ نُشِرت للسادات قصة بعنوان "ليلة خسرها الشيطان"، كذلك أيضًا قصة "صراع الجزيرة"، التي لم تنشر حتى الآن وهي بحوزة السيدة جيهان السادات، وقد تمكن المؤلفان من الاطلاع عليها وقراءتها.
ويختتم المؤلفان الكتاب بفصل سابع شيق بعنوان "الأحداث الجارية في مقالات أنور السادات"، ويضم مجموعة من مقالات السادات التي نشرها في أحداث مختلفة منها: (نحن وأمريكا، ومن الذي يصنع سياسة واشنطن ولندن، وفار البحرين، والتفرقة سلاح الاستعمار، وماذا يريد العرب، ولعنة إسرائيل، وودنك منين يا جحا، وسكتناله دخل بحماره، ومعالم الطريق).
ذيل الكتاب بملحق وثائقي يضم مجموعة من الصور الخاصة بالرئيس أنور السادات في مشوار حياته، ومجموعة من المقالات النادرة بخط يده.